الرئيسة \  واحة اللقاء  \  ماذا يخطّط بلير ضد’دول الخليج العربي؟

ماذا يخطّط بلير ضد’دول الخليج العربي؟

26.04.2014
رأي القدس
رأي القدس


القدس العربي
الجمعة 25/4/2014
ذكرت دراسة نشرت امس الخميس ان بريطانيا صرفت ما يعادل 58 مليار دولار على العمليات العسكرية منذ الحرب الباردة. الجزء الأكبر من المال الذي أنفق (84) كان على فشل استراتيجي فادح لبريطانيا عنوانه: التدخل في العراق وافغانستان.
من الاستنتاجات التي قدمتها الدراسة ان الدور الذي لعبته المملكة المتحدة في حرب العراق ‘أدى الى زيادة تطرف الشباب المسلمين في بريطانيا، وساهم في ترويج الارهاب الدولي بدلاً من تقليصه’، وقالت الدراسة ان صعود تنظيم ‘القاعدة’ في شبه الجزيرة العربية ‘كان رد فعل على غزو العراق وتهميش السكان السنة فيه واجتثاث حزب البعث وحل الجيش’ وهو ما أدى بحسب الدراسة الى ‘انتشار هذا التنظيم والجماعات الجهادية المتطرفة عبر الحدود العراقية السورية وبات يشكل تهديدات ارهابية جديدة على المملكة المتحدة وحلفائها قد لا تكون برزت لو بقي الرئيس العراقي السابق صدام حسين في السلطة’.
خلاصات الدراسة لا تحتاج الى عبقرية كبيرة لإدراكها، فقد دفعت بريطانيا ثمنها هجوماً ارهابياً في لندن عام 2005 أودى بعشرات القتلى، فيما دفع العراق الفاتورة الكبرى، وما يزال، مع تدهور جهاز مناعته الوطنية كشعب وتحلّل مكوّناته الى عناصر طائفية وقبلية ودينية واثنية تحكمها طغمة فاسدة تابعة لإيران وسقوط ملايين الضحايا بين’قتلى وجرحى ومعاقين ومعتقلين ومهجرين.
خلال الغزو، ابتكر الجيش الأمريكي أوراق لعب تحمل صور أهم المطلوبين العراقيين، وكان أولهم الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين، ولو أن التاريخ كان منصفاً لتمت مطاردة بوش وبلير اللذين تنطبق عليهما (لو قامت العدالة الانسانية بطباعة أوراق المطلوبين الحقيقيين) رتبة الأس الأسود للأول (كما كان صدام)، وبعده مباشرة يأتي الأسّ الأحمر (الذي كان مخصصا لعديّ حسين) ويستحقه بلير بجدارة.
من الطبيعي أن بلير، المسؤول عن خلق ذلك المناخ المثالي للتطرف والراديكالية والارهاب، لا يريد الاعتراف بمسؤوليته الجسيمة تلك، لكننا لم نتوقع منه أن يفكر باعادة الكرّة، مع أمل بنتائج كارثية أكبر، فقد أخرج مؤخراً ورقة جديدة من جعبته المتهالكة واقتـرح يوم الأربعاء الماضي جبهة عالمية تتشارك فيها امريكا وبريطانيا وروسيا والصين في مواجهة الإسلام… الراديكالي!
أي أن الشخص الذي صنع الجرح الكبير في الضمير البشريّ وفتح اوتوستراداً هائلاً للتطرّف يريد الآن أن يوسّع الاوتوستراد لتشمل حربه دولاً ‘نقيم معها علاقات وثيقة في مجالي الأمن والدفاع. لأن المشكلة بحسب بلير هي ‘ايديولوجيا’ يتم الدفاع عنها في مدارس ومؤسسات تلك الدول، والترجمة لمن لم يستوعب الأمر هي: عليكم بالسعودية ودول الخليج!
كنا نتخيل أن بلير ‘العمّالي’ الذي أصبح مليونيراً كبيراً، والذي اعتنق الكاثوليكية (على كّبّر)، أن يخصّص باقي حياته للأعمال الخيرية تكفيراً عن ذنوبه ضد البشرية، لكنه فاجأنا بأنه يحلم بفتح أكبر من الذي أنجزه في العراق وافغانستان، وبجبهة أكبر تضم، هذه المرّة، الصين وروسيا ضدّ عدو واحد أوحد: الإسلام (بحرف كبير)… الراديكالي (بحرف صغير)، ويجب الانتباه هنا الى انه لا يتحدث عن الارهاب، فزّاعة العالم كله (والذي لا يحتاج لدعوة لجبهة عالمية ضده لأنها موجودة بالفعل) بل يتحدث عن ايديولوجيا، وهي كلمة لا ينتطح عنزان في أن ترجمتها: الدين الاسلامي.
بإحالته ما يحصل الى الدين الاسلامي لا إلى أفعال الإمبريالية الغربية ودول الطغيان العربي، يمثّل بلير انحطاط الاستشراق الغربي وتحوّله الى شركة ابتزاز ومقاولات عنصرية مسعورة باسم مواجهة التطرف والراديكالية، ولكن من يلومه ان كانت الدول التي يتهمها والتي ‘نقيم معها علاقات وثيقة في مجالي الأمن والدفاع تمشي في ركابه وتخوض مثله حربها الافتراضية ضد ‘الارهاب’، دون أن يسألها أحد: من صنع هذا الارهاب غيركم؟