الرئيسة \  واحة اللقاء  \  ما الذي يريده الرئيس الروسي ؟!

ما الذي يريده الرئيس الروسي ؟!

01.10.2015
صالح القلاب



الرأي الاردنية
الاربعاء 30/9/2015
كان على الرئيس فلاديمير بوتين أن يتذكر أن صدى كلامه الذي قال فيه أنَّ تواجد روسيا العسكري في سورية هدفه مساندة بشار الأسد ومنع نظامه من الانهيار لم يكن قد تلاشى بعد عندما تحدث من فوق منبر الأمم المتحدة وفي أروقتها عن أنَّ الشعب السوري هو الذي يقرر مصير رئيسه.. أليس هذا يا ترى تناقضاً مع الذات وتزويراً لحقائق الأمور وتبريراً لأخطاء فادحة ارتكبها رئيس احدى دول العالم الكبرى, التي تتمتع بحق الـ «فيتو» في مجلس الأمن الدولي, عندما ساند ومنذ البدايات حاكماً ظالماً ومستبداً جاء إلى الحكم ضد إرادة شعبه وبقي في موقع المسؤولية الأولى حتى الآن بالبطش والقمع وبتشريد هذا الشعب داخلياً وخارجياً وفي كل أرجاء المعمورة
 كان على بوتين, الذي يحاول تسلُّق جدار مرتفع واستعادة أمجادٍ تجاوزتها حركة التاريخ, أن يسأل نفسه قبل أن يقول أنَّ مصير الأسد يقرره الشعب السوري, عن أسباب احتلاله لجزء من سوريا وعن دوافع إقامة هذه القواعد العسكرية التي أقامها على الأراضي السورية وعن مهمة الجيوش التي تم نقلها من روسيا إلى هذا البلد العربي, الذي من المفترض أنه دولة مستقلة وذات سيادة, عبر جسر جويٍّ وفَّرته له الأطراف العراقية الموالية لإيران أكثر كثيراً من ولائها للعراق
 ألمْ يقع فلاديمير بوتين في تناقضٍ عجيب غريب بإمكان حتى أصحاب أنصاف العقول اكتشافه ومعرفته بسهولة عندما يقول: «إن مصير بشار الأسد يقرره الشعب السوري» وعندما يقول في الوقت ذاته أنَّ هدف التواجد العسكري الروسي على الأراضي السورية هو الحفاظ على هذا الرئيس وعلى نظامه.. أليس هذا إمَّا من قبل الضحك على ذقون الناس أو من قبيل إهانة الشعب السوري الذي لو أن رئيسه يستجيب لرغبته وإرادته فلما كان بالأساس أحتل هذا الموقع الذي ورثه عن والده مع أن المفترض أن سورية دولة جمهورية لا يجوز فيها أن يرث الابن أباه بعد تعديل سريع في «الدستور» ومن خلال انتخابات يعرف كل الذين شاركوا فيها أنها مجرد مسرحية مضحكة – مبكية ومجرد مهزلة من مهازل التاريخ البعيد والقريب
الا يعرف فخامة الرئيس فلاديمير بوتين أن الشعب السوري قد قال رأيه بهذا الرئيس وبهذا النظام بعد حادثة درعا المروعة في عام 2011؟ ثم ألَّا يعرف هذا الرجل الذي لا ينقصه لا الذكاء ولا تنقصه المعلومات أن هذا الشعب أصبح وبنسبة سبعين في المائة وربما أكثر إمَّا مهجراً في الداخل والخارج وإما في أعداد الشهداء غير المعروفة أسماؤهم وإمَّا ابتلعته مياه البحر الأبيض المتوسط.. وإمَّا ينتظم الآن في طوابير بلا نهاية على أبواب وحدود ليس الدول الأوروبية وفقط وإنما كل دول الكرة الأرضية ؟
 إن كل الذين استمعوا لخطاب فلاديمير بوتين من فوق منبر الأمم المتحدة واستمعوا للتصريحات التي أدلى بها في أروقة المنظمة الدولية وحيث مرةً قال أنَّ مصير بشار الأسد يقرره الشعب السوري ومرة أخرى قال أن هدف كل هذا التواجد العسكري الروسي في سوريا هو الحفاظ على هذا الرئيس وعلى نظامه.. لا بد وأنهم اكتشفوا وبكل سهولة هذا التناقض الكبير الذي وقع فيه رئيس الدولة التي من المفترض أنها ورثت ما كان يعتبره «الرفاق الشيوعيون» أمجاد الاتحاد السوفياتي «العظيم» !!
 لقد قال بوتين مما قاله أن قواته المتواجدة في سوريا والتي ستتواجد لاحقاً لا يمكن أن تشارك في أي قتال بريٍّ ضد «داعش».. وهو قال أيضاً أن هذه القوات لن تبادر إلى أي مواجهة برية مع ما اعتبره تنظيمات إرهابية وهو يقصد المعارضة (المعتدلة) و «الجيش السوري الحر».. والسؤال هنا هو: إذاً لماذا كل هذه القواعد العسكرية.. ولماذا هذا الجسر الجوي من فوق العراق الذي لم يتوقف أبداً.. ما الذي تريده روسيا من كل هذا التحشيد.. هل أنها تنتظر يا ترى تفسُّخ هذه الدولة العربية وتشرذمها لتكون لها حصة «الأسد» في الدويلة الطائفية التي ستكون لها الهيمنة الكاملة على كل السواحل السورية التي تشير التقديرات إلى أنها تحوي جزءاً كبيراً من غاز البحر الأبيض المتوسط الموعود ؟!