الرئيسة \  مشاركات  \  ماوراء جنيف ، وما وراء الوراء

ماوراء جنيف ، وما وراء الوراء

08.06.2013
د. محمد أحمد الزعبي




 كنت أستمع وأشاهد قبل قليل أخبار إحدى الفضائيات العربية ، وقد لفت نظري ــ بصورة خاصة ــ خبران ، اعتبرتهما هامان ، ولهما دلالات سياسية ينبغي التوقف عندها ، الأمر الذى حدا بي إلى الإمساك بالورقة والقلم ، وكتابة هذه الخاطرة . هذان الخبران هما ، أولاً ، احتفالات "المنتصرين!!"( النظام السوري ، حزب الله اللبناني ، إيران ) على المقاومة الوطنية السورية في القصير ، وثانياً ،إعلان الجانب الأمريكي عن وصول ثلاث سفن حربية روسية إلى البحر المتوسط في طريقها إلى ميناء طرطوس ، حيث "يظن !" الجانب الأمريكي ( وإن بعض الظن إثم ) ،أنها تحمل أسلحة إلى النظام السوري . إن ماأظنه ( وهذا في إطار البعض الآخر من الظن ) ، حول ماشاهدت وما سمعت هو:
1. يبدو أن روسيا قد تعهدت للولايات المتحدة وأوروبا ، أن تقوم ، بالأصالة عن نفسها ، وبالنيابة عنهما ، من جهة ، بحماية إسرائيل ، ومن جهة أخرى ، بالمحافظة على مصالحهما السياسية والاقتصادية في المنطقة ، ولاسيما: النفط ،والغاز،والقواعد العسكرية، وذلك مقابل إطلاق يدها في حل الصراع في سورية،وربماغيره من الصراعات في الشرق الأوسط ، بما يحقق مصلحة الطرفين، بوصفهم الدول النووية العالميةالكبرى .
2. تتعاون روسيا من أجل تحقيق هذا الهدف الإستراتيجي، مع بعض الأقليات في المنطقة، ولاسيما" الشيعة "، من أجل المحافظة على الأنظمة الموالية للغرب وإسرائيل ، سواء عن طريق الديموقراطية وصندوق الإقتراع أو بدونهما .إن اللعب بورقة الأقليات من قبل الدول الإستعمارية ، وتحت شعار " فرق تسد " هي مسألة قديمة تعود إلى مرحلة الحروب الصليبية ، في مطلع العقد الأول من الألفية المنصرمة .
3. المزاوجة بين الاسترتيجية والتكتيك ، وبين ال " نعم" وال" لا " في إطار مقولة وموقف ال " لعم " بحيث يظل المواطن العربي عامة ، والسوري خاصة ، لايعرف عدوه من صديقه ، بل ولايعرف بالتالي من معه ، ومن ضده ، الأمرالذي سوف يؤدي إلى انقسام المعارضة على نفسها ، والشعب على نفسه ، وتظل بعض دول مجلس الأمن وبعض دول الجامعة العربية ترقص إلى أجل غير مسمى على نغمات هذا الإنقسام !!.
4. يمثل نظام عائلة الأسد العمود الفقري لهذا المخطط الإستعماري ( عالمياً وإقليمياً وعربياً وسورياً ) ، ولهذا لابد من الحفاظ عليه ، سواء عن طريق الحل المصري ( توظيف العداء التاريخي بين التيارين الناصري والإخواني لامتصاص إيجابيات الربيع العربي عامة والمصري خاصة ) أو الحل الليبي(التدخل العسكري المشروط) ،أوالحل اليمني ( التضحية بالرأس والاحتفاظ ببقية الجسم ) أو الحل العراقي ( تأجيج الصراع الطائفي ) ، أو عن طريق حل سوري مختلف جديد لايعلمه حتى الأخضر البراهيمي !!.
5. تمثل إيران وحزب الله والأنظمة العربية الموالية للغرب ولإسرائيل ( فوق الطاولة أو تحتها ) مخلب القط في هذه اللعبة الإمبريالية القذرة ، التي لايعلم إلاّ الله متى ستتوقف ، وإلى كم من مئات الآلاف يمكن أن يصل عدد ضحاياها . في لقاء صدفة جمعني مع أحد قادة الجيش السوري الحر ، سألته متى يمكن أن يتوقف برأيك
هذا النزيف ؟، فكان جوابه الفوري ، وبدون تردد : عندما تقرر أمريكا ذلك . إنني اتفق مع هذا الرأي ، مع احترامي الأكيد للسيد الرئيس أوباما .