الرئيسة \  واحة اللقاء  \  ماذا وراء تهجم وزير الخارجية الإيراني على الدور التركي؟

ماذا وراء تهجم وزير الخارجية الإيراني على الدور التركي؟

19.08.2015
عبد الله الشمري



اليوم السعودية
الثلاثاء 18/8/2015
بعد نشره عدة مقالات في صحف إمريكية وعربية لتسويق الصورة الإيرانية الجديدة، جاء الدور على تركيا، فقد كتب وزير الخارجية الإيراني جواد ظريف في 11 أغسطس 2015 مقالاً في صحيفة "جمهورييت" اليسارية -وكان يفترض أن يتزامن نشر المقال مع زيارته لأنقرة -وهي زيارة تم تأجيلها لأسباب فنية أو سياسية، واللافت أن ظريف لم يختر أية صحيفة قريبة من الحكومة والحزب الحاكم بل اختار الصحيفة المحسوبة والمقربة من حزب الشعب الجمهوري المُعارض والعلماني، وهذا له دلالات أهمها، أن المقال كان هجومياً ضد الحكومة التركية وحتى الرئيس التركي، وثانياً أن إيران تستفيد جيداً من كل أحد وكل شىء في تركيا ومنها حيز حرية الصحافة والتى دخل منها ظريف بمقال لا يمكن تسميته إلا بمقال "مسموم وملغوم وشامت"، ويكفي أن الصحيفة استبقت المقال بيوم للتهيئة " للأسف، فبينما انفتحت إيران على العالم، فإن تركيا انغلقت على نفسها، وبينما أدت السياسة التركية الخاطئة إلى نكسة "أنقرة" في المنطقة، فقد برزت إيران في المقدمة.. وهكذا، وفي ظل هذه الأجواء، فسننشر مقالة الوزير ظريف، غداً. ودمتم جميعاً بخير"
بدأ الوزير الإيراني -والذي كان دبلوماسياً وتصالحياً -في مقالاته الموجهة للغرب والعرب بهجوم شرس وغير مسبوق على السياسات التركية، حيث قال: " بيد أن ما يسمى "بمشروع الشرق الأوسط الكبير" والذي يهدف إلى تغيير البنية الاجتماعية والسياسية للدول تحت مسمى "جلب الديمقراطية" هو من هيأ من الناحية النظرية، البنية التحتية للتدخلات العسكرية. وهذا المشروع الذي تمت مواجهته بمقاومة شديدة في المنطقة، لم يجلب سوى الفوضى وعدم الاستقرار على نطاق واسع. وواصل وزير الخارجية نقده المبطن قائلاً: " هؤلاء الذين وضعوا هذا المشروع غير الكفء، قيد التنفيذ، لا زالوا عاجزين عن فهم أمور هامة مثل أن استخدام القوة وممارسة الضغوط لن يجلب الديمقراطية للشعوب، وبأن الديمقراطية لا يمكن أن تُزرع في أرض محتلة من قبل جيوش. لقد ألحق هذا المشروع الخيالي، أثناء محاولة تنفيذه على أرض الواقع، من الأضرار والدمار بالمنطقة ".
وفيما يتعلق بسوريا، قال: " أثناء اندلاع الأزمة في سوريا، قامت المجموعات المتطرفة بفضل الدعم الذي حصلت عليه من الأفراد، والحكومات في المنطقة بتهيئة الأجواء واقتناص الفرصة المناسبة من خلال اختلاق قضية وكفاح كاذب، وقد كبرت ونمت هذه المجموعات إلى درجة أنها بدأت تناطح مؤسسيها ومن يدعمها وتشكل تهديداً عليهم . "
احتوت مقالة الوزير ظريف على رسائل نقدية أخرى للسياسة التركية مفادها أن مشروع الشرق الأوسط الكبير المبني على استخدام القوة والتدخلات في تغيير الأنظمة وتقديم تركيا وحكم حزب العدالة والتنمية كنموذج بديل للنظم الموجودة، قد أثبت فشله، وأن هذه التدخلات لم تنتج سوى حالة من عدم الاستقرار التي استفادت منها الجماعات المتطرفة ونمت على الفراغات والانهيارات التي حدثت في هذه الدول مُشيراً إلى الوضع في العراق عام 2003 والوضع في سوريا عام2011. حيث يقول ظريف فيما معناه: "إنه على تركيا أن تتقبل الخسارة وتعترف برفض المنطقة لهذا المشروع وأسلوبها في الحكم وأن تضع سياسة جديدة كي تستطيع التعايش مع جيرانها في المنطقة وحماية مصالحها وأمنها".
مقال ظريف هو جزء من حملة إعلامية إيرانية ضد تركيا، بدأت فور توقيع "الاتفاق النووي" حيث باتت طهران في موقع المهاجم القوي والذي يُقدم رؤيته للمنطقة ويحدد أدوار الدول فيها (بما فيها دور تركيا )، لأن طهران تشعر أنها هي المتحكم الأقوى على الأرض عسكرياً وسياسياً ولأن خياراتها أصبحت مُتعددة.
الانتقاد الباطني غير الظريف من ظريف للحكومة التركية قوبل بصمت رسمي مطبق، وهذا قد يعكس موقف تركيا الدفاعي الضعيف تجاه طهران وهي تعلم أن إيران تستعد للعب دور غير مسبوق في المنطقة كدولة ليست مارقة أو معزولة ولكن كدولة أعادت اندماجها بالمجتمع الدولي.