الرئيسة \  واحة اللقاء  \  ما وظيفة الإعلام في حلبة الصراع السوري ؟!

ما وظيفة الإعلام في حلبة الصراع السوري ؟!

08.04.2014
د. خالد حسن هنداوي


الشرق القطرية
الاثنين 7/4/2014
لا ريب أن للإعلام في هذه الأيام بالذات أهمية عظيمة وآثارا جسيمة. فقد دخلت أدق التقنيات إليه كي يقوم بوظيفته المطلوبة. ولكن الأهم في هذا الأمر هو أن الإنسان الذي يؤمل منه أن يبسط عقله وروحه وقلبه غذاء لهذا الإعلام قد أصبح مخالفا تماما رافضا الاستجابة لداوعي الفطرة الإنسانية والمشاعر الصادقة المخلصة التي تتفاعل مع كل إنسان فتفرح لفرحه وتحزن لحزنه غالبا. ولا شك أن جنرالات الإعلام في زمننا هذا لسبب منهم أو خارج عنهم لا يحيدون عن أن يكونوا أداة طيعة في أيدي الأخطبوط الهائل الذي تضخ آلته هذا الإعلام. ولقد رأينا ومازلنا نشاهد تسليط الأضواء على شيء لا يستحق هذا التسليط بينما نرى شيئا آخر سائرا في درب الحق والحرية. لا تسلط عليه الأضواء إلا في أقل القليل. ونحن مع قناعتنا أن الصهيونية العالمية هي أكبر من يقود الإعلام إلا أن هذا لا يبرر أن نتكاتف ونتعاون نحن العرب والمسلمين لنشكل ظاهرة قوية لتعرض الإعلام كما ينبغي أن يكون عليه الخبر وما وراءه إنصافا للناس وقياما بحق الواجب والمهنة والشرف الإعلامي. ولنأخذ على سبيل المثال مؤخرا كيف شاهد كل منا تسليط وسائل الإعلام أضواءها على ما يسمى انتصار الأسد وشبيحته وحزب الله ومن معهم متمثلا في سقوط بلدة يبرود في القملون من ريف دمشق والشريط الحدودي مع لبنان. وكذلك في سقوط قلعة الحصن في ريف حمص. كما حدث قبل ذلك في سقوط القصير بريف حمص أيضا والسفيرة بريف حلب وأخذت القنوات الفضائية وخصوصا الجزيرة والعربية - على فضلهما في الحماسة للثورة السورية غالبا – تركز أيما تركيز على يبرود والحصن في الخبر وما وراءه حتى ليخال الإنسان أنه قد حررت فلسطين وجاء الفتح الأعظم.. وهكذا جروا مع القتلة في فرحتهم وتوزيعهم الحلوى وهتافاتهم الطائفية في ضاحية لبنان ابتهاجا بهذا النصر الذي إنما هو هولوكوست على الشعب ومزيد استبداد وامتداد لغايات العدو الصهيوني وألعوبته وأضحوكته أمريكا وروسيا وربائبها إيران والأحزاب الدائرة في فلكها. حتى لا تقوم قائمة للعروبة الحقة والإسلام الأصيل الحضاري غير المزيف في بلاد الشام. مع أنه يجب أخذ العلم أن يبرود وكل ما في القلمون كانت في يد الثورة مدة أكثر من سنتين. وكذلك كانت القصير وغيرها. فلماذا لم يوَجّه الإعلام إلى مدى قوة الثوار وإرادتهم الفولاذية في الحفاظ على تلك البلدات التي نشروا الأمن فيها ولأول مرة كما شعر الناس بقيمة الحرية والكرامة على أيديهم. ونحن نجزم والأحرار معنا في العالم وكل عاقل منصف أنه لولا تدخل ما يسمى بحزب الله ومليشيات أبي فضل العباس وحيدر الكرار العراقية إضافة إلى الآلاف من قوات الحرس الإيراني وحشود لم تظهر أسماؤهم حتى اليوم وإسناد طغيان الأسد في البر والبحر والجو بهجمات اعتبرت أمامها هجمات في الحرب العالمية الأولى والثانية كأنها نزهة ونسيم عليل إضافة إلى استعمال كل ما هو محرم استعماله في الحروب.. لما تمكن هؤلاء الوحوش أن يصلوا إلى أطراف تلك الأماكن التي استعادوها بعد قتال مرير ضار ثبت فيه اسود الجيش الحر وكان جديرا أن يوصف به كل واحد منهم كما وصف أبو تمام:
فتى مات بين الضرب والطعن ميتة تقوم مقام النصر إذ فاته النصر وما مات حتى مات مضرب سيفه من الضرب واعتلَّت عليه القنا السمر وكم قتل كل أسد منا الكثير من هؤلاء التتار والنازيين والطائفيين الجدد ويكفي أن كتائب الثوار بعد سقوط يبرود بأربعة أيام تمكنت من اقتحام المستودع 559 لذخائر الأسد وحزب الله واغتنام مائة دبابة والحمد لله. إننا يجب أن نفهم أن الحرب سجال كر وفر والذي يتأمل حال السوريين قبل الثورة وبعدها يرى الفرق شاسعا ففي الحين الذي لم يكن بإمكان أحد أن يهمس في حق الأسد أصبح ممرغا في الوحل وأحدوثة بين الناس وحررت معظم البلدات ألا يعتبر هذا نصرا أكيدا؟
إنه يجب على كل إعلامي حر أن يسلط الضوء على انتصارات الثوار كما يفعل هذا بعض الأجانب تماما فإن لهم حقوقا علينا.
لقد مر شهر مارس ودخلنا في أبريل والانتصارات الباهرات العجيبات للثوار تملأ الدنيا فهاهي دمشق العاصمة. رغم الحصار يتقدم الثوار فيها إلى حد وصلوا فيه الأمس إلى استهداف ساحة العباسيين والأوبرا وحي المالكي ومعظم المريعات الأمنية للانظام بقذائفهم وسط البلد وبجانب القصر الرئاسي – أما اللانظام فموقفه مليء بالاضطراب والخوف. وهذا هو ريف دمشق في الغوطة الغربية تصمد فيه (داريا) - نسبة إلى أبي سليمان الداراني رحمه الله- منذ أمد بعيد في مواجهة الفرقة الرابعة والحرس الجمهوري.
فإذا ما ذهبت إلى مشهد حلب ترى التقدم المميز للثوار بعد أن باغتتهم العصابات المجرمة وكادت تطوق المدينة القديمة وما حولها. وما هو إلا يوم واحد من الثبات ورسوخ الأبطال حتى روعوهم وأعادوهم من حيث أتوا ورغم البراميل المتفجرة التي تحصد مئات أرواح المدنيين يوميا يصطبر الحلبيون أسودا حقيقيين ويتأهبون لكل منازلة ويوقعون بالمجرمين سوء المغبة وقد حرروا قرى جديدة والحمد لله والوضع مازال بأحسن حال عليه فإذا ما ذهبت إلى مدينة حماة وجدت النصر المؤزر لكتائب الثوار في بلدة مورك واغتنامهم الدبابات والأسلحة والذخائر ودحر المعتدين لخنقهم بوادي الضيف وإذا ما عدت إلى حمص مدينة خالد بن الوليد رضي الله عنه وهي عاصمة الثورة وجدت الاشتباكات مستمرة رغم الحصار الخانق في قسمها القديم ثم إذا ذهبت إلى الساحل في ريف اللاذقية معقل اللانظام الطائفي رأيت كيف استطاع الثوار إسقاط معبر كسب الحدودي مع تركيا ثم تحرير المدينة بعد ثلاثة الأيام من القتال الضاري. ثم السيطرة على المرتفع 45 الذي زعم المجرون أنهم استعادوه بينما ظهر وزير الدفاع أسعد مصطفى في حكومة الثورة عنده وحوله أسود الله يتحدون الباغين وهكذا تقدموا نحو البحر الأبيض المتوسط وهم كل ساعة يحرزون انتصارات ضخمة وأسطورية.