الرئيسة \  واحة اللقاء  \  ما بعد بشار الأسد!

ما بعد بشار الأسد!

16.05.2015
منير الخطيب



السفير
الخميس 14-5-2015
يعقد في الرياض الشهر المقبل مؤتمر للمعارضات السورية لبحث مرحلة ما بعد بشار الأسد. وقبل الاعلان عن المؤتمر الذي تأجل أكثر من مرة، انتشرت فجأة في الصحافة العربية، مكتوبة ومرئية، مقالات وتحليلات ومقابلات، تمحورت حول ضرورة الخروج من دوامة التحاليل العسكرية للميدان السوري، والقفز الى المرحلة اللاحقة المجدية، التي لن يكون فيها دور لنظام الاسد.
وباتت غالبية وسائل الاعلام تنطلق في تحليلاتها من فرضية، راسخة عند كاتبيها، ان النظام ساقط لا محالة، وفي أحسن الاحوال هو يلفظ أنفاسه الاخيرة. وترافقت الموجة المكتوبة والمصورة، مع تراجع للجيش السوري في بعض المواقع، وتزامنت مع تقارب سعودي قطري تركي، أتاح تنسيقا أكثر فاعلية بين جماعات المسلحين. وسبقت أيضا بدء تسليح وتدريب المعارضة السورية "المعتدلة" لتصبح غير معتدلة وتقاتل النظام والمنظمات الاصولية الارهابية كـ "داعش" و "النصرة". وبلغ المد الاعلامي ذروته بنشر تحاليل متزامنة عن ابتعاد إيران عن سوريا. ووصلت بعض المقالات، وهي كثيرة، الى استرجاع التجربة الافغانية قبيل سقوط الاتحاد السوفياتي. فكتب الصحافي السعودي جمال خاشقجي يحذر من خلافات الفصائل ومن ضرورة التنبه الى اللحظة الاقليمية السياسية، والاستفادة منها. ودعا خاشقجي، مدير محطة "العرب" الدولية، التي لم ترَ النور سوى لساعات، الاطراف المعنية والفصائل المتقاتلة، الى ان تتفق وتطيح الجيش السوري و "داعش" و "النصرة" بضربة واحدة "كأنها على قدر"، انطلاقا من نظرية عممها الإعلام ذاته، عن أن التنظيمين الارهابيين صنيعة دمشق أيام عزها و "تحكمها بتنظيمات الشرق الأوسط وحركاته العسكرية".
هذه السيناريوهات السياسية المتخيلة ناجحة اعلامياً، وتخلق بين مروجيها مساحات من الاطمئنان الى ان النظام انتهى، ولو في الصحف والبرامج الحوارية. وهي تفيد فقط بشد عصب الأطراف المعنية بالحرب لا أكثر، بعد نحو أربع سنوات على بدئها. وبرغم تكرارها صبح مساء، لا تناسب السيناريوهات المذكورة أي اطار واقعي. الواقع الوحيد على الأرض هو ان الازمة السورية مستمرة ومتواصلة إلى أمد غير محدود، ولا خروقات ميدانية اساسية في ساحات معاركها، على الأقل في المدى المنظور.
لا دمشق ستسقط، ولا الانتصار في القلمون أو استعادة جسر الشغور سيغيران في موازين القوى. الحرب طويلة، وبدأت تأخذ أشكالاً غير عسكرية، كالسيناريوهات السابقة. وفي هذا الاطار، أي من باب الرياضة الفكرية البحتة، لا التحليل السياسي الجدي المرتكز على معطيات ومقارنات، لنطرح بعض الاسئلة: ماذا سيحصل في اليوم التالي لسقوط النظام السوري؟ هل بامكان المطبلين والمزمرين بسقوطه رسم مؤشرات لما بعده؟ هل هناك على الساحة السورية من يستطيع القول بانه يملك الشرعية الكافية لتبقى سوريا دولة واحدة؟ هل تعرف السعودية أو تركيا او قطر حصصها في الميراث السوري؟ ومتى تتصارع عليه؟ اسئلة، وغيرها الكثير، تبقى من دون أجوبة. علما ان الاسئلة الحقيقية حول بقاء دول المنطقة بأشكالها الحالية، ونظم الحكم فيها، لم تطرح بصورة جدية بعد. صحيح ان صليل السلاح يطغى على ما عداه، لكن المنطقة من المحيط الى الخليج على فوهة بركان نشط، والتنصل من "القاعدة" و "النصرة" و "داعش" لن يبعد كأسها المرة الطافحة على طول المنطقة وعرضها، وعبر حدودها. لم يعد هناك من يقدر على وقف تمدد الوحش، لا معارضات معتدلة ولا سواها من منتجات مؤتمرات الفنادق. وهنا سؤال أخير عن اليوم التالي لسقوط النظام... هذا سر بقائه!