الرئيسة \  واحة اللقاء  \  ماذا في جعبته؟

ماذا في جعبته؟

07.05.2013
محمد أبو رمان

الغد الاردنية
الثلاثاء 7/5/2013
من الطبيعي أن تحظى زيارة وزير الخارجية الإيراني علي أكبر صالحي، باهتمام كبير في أوساط الرأي العام الأردني، لطبيعة الأحداث الكبيرة في سورية اليوم، ولما تثيره من استقطابات وانقسامات ملحوظة لدى النخب السياسية الأردنية، بخاصة بعد التطورات الأخيرة؛ سواء الغارة الإسرائيلية، أو المذابح التي قام بها النظام على خطوط التماس الطائفي، في ريفي حمص وحماة، والمدن القريبة من الساحل.
الزيارة تأتي -بالضرورة- في سياق استنطاق "ما وراء المشهد السياسي"، من كلا الطرفين. فالأردن على اطلاع جيّد على تفاصيل ودهاليز المواقف الدولية الغربية والعربية، من الأزمة السورية. والملك عاد قبل أيام فقط من واشنطن، وكان الوضع السوري أهم الموضوعات التي تمّ طرحها مع الإدارة الأميركية. وفي المقابل، فإنّ إيران على اطلاع عميق، بل واشتراك في إدارة موقف النظام السوري، سياسياً وعسكرياً، من الأحداث الجارية، وتملك مفاتيح وخيوطاً مهمة في التأثير على موقف الأسد.
صحيح أنّ المواقف والمصالح متباينة (بين الطرفين) بخصوص ما يجري في سورية، وبشأن العديد من الملفات الإقليمية؛ إلاّ أنّ ما يمكن أن يشكّل "بؤرة" النقاش والتفاهم هو أنّ الأردن لا يبدي أي حماسة، (مثل الدول العربية والغربية والإقليمية) لتدخل خارجي في الشأن السوري، ولديه شكوك وهواجس كبيرة حول اليوم التالي لبشار الأسد، ومن صعود "القاعدة".
ما يزال الملك -حتى في لقاءاته الأخيرة في واشنطن- متمسّكا بأنّ الحل السياسي هو المخرَج الوحيد من سيناريوهات خطرة في سورية؛ على صعيد التقسيم الطائفي، أو الحرب الأهلية، أو حالة الفوضى، وجميعها تمثّل خطراً محدقاً بالأمن الوطني الأردني.
المسؤولون الأردنيون بانتظار معرفة ما إذا كانت زيارة صالحي ستؤكد على المواقف المعلنة، بالإصرار على الحفاظ على النظام السوري، ما يعني تحويل سورية إلى ساحة حرب؛ أو ستحمّل الأردن رسائل تهديد لإسرائيل، بعد العدوان الجوي على دمشق، بما يتناسب مع التصعيد من قبل النظام الإيراني في الأيام الأخيرة، أم أنّ صالحي سيقدّم صيغةً ممكنة مختلفة تفتح الباب للحل؟!
سيكشف اللقاء، إذن، المزيد عن الطريقة التي يفكر بها بشار الأسد وحليفه النظام الإيراني في مواجهة التحولات الكبيرة التي تحدث في سورية؛ وسينتظر الملك أي إشارة من وزير الخارجية الإيراني يمكن أن تكون "طرف خيط" للوصول إلى حلّ سياسي يجنّب سورية مزيداً من المجازر وسفك الدماء، ويحدّ من مخاطر التقسيم الطائفي التي تلوح بالأفق، ومن التداعيات الإقليمية المقلقة التي بدأت تظهر في دول الجوار، وتحديداً العراق ولبنان.
من هذه الزاوية تحديداً، فإنّ كلمة السرّ -التي يمكن أن تشكّل مفتاحاً مهماً- تتمثّل في إدراك النظام الإيراني بأنّ الإبقاء على الأسد ونظامه أصبح أمراً مستحيلاً، وبأنّ مصلحة إيران وسورية والمنطقة بألا ننجر إلى مزيد من الفوضى وحروب الوكالة، وبمحاولة البحث عن صيغة مناسبة تضمن مصالح وحقوق الجميع، ضمن مرحلة انتقالية، وبصورة عقلانية، بدلاً من الولوج أكثر في المسار الراهن الذي لن يخدم لا السوريين ولا الإيرانيين ولا دول الجوار في نهاية المطاف، بل المستفيد الوحيد من ذلك، كما أثبتت الغارات الأخيرة، هي إسرائيل!
الزيارة تتوافر على أهمية كبيرة، وأحسب أنّ عمّان تتطلع باهتمام شديد لمعرفة ما تحويه جعبة صالحي، وما تكشفه من نوايا وأسرار.