الرئيسة \  واحة اللقاء  \  ما لم يقله روحاني على المنبر الأممي

ما لم يقله روحاني على المنبر الأممي

01.10.2013
ترودي روبن



الاتحاد
الاثنين 30/9/2013
عندما تحدث الرئيس الأميركي ونظيره الإيراني في الأمم المتحدة يوم الثلاثاء الماضي، استخدم كل منهما عبارة محورية في أي اتفاق نووي. فقد قال روحاني إن «عصر اللعب الذي محصلته صفر انتهى»، وقال أوباما «هذا ليس مسعى محصلته صفر» (في إشارة إلى احتمالات التوصل إلى اتفاق بشأن سوريا، لكنه يمثل نفس النهج تجاه القضية النووية).
وعبارة اللعب الذي محصلته صفر عند تفسيرها بصفة عامة تعني أن أفوز أنا وتخسر أنت حتماً. فلا منطقة وسطى. لكن لتجاوز سياسات المحصلة الصفرية يتعين توافر حد أدنى من الثقة أو القدرة على التحقق مما وعد به الجانب الآخر. وحتى الآن هناك افتقار للأمرين بين واشنطن وطهران
وكلمة أوباما، التي ذكر فيها أن الولايات المتحدة لا تسعى لتغيير النظام الإيراني وتحترم حق الشعب الإيراني في الحصول على طاقة نووية سلمية، وضحت أنه مستعد لمستوى معقول من التفاوض. لكن تعليقات روحاني تشير إلى أن طهران ربما مازالت ترى القضية النووية – أو سوريا- باعتبارها نصراً أميركياً غير مقبول. وبعبارة أخرى لعبة محصلتها صفر.
ودعني أقول في البداية، إنني اعتقد أنه من الضروري أن يختبر أوباما حسن نوايا إيران. فالعالم كله سيستفيد إذا أبدت طهران استعدادها لتقديم أدلة على أنها لم تعد تسعى إلى امتلاك أسلحة نووية. ويتعين علينا أن نعرف ما إذا كانت إيران مستعدة للتخلي عن العتاد والمنشآت والمواد الانشطارية التي قد تمكنها من إنتاج سلاح نووي في أسابيع أو شهور.
وعلاوة على هذا، فمن الواضح أن العقوبات الشاقة التي فرضت في عهد أوباما والتي أدت إلى تقليص صادرات إيران بشدة من النفط وشلّت إمكانيتها في الحصول على العملة الأجنبية، أقنعت النظام، بما فيه خامنئي، بإعطاء روحاني تفويضاً واسعاً للتفاوض. وسوف نرى قريباً ما إذا كان قد حصل روحاني على الضوء الأخضر لتقييد البرنامج النووي الإيراني، أم أنه سوف يطالب بتخفيف العقوبات أولا بينما يقدم تعديلات تجميلية يمكن النكوص عنها بسهولة.
وعلى عكس الآمال التي سبقت الكلمة، لم يكشف روحاني عن تفاصيل من على منبر الأمم المتحدة. واستهدفت ملاحظاته بالأساس تهدئة المتشددين الإيرانيين في طهران، وربما يكون هذا هو السبب المحتمل لتفاديه مصافحة أوباما. ولقي روحاني ترحيباً عندما أكد على أن الأسلحة النووية تناقض العقيدة الأمنية لإيران والدين الإسلامي، لكنه لم يقدم تبريرات لبرنامج الأسلحة الإيرانية السابق على عام 2003، ولم يقدم تفسيراً لكمية المواد الانشطارية التي أنتجها النظام والتي تجاوزت أي متطلبات للاستخدام السلمي.
وما يقلقني أكثر من عدم تقديم روحاني للتفاصيل هو نظرته لسوريا، حيث انتقد الولايات المتحدة وحلفاءها الخليجيين لقيامهم بـ«عسكرة» الصراع على حد زعمه، كما قال إن إيران تعتقد أنه «لا يوجد حل عسكري» للصراع. وإلى هنا ينتقل التهكم إلى مستوى مسرف جديد. فإيران تمول وتسلح وتدرب الميليشيات الشيعية التابعة للأسد وتنقل أطناناً من الأسلحة والذخيرة إلى مطار دمشق. وتذكر التقارير أن قاسم سليماني قائد قوات فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني، يدير فعلياً حرب الأسد ضد معارضيه السنّة.
واستدعى سليماني آلافاً من أفراد فيلق القدس من إيران ورجال الميليشيات الشيعية العراقية ليقاتلوا في صفوف ميليشيات الأسد. واستدعى آلاف المقاتلين من «حزب الله» اللبناني ليحققوا انتصارات في معارك حيوية للأسد. لذا عندما يقول روحاني إنه لا يوجد «حل عسكري» في سوريا، فمن الواضح أنه يستبعد إيران من المعادلة. ولن يكون هناك استقرار في لبنان وسوريا والعراق دون وئام بين الشيعة والسنة. لكن إيران تذكي الحرب الطائفية التي يتناحر فيها السوريون السنة والشيعة، مما يعطي الانطباع بأنها تريد لعب مباراة محصلتها صفر في الشرق الأوسط.
والواقع أن هناك مصلحة مشتركة لتحقيق الاستقرار في المنطقة لكل من الولايات المتحدة وإيران، ولا يريد أي منهما أن يرى مجاهدين سنة يسيطرون على مناطق كبيرة من سوريا والعراق. وكلاهما يريد حظر الأسلحة الكيماوية التي أدى استخدام صدّام لها ضد الإيرانيين إلى أضرار كبيرة. والحقيقة أنه لا إيران ولا وكيلها «حزب الله» يستطيعان خوض حرب مباشرة ضد إسرائيل.
وهذه المصالح المشتركة قد لا توفر أساساً لصيغة تنهي الصراع السوري. لكن كلمة روحاني قدمت إشارة بسيطة إلى أن إيران مستعدة لتجاوز استراتيجية المحصلة صفر لاستخدام القوى الشيعية لمحاولة الهيمنة على السياسة في الشرق أوسط، في هلال يمتد من لبنان إلى أنحاء من الخليج العربي.
وما لم تستطع إيران تبديد المخاوف بشأن نواياها الإقليمية، فسيكون من الصعب خلق الثقة الضرورية للتوصل إلى اتفاق نووي. وروحاني محق في القول إن وقت سياسة المحصلة صفر انتهى. لكن يتعين عليه أن يتبع نصيحته.
محللة سياسية أميركية
ينشر بترتيب مع خدمة «إم.سي. تي. إنترناشيونال»