الرئيسة \  واحة اللقاء  \  ما دلالات (فيتو) مقعد سورية للثورة في القمة.. وما المطلوب؟!

ما دلالات (فيتو) مقعد سورية للثورة في القمة.. وما المطلوب؟!

01.04.2014
د. خالد حسن هنداوي


الشرق القطرية
الاثنين 31/3/2014
لعل من الأفضل- ونحن نعلق على القمة العربية في الكويت ودورتها الخامسة والعشرين - أن معظم ما اتخذ فيها من قرارات وتوصيات إنما هي لأجل التسكين فقط فيما يتناول قضايا التسخين في المنطقة العربية كلية كانت أم جزئية وبدءا من قضية فلسطين وأن القمة لم تأت بابتكار يذكر وأي نظرة تغييرية تؤدي إلى جدوى يترتب عليها أثر في الحل سيما في القضية السورية خصوصا حيث إن اجتهادنا مازال يذهب إلى أن القرار الدولي والتفاهمات الموثقة مع الصهيونية العالمية تقضي بإبقاء بشار الأسد في الحكم والترتيب لإنتاجه من جديد بالتساوق مع مصالحهم حول الملف النووي الإيراني وبتأثيرات أزمة أوكرانيا على أصحاب القرار. وأن يظل سفاح هذا القرن أداة متقنة التنفيذ لمواجهة ما يسمونه الإرهاب حتى يصبح هذا الجزار هو المظلوم في فهمهم المقلوب والشعب السوري الذي قدم كل غال ونفيس لنيل حريته وكرامته هو المدان. وهكذا تمت وتتم حبكة هذه التوليفات الخبيثة في سوق الإجرام الدولي الذي دمر الإنسان ذاته وهو يتشدق باسم حقوق هذا الإنسان وعلى وجه الخصوص في سورية حيث باتت مأساة القرن الواحد والعشرين. وكذلك مصر حيث المخطط نفسه وكذلك العراق كما خطط له من قبل ولذلك فإننا لا نرى أن الأهمية الحقيقية تكمن في مقعد سورية الذي ترك شاغرا في هذه القمة بل وضع عليه علم سورية الحكومي وليس علم الثورة الذي اختاره الشعب السوري بعد الاستقلال عن الاستعمار الفرنسي على 1946 بل إن العلم السوري الحكومي هو الذي رفع على الطرق المؤدية إلى قصر (البيان) لاجتماع القمة! ومع أن مائة وست وثلاثين دولة قد اعترفت بأن الائتلاف الوطني المعارض هو الممثل الشرعي الوحيد للشعب السوري سياسيا وتم شغر مقعد سورية بممثل المعارضة الشيخ معاذ الخطيب العام الماضي في الدوحة إلا أن الذي رتب في السر وبالاتفاقات الدولية السابقة على القمة أن يكون الوضع هكذا إرضاء لبني العم سام الذي يبذل قصارى جهده عن طريق نتنياهو ووزير دفاعه علنا وخفية للسعي إلى إبقاء بشار ومنع تزويد المعارضة بالسلاح النوعي. فإذا كان التابع تابعا – كما تقول القاعدة المنطقية - فكيف نستغرب ما يحدث مع العلم أن مثل هذا التصرف يروق جدا لكثير من زعمائنا الذين أزعجهم الربيع العربي خوفا على كراسيهم دون أي شعور من نخوة أو رحمة إزاء ما يجري لهذا الشعب الذبيح في هولوكوست جهنم الآن وقد بات ما يطبخ خلف الأبواب المغلقة هو المعوَّل عليه - كما يثبت الواقع تماما - إرضاء لليهود. وليس أدل على ذلك من تصريح أوباما بعد قمته في السعودية فيما يخص الشأن السوري جوابا للسؤال من الملك عبدالله كيف لا يتم التدخل الجاد لحل الأزمة: إن أمريكا تملك قدرات محدودة! وكان يظهر نفسه أكثر شجاعة من عنترة لما هدد بالضربة العسكرية قبل ذلك إلى اللانظام في دمشق- طبعا لكسب قضية الضرب الكيماوي في الغوطة وتسليم الترسانة الكيماوية أيضا صونا لإسرائيل وتمت فبركة المشهد مع الشريك الروسي. أما الآن فهذا هو الجواب. ثم تصريح المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية أن بشار لو أقام انتخابات فسوف لن نعترف بنتائجها وستسقط شرعيته. فبالله متى كان له شرعية قبل الدم وبعد الدم؟ وكم مرة كرر سيد البيت الأبيض مثل هذا التصريح دون فعل يذكر وإنما لذر الرماد في العيون. وكان الشعب السوري غير لا يتصور بتاتا ألا يكون المقعد للثورة وأن يكافأ بعد كل هذه التضحيات به وهذا أقل ما يمكن بعد مئات المجازر سيما أن المنطق يقود إليه بعد اعتراف معظم المجتمع الدولي بجسمها السياسي ممثلا لها. ونحق في هذا الصدد لا يهمنا شخصية من يجلس على المقعد أبدا ولكن أن يكون ممن يمثلون الحق لا الباطل. وإن بعض الدول العربية التي عارضت منح المقعد للثورة أو التي تحفظت بذرائع وحجج واهية هي إما عدوة للشعب السوري المظلوم أو مسيّرة أو منساقة وراء تعصبها المذهبي الطائفي كما هو الحال في موقف العراق ولبنان. وإنها لا تعرف منطق التاريخ من جهة بل تجيد الابتزاز الرخيص الذي يدل على فقدانها القيم والأخلاق والتوازن والعدل من جهة أخرى. فإذا حلا للبعض أن يعتبر عدم وحدة المعارضة دافعا إلى عدم تسلمها المعقد. فمتى كانت المعارضات في الثورات موحدة وهل من قرأ بالتفصيل عن الثورة الفرنسية ومراحلها يجد ذلك؟ وهل من قرأ في الثورة الجزائرية ضد المستعمر خصوصا في بداياتها يجد ذلك؟ وكذلك الثورة الفلسطينية التي طغت فيها الخلافات والانقسامات إلى يومنا هذا؟ ومع ذلك فإن الجامعة العربية قد اعترفت بثورة الجزائر وكان الممثلون لها هم من يتصدرون وكذلك الثورة الفلسطينية إذا اعتبرنا أن منظمة التحرير هي التي كانت قد سبقت في الحراك ضد الصهاينة بقوة فتح. ثم جاءت الفصائل الأخرى ولسنا هنا في معرض التقويم فلماذا يظلم الشعب السوري بسلب من يمثله بثورته ويرفع علم سورية للانظام لا علم سورية الثورة ولا ريب أن الحملة التي سبقت القمة من أحداث الخلافات وسحب السفراء. والمحاولة الجادة أن يتقدم اللانظام في عدة محاور إنما هو لإضعاف الثورة. وإننا لنتساءل لماذا يعيبون على المعارضة نشوب اختلافات بعد عقود من زمن الاستبداد ولا يعيبون على أنفسهم خلافاتهم الداخلية التي تعصف بالبيت العربي والخليجي ولا يستفيد منها إلا إسرائيل وإيران وروسيا والدول الغربية فلم لم يتصالحوا وينقوا أجواءهم؟ ثم كيف لا يمكن أن تدب خلافات في معارضة وهي ممنوعة من السلاح النوعي من المجتمع الدولي بل وأكثر العربي والإسلامي فكم مرة كذب هذا المجتمع الدولي وخاس في وعوده بل العرب والمسلمون الذين إلى الآن لم يقوموا بما يجب عليهم حقا من دفع المكروه المحقق عن المظلومين. ولذا قال من أيد في الجامعة ترك المقعد خاليا: إن الثورة لمدة 3 أعوام لم تنتصر وما درى أن الحرب كر وفر حتى مع النبي صلى الله عليه وسلم وأعدائه وتلك سنة التاريخ وما درى أنها تنتصر كل يوم إذ تحرز تقدمات جوهرية كالتي حدثت مع بدء القمة في ريف اللاذقية وريف حماة وحلب وريفها ودرعا فلماذا لا تسلط عليها الأضواء إعلاميا وتسلط فقط على سقوط يبرود وقلعة الحصن؟ مما سنفصل فيه بمقال آخر ولا شك أن تراجع القمة بهذا الشكل يشجع الجلاد والقاتل على الضحية والمقتول وإذا كان هذا هو المطلوب لليهود وأذنابهم من الطائفيين فهل هو المطلوب ممن يسمون أنفسهم عربا ويقومون بتوزيع الحلوى والدبكات لتفوقهم على أبناء الوطن كالمحتل حزب الله المعين لشبيحة الأسد والمصرح أنه تأخر في التدخل في سورية وكان عليه أن يتدخل قبل ذلك! إننا نفهم أن هذا هو تغطية أيضا لخساراته الكبيرة في الجند والمعدات وخصوصا بعد السيطرة على مائة دبابة من قبل الثوار وقتل بعض من قواده! فإذا كان لم يفهم لصالح من يعمل فإننا نعرف ذلك بدقة ولذا فالثوار لا ريب منتصرون أمام كل هذه الحجافل المارقة من هؤلاء. وليس من المعقول أن يقاتلوا العالم أجمع الذي رماهم عن قوس واحدة ثم لا تكون بعد بعض الانتكاسات جراء التفاوت الهائل في العتاد بين الشعب والظالمين. لقد كان على الكويت أن تعلم أن هؤلاء الثوار يدافعون عنها وعن الخليج وعن العرب والمسلمين كلهم وأنهم يستحقون المساعدة والإشادة وضمان الحقوق لا أن يهضموها ثم إن من عرف عدد كلمات القرارات في القمة حيث بلغت 15000 على ما نقلته جريدة القدس العربي ثم يرى هذه النتيجة فإنه يعرف الجواب وما ذهبنا إليه من أن القرار السيادي الدولي وحده هو الذي يجب أن يعلو! ولكن أحلام الديكتاتوريين لن يتحقق مهما اغتروا وأن الثوار يبنون أنفسهم بأنفسهم معهم الله والشعب الحر الصابر رغم كل شيء وسيجد مجلس الأمن ودول القرار فيه يوما ما إن الحق أقوى من الطغيان أن الشعب أقوى من الحكومات الفاشية لأنه مازال على مبدأ عمر المختار: "نحن لا نستسلم ننتصر أو نموت".