الرئيسة \  واحة اللقاء  \  "ماذا يُمكِن أميركا أن تفعله ولم تَفعلْه؟

"ماذا يُمكِن أميركا أن تفعله ولم تَفعلْه؟

16.05.2013
سركيس نعوم

سركيس نعوم
النهار
الخميس 16 /5/2013
عن مصر تحدث الناشط السابق رسمياً في عملية السلام وخصوصاً على المسار الفلسطيني – الإسرائيلي والباحث حالياً في احد أعرق مراكز الأبحاث في أميركا، قال: "قد يكون تصرّف "الإخوان المسلمين" المصريين غير جيد بعد وصولهم إلى الحكم. ولذلك فان مصر تعيش حال عدم إستقرار. وربما تدخل مرحلة من الفوضى الواسعة. ولا شيء يمنع أن يكون طابع هذه الفوضى دموياً. في أي حال كان هناك إنطباع دائماً أن الدول العربية خالية من المشكلات، لكن تبيّن أنها كلها مشكلات". علّقتُ: قلتُ أكثر من مرة وكتبتُ ان العرب يحكون عن الوحدة وعن الذي يجمعهم. لكنهم لم يتوحّدوا ولم يجتمعوا فعلياً يوماً. فالقضايا والأمور المتنوعة التي تفرّقهم كثيرة، لكنهم لا يعترفون بها. ففي مصر مثلاً هناك مشكلات كثيرة أهمها: الأقباط والديكتاتورية والفقر والفساد. وفي السودان هناك أيضاً الديكتاتورية وعدم قبول الآخر الذي قسّم البلاد دولتين. وهناك الفقر والفساد. في المغرب العربي هناك مطالبات بالديموقراطية, وهناك إسلاميون لكل منهم منهج معيّن وخطة معيّنة، وبعضهم ليس بعيداً من "إرهاب" اليوم. وفي اليمن هناك جنوب يريد الانفصال اي العودة عن الوحدة لأنها كانت على الأرجح ضمّاً وأقرب الى الإستعمار أو على الأقل الاستبداد. وهناك الحوثيون (الشيعة بالتصنيف الحديث سواء سياسياً او مذهبياً). وهناك "القاعدة" والإسلاميون المتشددون جداً بل التكفيريون. وهناك بقايا النظام الاستبدادي للرئيس المخلوع علي عبدالله صالح. هذا فضلاً عن الفقر والفساد والعشائرية. السوريون كانوا يقولون لنا في لبنان نحن أفضل منكم ونختلف عنكم. ليس عندنا طائفية أو مذهبية بل انتماء عروبي وولاء وطني. وكان ذلك غير صحيح. وأظهرت ذلك الثورة الشعبية على الاستبداد التي تحولت حرباً اهلية مذهبية، في سرعة، والتي كشفت ان الإستقرار الخادع كان بسبب قبضة العسكر وأجهزته، وان الشعب أو بالأحرى غالبيته الموصوفة كانت تنتظر الفرصة للانتقام. لن أسترسل لأن لا دولة عربية خالية من مشكلات جدية تهدد إما النظام وإما الإستقرار وإما الكيان. سأل: "ماذا سيحصل في سوريا؟ ماذا كان يمكن لاميركا أن تفعله ولم تفعله؟ علماً أن أوباما تمسَّك بموقفه العام الذي سحبه على سوريا أيضاً وهو أن لا إرسال لقوات عسكرية أميركية الى سوريا؟"
أجبتُ: لم أكن يوماً مع إستعمال القوة العسكرية. لكن أوباما لم يتحرك كما يجب في الأشهر الستة الأولى من الثورة. وكانت في حينه شعبية ومدنية وسلمية وأهدافها الأساسية الحرية والديموقراطية والإصلاح والتغيير وما إلى ذلك. نزلت مئات الألوف من السوريين الى الشارع رغم الاضطهاد. قمعها الرئيس الأسد، ولولا قمعه لتظاهر ملايين ضد نظامه. ولو عامل المتظاهرين التغييرين بالتسامح نفسه الذي عامل به المتظاهرين الموالين له (موالون فعلاً كلهم أم أصحاب مصالح أم لا حول لهم ولا قوة) لكان شهد ومعه العالم تظاهرات مليونية حقيقية. ما كان يجب أن تسمح اميركا للأسد باستعمال القوة المفرطة جداً جداً. ما كان يجب أن تمنع حلفاءها في المنطقة من عرب وغير عرب من تسليح المعارضين بعدما تحولوا ثوّاراً. كان يجب أن تجمعهم على هدف موحد. وكان يجب أن تعمل مع تركيا على ذلك. علّق: "لكن تركيا عندها وضع داخلي صعب". رددتُ: صحيح. لكن ما كان يجب أن "تعرّض كتفيها" وتقول أنها حامية للحريات والديموقراطية والإسلام والسنّة في سوريا ولبنان وربما في كل العالم العربي من التهديدات التي يتعرضون لها من غير السنّة ومن غير العرب. عندما جدَّ الجدُّ احجمت عن المساعدة فخسرت صدقيتها، وأوغل الأسد في القمع. وفي حال كهذه هل يتوقع أحد من شعب ثائر يُقمع يومياً ويُمنع عنه السلاح الذي يحتاج اليه أن يرفض أي مساعدة تُقدَّم إليه وإن من "إرهابيين"؟ الى ذلك يقال ان عدد "النصرة" والذين مثلها يراوح بين 5 و10 آلاف. النظام يعطي عدداً أكبر. هل يعقل ان يسيطر هؤلاء وحدهم على 60 في المئة من أرض سوريا أو على الاقل ان يتشاركوا السيطرة عليها مع قوات الأسد؟ طبعاً لا. الشعب السوري او غالبيته تقاتل. و"الجيش السوري الحر" يتشرذم حالياً بسبب قوة بشار العسكرية رغم الإنهاك الذي تعرّض له وربما التآكل، وبسبب دعم إيران وروسيا لها، وبسبب عجز العرب عن التفاهم على طريقة جدية لمساعدة الثوار أو التوصل إلى حل نهائي للأزمة السورية مقبول من الجميع. سأل: "ماذا على أميركا أن تفعل"؟ بماذا أجبتُ!