الرئيسة \  واحة اللقاء  \  ما هكذا تورد الإبل يا شيخ نصر الله

ما هكذا تورد الإبل يا شيخ نصر الله

26.09.2013
صالح القلاب


الرأي الاردنية
الاربعاء 25-9-2013
من بين الكثير مما قاله حسن الله في خطابه الأخير، يوم الإثنين الماضي، بالنسبة للأزمة السورية، :»الرهان على الحسم العسكري.. على النجاح العسكري هو رهان فاشل وهو رهان مدمر» وحقيقة أن المفترض أن «سيد المقاومة»!! وهو يقول مثل هذا الكلام قد تذكر أنه هو صاحب هذا الرهان وأنه هو الذي قال وفي خطاب، أقل إطناباً من هذا الأخير، بعد إرسال ميليشيات حزبه لمشاركة قوات الأسد في «تحرير» قرية القصير في منطقة حمص :»أعدكم بأننا سنحقق إنتصاراً في سوريا كما حققنا الإنتصار على إسرائيل».. والمقصود هنا هو حرب عام 2006 التي كان إنتصار حزب الله فيها يتمثل في قتل أكثر من ألف وخمسمائة من اللبنانيين وهذا غير الجرحى وتدمير ضاحية بيروت الجنوبية والأهم هو استقدام قوات دولية لترابط في شريط الحدود اللبنانية-الإسرائيلية.
إنَّ مثل هذا التناقض بالإمكان تحمله من رجل بات يعتقد أنه قادرٌ حتى على تحريك الكرة الأرضية وتغيير مسارها الكوني بخنصر إحدى يديه أما أن يقول :لماذا تتجاهلون الوقائع السياسية والميدانية في الصراع الداخلي القائم في سوريا؟ ولماذا تتجاهلون أن هناك نظاماً وحكومة وجيشاً وقيادة وتأييداً شعبياً بنسبة كبيرة جداً وصفّاً داخلياً واقفاً بوجه هذا التحدي؟ فإن هذا هو ذروة «الوقاحة» السياسية وبخاصة وأنَّ صاحب هذا الكلام لم يتورع من أن يعتبر المعارضة السورية مجرد عشرات الألوف من المقاتلين الأجانب الذي جيئ بهم من كل أنحاء العالم.
كان على حسن نصر الله، قبل أن يقول مثل هذا الذي تدحضه الحقائق ولا تقبله العقول السليمة، أن يتذكر أن عدد القتلى من أبناء الشعب السوري قد تجاوز، حسب أرقام الأمم المتحدة، المائة ألف وأن عدد المفقودين يتجاوز هذا العدد كثيراً وأنَّ نزلاء السجون السورية يبلغ عددهم (215) ألفاً وأن المهجَّرين الذين لجأوا إلى الدول المجاورة قد تجاوزت أعدادهم المليونين وأن المهجرين في الداخل تتجاوز أعدادهم هذا العدد بمرتين وربما ثلاث مرات وأكثر.
ثم وكان على السيد حسن نصر الله أن يتذكر قبل أن يتحدث عن التأييد الشعبي لنظام بشار الأسد وعن تماسك جيشه أن عدد الذين إنشقوا عن هذا الجيش من الضباط من مختلف الرتب وصل إلى نحو عشرة آلاف ومن الجنود تجاوز المائة ألف وأن «الجيش العربي السوري» الذي تحدث عنه لم يعد موجوداً وأنَّ قوات هذا النظام باتت تقتصر على الفرقة الرابعة وعلى الحرس الجمهوري وعلى مجندي كتائب الميليشيات الطائفية الذين مثلهم مثل من بقي في هذا الجيش ينتمون إلى الطائفة التي غدت مختطفة من قبل نظام طائفي وليس نظام الطائفة وهي الطائفة العلوية الكريمة.
لا أحد ينكر أن هناك مجموعات إرهابية متطرفة غدت تتواجد في المناطق التي رحل عنها النظام في شرقيِّ وشماليِّ البلاد لكن ما يجب ألاَّ ينكره السيد حسن نصر الله هو أن تنظيم «النصرة» وتنظيم «دولة العراق وبلاد الشام الإسلامية» هما من صنع المخابرات السورية والمخابرات الإيرانية أيضاً وأنهما كانا سلاح بشار الأسد في إزعاج الأميركيين بعد احتلال العراق في عام 2003 وبعد رفْعه شعار ضرورة إغراق القوات الأميركية في أوحال بلاد الرافدين وفي رمالها المتحركة.
إن هناك حقائق من الصعب إنكارها لا من قبل حسن نصر الله ولا من قبل غيره ولعل أهم هذه الحقائق هو أن الظلم الذي تعرض له الشعب السوري على مدى أربعين عاماً وأكثر هو سبب كل هذا الذي حصل ويحصل الآن في سوريا وهو أن المؤامرة الخارجية كذبة كبرى وأن بشار الأسد هو الذي حوَّل «القطر العربي السوري» ساحة لتصفية الحسابات الإقليمية والدولية وهو أيضاً أن الإحتلال الذي يعاني منه هذا البلد وهذا الشعب هو الإحتلال الإيراني وهو إحتلال ميليشيات حزب الله وهو أيضاً إحتلال الميليشيات المذهبية التي جاءت من العراق ومن اليمن ومن البحرين ومن بعض مناطق الخليج العربي ومن كل حدبٍ وصوب وهو أن حماية مقام السيدة زينب وقبر حجر بن عدي هي مجرد مبرر كاذب لتواجد هذه الميليشيات في هذه الدولة العربية ولمشاركة قوات هذا النظام وأجهزته الأمنية المتعددة في قمع الشعب السوري والتنكيل به ولذلك ولكل هذا نقول :ما هكذا تورد الإبل يا شيخ نصر الله.. وعيبٌ يا «سيد المقاومة»!!.