الرئيسة \  واحة اللقاء  \  ما بين حمص وتل الزعتر

ما بين حمص وتل الزعتر

10.02.2014
صالح القلاب


الرأي الاردنية
9/2/2014
إجلاء بعض المدنيين من حمص ،بعد حصار طويل من قبل القوات العقائديـة "الباسلة"، يُذكِّر من عايش تلك المرحلة بإجلاء من تبقى من لاجئي مخيم تل الزعتر شرقي بيروت بعد حصار طويل أيضاً شاركت فيه القوات "الباسلـة" نفسها إلى جانب الميليشيات الطائفية التي كان قادتها السياسيون ،الذين كانوا يوصفون ،ظلماً وزوراً وخطأً في قراءة المعادلات السياسية المحلية والإقليمية وأيضاً الدولية، بأنهم "إنعزاليون"!!، قد عقدوا حلفاً "إنتهازياً" ما لبث أنْ إنهار مع الرئيس السوري السابق حافظ الأسد.
بقيت حمم مدافع وصواريخ هذا الجيش "الباسل" نفسه ،الذي حول مدن سوريا التاريخية إلى أكوام من الأتربة والحجارة، تشارك قوات "الإنعزاليين"!! في دك مخيم تل الزعتر لشهور دامية طويلة ولعل أبشع صورة نشرتها الصحف اللبنانية كانت لقذيفة "ممانعة ومقاومة" أصابت شاحنة كانت تُجْلي عشرات من الأطفال الفلسطينيين لدى إقترابها من منطقة المتحف بين بيروت الغربية وبيروت الشرقية وحولت أجسادهم الصغيرة إلى "فتافيت" لحم جرت لملمتها تحت جناح ظلام دامس في ليلة مرعبة من فوق أعمدة وأسلاك الكهرباء والهواتف وحيث جرى دفنها في مقبرة الشهداء الفلسطينيين التي دفن فيها الحاج أمين الحسيني رحمه الله.
كان ذنب الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات ،الذي تحالف مع الحركة الوطنية اللبنانية بقيادة كمال جنبلاط، أنه رفض تسليم القرار الفلسطيني للرئيس السوري السابق حافظ الأسد ولهذا فإنه لم يجد بُداً من مقاومة القوات السورية ،التي بتخطيط من هينري كيسنجر وبموافقة من الإسرائيليين ومن بعض العرب، قد جاءت إلى لبنان ليس لحمايته ووقف الإقتتال المحتدم فيه وإنما لإضعاف منظمة التحرير وفرض الوصاية على قيادتها الحقيقية على غرار الوصاية التي فُرضت لاحقاً على اللبنانيين.. التي يبدو أنها لا تزال مستمرة حتى الآن رغم إنسحاب الجيش "المقاوم والممانع" من لبنان في عام 2005 بعد إغتيال رفيق الحريري بفترة قصيرة الذي بات مؤكداً أنه دفع حياته وبتلك الصورة البشعة ثمناً لهذا الإنسحاب.
وبالطبع فإنَّ ما جرى في تل الزعتر قد جرى في مخيم برج البراجنة وفي مخيمات الشمال اللبناني حيث كان هناك تحالفٌ ضد (أبو عمار) ،الذي كان قد عاد إلى هذه المنطقة اللبنانية لإثبات أن القرار الوطني الفلسطيني لا يزال وسيبقى في يده، شارك فيه الإسرائيليون من البحر إلى جانب جيش "الممانعة والمقاومة".. وشاركت فيه بعض الفصائل الفلسطينية التي هي نفسها سبب مآسي مخيم اليرموك الفلسطيني ومآسي كل مخيمات الفلسطينيين على الأراضي السورية.
إنه مجرد إنطباع مؤلم وموجع للقلب فصور خروج العشرات من السوريين من حمص هي نفس صور خروج الفلسطينيين من مخيم تل الزعتر ومن مخيم برج البراجنة ومخيمات الشمال اللبناني وبخاصة مخيم نهر البارد الذي أُختُرعت حجة لتدميره تنظيماً إسمه "فتح الإسلام" كما أُختُرعت "داعش" وغير "داعش" لتدمير الرقة وحلب والباب والعديد من المدن والقرى السورية.. إنها الصورة نفسها وإنَّ القتلة والمجرمين هم نفسهم وإن الضحايا هم أنفسهم أيضاً.
والغريب والعجيب أنَّ هذا النظام ،وحتى بعدما حول كل مدن سوريا التاريخية والرئيسية والأساسية إلى أكوام من الأتربة والحجارة المختلطة بدماء السوريين وبجماجم أطفالهم، لا يزال يتمسك بالحكم ولا يزال يحلم ويخطط لتوريثه لإبنه "حافظ الصغير" وكل هذا بينما الأتباع والمؤيدون من الداخل والخارج لا يخجلون من الإستمرار بالحديث عن "المقاومة والممانعة"!! وعن.. "إلى الأبد يا أسد"!!.