الرئيسة \  واحة اللقاء  \  ما بين الموت السريع والموت البطيء

ما بين الموت السريع والموت البطيء

21.12.2013
د. صالح الدباني


امريكا
القدس العربي
الجمعة 20/12/2013
لم يكن للشعب السوري الخيرة في امره حينما طالب بأبسط حقوقه بشيء من الحرية والعيش الكريم ورفع الظلم الرابض على صدره لعقود من الزمن ، لكن الظاهر والواضح ان النظام القمعي الدكتاتوري كان يعد العدة ليوم مثل هذا فجمع له من العدة والعتاد والصحب الشداد ما يمكنه من البقاء لمدة اطول ولو على بحر من الدماء، فعمل كعادته بالعقاب الجماعي حيث اوحى الى القوة التي اعدها لليوم الموعود مع الشعب لسحق احياء ومدن ثم مناطق بأكملها، ولم تكن القوى الخارجية الداعمة له بمنأى عنه او بعيدة منه بل كانت في صلب كل القرارات التي كانت تُتخذ من أجل تأديب الشعب السوري الأبي فشياطين الانس يوحون بعضهم إلى بعض.
النظام السوري لم يتخط الخطوط الحمر كما يدعي البعض بل داس على تلك الخطوط التي لم تعد تمثل شيئا له امام أعين المجتمع الدولي المتحضر الداعي إلى حفض حقوق وكرامة وسلامة الانسان في أي مكان في هذا الكون، أنما من الواضح مما يجري في سوريا عن غض البصر مما يحدث من ابادة جماعية ان للمجتمع الدولي اعينا يرى بها حيثما يشاء وآذانا صاغيةٌ لمن يحب ويرضى وتعمى بصيرته ويُصمّ سمعه عند مطالب قوم لا يدخلون في حساباته من صنف البشر إلا بأشكالهم كبشر وليس بحقوقهم، ان للغرب حساباته التي قد تسمح بالمحظور ان رأى ذلك فنحن في نظرهم لم نرتق الا الى مستوى كوننا سلعا ذات منفعة فاذا ما تعطلت في نظره الحاجة لتلك السلع اصبح كل شيء مباحا تحت تفاسير كثيرة.
الشعب السوري العظيم صبر وتحمل ما لا يتحمله احد، ودفع ويدفع اغلى ما لديه وهي النفس البشرية من اجل تحقيق العدل والحرية كسائر شعوب اهل الارض ، الكل دفع ويدفع الثمن باهظا فامام عنجهية النظام ودمويته بعد أن اطلق العنان لكل ما لديه من عدة وعتاد، النظام الدموي في سوريا اعلن الحرب الشاملة على شعب ذات عزم وارادة فهُزم النظام وتقهقر إلا أن من له منفعة ببقائه دعمه بكل شيء عدة وعتاد مادة ومعنى وكانت نتيجة ذلك أن شرد الملايين داخل وخارج سوريا بعد ان قتل مئة وخمسين الفا والقى في سجونه ما يقارب النصف مليون يذوقون من العذاب ليلا ونهارا ما يعادل عذاب اهل الارض.
لم يختر الشعب الأبي بكل اطيافه واصنافه ما بين الموت السريع بصواريخ السكود بعيدة المدى وبراميل البارود من اعالي السماء او ما بين الموت البطيء من صقيع البرد القارس في مخيمات اللجوء القاطنين فيها في خيم لا تقيهم شدة البرد في جو وصلت درجات البرودة فيه الى ما تحت الصفرفي ظروف لا يقبل تصورها العقل البشري، برد وجوع فرضته على الشعب السوري شرذمة قليلة تجردت عن معنى الانسانية لتتفنن في قتل وتعذيب وتشرد الشعب من اجل البقاء، امٌ تحتضن رضيعها يصرخ من امرين الجوع والبرد وهي تنادي العالم الرحمة فيما نحن فيه فلا تجد من يسمع دعاءها او يرأف لحالها إلا اطفالها الصغار الملتفين حولها ويسألونها ذات السؤال.