الرئيسة \  واحة اللقاء  \  ماذا ننتظر يا ترى وسوريا آخذة بالتمزق ؟!

ماذا ننتظر يا ترى وسوريا آخذة بالتمزق ؟!

16.06.2015
صالح القلاب



الرأي الاردنية
الاثنين 15/6/2015
 رغم انشغالات العرب الكثيرة والخطيرة فإنه لا عذر إطلاقاً في أن تتمزق سورية على هذا النحو بينما هم يتخذون موقف المتفرج ولا حول ولا قوة وكل هذا وهم يعرفون ويدركون أنَّ تشظي هذا البلد المحوري لن يؤثر على دول الجوار فقط وإنما على المنطقة العربية كلها فتأثير هذا الانهيار سيؤدي, إن لم يجر التصدي له وبسرعة وقبل فوات الأوان, إلى حالة كحالة تلاحق سقوط حجارة ال "دمينو" المعروفة التي تبدأ بالحجر الأولى وتنتهي بالأخيرة في تتابع متتال يستمر حتى النهاية.
كان العرب, القريبون والبعيدون, قد قصروا تقصيراً فادحاً عندما نأوا بأنفسهم عن العراق بعد احتلاله في عام 2003 فكانت إيران هي المستفيد من ذلك النأي بمسارعتها لملئ الفراغ تدريجياً إلى أن أصبحت تحتل هذا البلد العربي احتلالاً كاملاً وإلى أن غدا إخراجها منه يحتاج إلى جهد سنوات طويلة ويحتاج إلى موقف عربي موحد لأن المستهدف ليس الشعب العراقي فقط وإنما الأمة العربية كلها.
ما كان من الممكن أن تتمدد إيران كل هذا التمدد الاحتلالي لا في سورية ولا في اليمن ولا في لبنان لو لم يسكت العرب على تمددها في العراق واحتلاله على نحو ما هو الوضع عليه الآن فهذا السكوت أعتبره الإيرانيون عجزاً ف "تطالوا" أكثر من اللزوم وإلى حد أنهم باتوا يتحدثون عن تبعية أربع عواصم عربية هي بغداد ودمشق وبيروت وصنعاء للعاصمة الإيرانية طهران.
لقد سمع العرب كلهم أمس الأول نائب وزير الخارجية السوري فيصل المقداد وهو يتغنى باعتماد نظام بشار الأسد للاستمرار في ما يعتبره صموداً على الدعم الإيراني والقوات الإيرانية والمؤكد أن تصريحات الرئيس حسن روحاني التي قال فيها إن إيران ستبقى تدعم النظام السوري حتى النهاية لا تزال حية ولا تزال تتردد في كل الأرجاء العربية وحقيقة أن هذا الدعم الذي تحدثت طهران عنه أكثر من مرة هو دعم للمصالح الحيوية الإيرانية في هذا البلد وفي المنطقة العربية وليس لسورية ولا للنظام السوري.
إنَّ سورية أصبحت في طريقها إلى الانقسام والتشظي فبشار الأسد, رضوخاً لما تريده إيران ويصرُّ عليه المنتفعون المحيطون به, مُتمسِّك بكرسي الحكم حتى النهاية وذلك بينما الشعب السوري الذي فقد مئات الألوف من أبنائه والذي أصبحت كل مدنه وقراه وبلداته مدمرة لا يمكن أن يقبل بأي مساومة وأي حلٍّ يبقيان على هذا النظام مما يعني أن كل هذا الشد في اتجاهين متعاكسين سيؤدي إلى التقسيم وإلى ظهور الدويلة الطائفية التي يريدها الإيرانيون مكملة لدولة حزب الله وتمتد من دمشق إلى اللاذقية وتشمل كل لون حسن نصر الله الطائفي في لبنان.
وهكذا فإنه إن لم يكن هناك موقف عربي جدي ضاغط على إيران بإشغالها بحروب داخلية كالحروب التي أشغلت العرب بها في أصعب وأخطر مرحلة في تاريخهم المعاصر فإننا بالتأكيد سنصحو ذات يوم قريب على ظهور أكثر من دويلة سورية وإننا سنجد منطقتنا في النهاية وقد تحولت إلى لوحة فسيفسائية طائفية ومذهبية وهذا هو ما تريده إسرائيل وما بقيت تسعى إليه منذ قيامها وحتى الآن.