الرئيسة \  واحة اللقاء  \  ما حذرنا منه وقع: التوقيت الخاطئ للثورة السورية

ما حذرنا منه وقع: التوقيت الخاطئ للثورة السورية

11.06.2013
أ. د. علي الهيل

القدس العربي
الثلاثاء 11/6/2013
مع بداية أحداث سورية حذرنا، من هنا، من أن سورية ليست تونس أو مصر أو ليبيا أو اليمن، وأثبتت الأيام صدق ما رمينا إليه. قادة الشارع السوريون داخليا وخارجيا كانوا حتما قصيري أو محدودي النظر حين اعتقدوا أنه لما نجحت الثورات أو الانتفاضات الشعبية في تلك البلاد فإنها ستنجح تلقائيا في سورية، لا سيما وسط تهليل الغرب وكثير من العرب، رسميين وشعبيين، لسقوط طغاة عتاة عرب، وكلٌّ كان وما يزال له مآربه. إن كل ما حدث للشعب السوري على يد النظام وحلفائه من أهوال وأحوال يشيب لها الولدان، وعلى يد بعض مقاتلي حركات المعارضة المسلحة، يتحملها أولئك القادة ‘المتفَرشخون’، الذين تولوا إلى الظلِّ في إسطنبول والقاهرة وعمان والدوحة وغيرها، يوجهون بالريموت كنترول الصراع السياسي والعسكري .
قطعاً الحاجة إلى انقلاب شعبي في سورية يمكن أنها كانت وما تفتأُ أكثر إلحاحاً من تلك التي في شقيقاتها تونس ومصر وليبيا واليمن، لأسباب كثيرة لم تعد خافية على أحد، أقلها ربما سيطرة العقل المخابراتي على كل مفاصل الحياة السورية، بَيْدَ أن التوقيت الذي أعطاه أولئك القادة المتكئون على وسائد الخارج لم يكن مناسباً البتة، فكان يمكن التمهل إلى حين نضوج تين تونس وعنب مصر، وتستوي سفن الثورات الشعبية العربية على الجوديِّ لِتنطلق الأفواه بعدها فـ’بُعداً للقوم الظالمين’.
فكيف اختلف إذن السيناريو السوري عن غيره؟ أنظمة أو مافيات كم بدت لشعوبها من خلال الممارسة (زين العابدين في تونس ومبارك في مصر والقذافي في ليبيا وصالح في اليمن) لم يكن لهم حلفاء إقليميون أقوياء كأولئك الذين لمافيا أو نظام الأسد، الذين يعتبرون سقوطه سقوطا لهم، أو في الحد الأدنى إضعافاً لهم. أما الحليف الأمريكي والفرنسي والبريطاني والغربي عموما الذي لعقود حمى تلك المافيات مقابل خدمات جليلة، على رأسها حماية الأمن الصهيوني الذي يعتبره الغرب امتدادا لأمنه هو فقد حسب المسألة سياسيا واقتصاديا بصورة رئيسة ولم يشأ أن يدعم أنظمة أو مؤسسات عائلية هب العقل الجمعي في بلدانها مطالبا برحيلها، وهو من يتبنى أو يدعي الديمقراطية والاحتكام لإرادة الشعب، فلم يختر أن يقع في إحراج مع شعبه. أما الحليف العربي كالسعودية والإمارات لتلك الأنظمة فقد تخلى عنها على مضض شديد خوفا من أن يحدث له ما حدث لها عندما رأى الغرب لم يحرك ساكنا لإبقائها في السلطة، ولأنه تابع للغرب على أي حال فقد آثر أو أجبر على أن يقتفي أثر الغرب .السيناريو السوري مختلف تماما وكليا، قادة المعارضة في الداخل والخارج لم يأخذوا في الحسبان العوامل الإقليمية، ولعل أهمها على وجه الاحتمال، أن النظام السوري نصيري علوي شيعي في أقلية مذهبية في العالم العربي، تدعمها دولة شيعية تمثل قوة إقليمية وأحيانا عالمية بحكم إنجازاتها الصناعية والنووية ومقارعتها لأمريكا والغرب، واضطرار أمريكا والغرب الى الجلوس معها ندا لند حول طاولة مفاوضات لمناقشة ملفها النووي، وهي إيران التي شئنا أم لم نشأ يعمل لها الغرب حسابا. وكان واضحا أن إيران منذ اليوم الأول من انفجار الشارع السوري كانت حريصة على حماية نظام الأسد فقط، لكونه شيعيا أكثر ربما من كونه شيئاً آخر.
تلكمُ خصوصية متجذرة في سيكولوجية الأقليات، وثمة من يذهب إلى أن إيران مررت تلك الرسالة إلى الدوائر الغربية من خلال روسيا، وهو ما يفسر ليس فقط تلكؤ بل عدم فرض مناطق حظر جوي على طائرات النظام ولا حتى تخصيص ملاذات آمنة .وثمة من يذهب أيضا إلى أن الموقف الروسي من النظام ما كان ليكون حاسما في وقوفه مع النظام لولا اقتناعه بقوة إيران وحذر الغرب وتوجسه منها .