الرئيسة \  تقارير  \  ما يقول بوتين أنها أسباب وغايات العمل العسكري الروسي

ما يقول بوتين أنها أسباب وغايات العمل العسكري الروسي

28.02.2022
جو لوريا


جو لوريا – (كونسورتيوم نيوز) 24/2/2022
ترجمة: علاء الدين أبو زينة
الغد الاردنية
الاحد 27/2/2022
تقول روسيا أنها لا ليست لديها النية للسيطرة على أوكرانيا، وأن عمليتها العسكرية تهدف فقط إلى “نزع سلاح” أوكرانيا و”نزع النازية” منها، في إجراء تم اتخاذه بعد 30 عاما من ضغط الولايات المتحدة على روسيا بشدة. ويأتي العمل العسكري الروسي في أعقاب المطالب التي قدمتها روسيا في كانون الأول (ديسمبر) إلى الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي في شكل مقترحات لإبرام معاهدة تنص على عدم انضمام أوكرانيا وجورجيا إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو)؛ وإزالة الصواريخ الأميركية من بولندا ورومانيا؛ وتفكيك انتشار الناتو في أوروبا الشرقية. وقد رفضت الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي المقترحات، وأرسلا بدلاً من ذلك المزيد من قوات الناتو إلى أوروبا الشرقية وعكفا على تسليح أوكرانيا بشكل مكثف. وفي خطابه صباح الخميس، قال بوتين إن العملية العسكرية التي يشنها في أوكرانيا هي “مسألة حياة أو موت” بالنسبة لروسيا، في إشارة إلى توسع حلف الناتو شرقا منذ أواخر التسعينيات.
 
* *
قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في خطاب متلفز صباح الخميس أن الهدف من العملية العسكرية الروسية ليس السيطرة على أوكرانيا، وإنما “نزع السلاح” و”نزع النازية” من البلد. وبعد لحظات من حديثه، سُمع دوي الانفجارات في عدة مدن أوكرانية.
وقالت وزارة الدفاع الروسية أن العملية هي عبارة عن هجمات “دقيقة” ضد منشآت عسكرية أوكرانية، وأنه لم يتم استهداف المدنيين. وأضافت أن القوات الجوية الأوكرانية على الأرض ودفاعاتها الجوية قد دُمرت.
وقالت الحكومة الأوكرانية، التي أعلنت حالة الطوارئ وقطعت العلاقات الدبلوماسية مع روسيا، أن هناك غزوا جاريا وأن روسيا قامت بإنزال قوات في مدينة أوديسا الساحلية على ساحل البحر الأسود الأوكراني، بالإضافة إلى دخول قوات من بيلاروسيا في الشمال. وقالت أنها قتلت 50 جنديا روسيا وأسقطت ست طائرات مقاتلة روسية، وهو ما نفته روسيا.
قال بوتين إن أحد أهداف العملية هو اعتقال أشخاص معينين في أوكرانيا، على الأرجح من “النازيين الجدد” الذين أحرقوا العشرات من الأشخاص العزل أحياء في مبنى في أوديسا في العام 2014. وفي خطابه يوم الاثنين، قال بوتين أن موسكو تعرف من يكون هؤلاء. وقالت روسيا أنها تهدف إلى تدمير ألوية النازيين الجدد، مثل “القطاع الأيمن” و”كتيبة آزوف”.
وقال بوتين أن الهدف من العمليات العسكرية ليس احتلال أوكرانيا، لكنه لم يشر إلى موعد مغادرة روسيا للبلد. ويمكن أن تنتهي العمليات بسرعة إذا تم تحقيق أهداف روسيا، لكن للحرب دائماً منطقها الخاص الذي كثيراً ما يقوض الخطط العسكرية.
وذكرت هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) أنه قتل، وفقا للسلطات الأوكرانية، 50 مدنياً حتى إعداد هذا التقرير. وأن الرئيس جو بايدن متأكد من الكيفية التي ستذهب إليها الأمور.
وقال بايدن ليلة الأربعاء: “لقد اختار الرئيس بوتين حرباً مع سبق الإصرار، والتي ستؤدي إلى خسائر فادحة في الأرواح ومعاناة بشرية كبيرة. إن روسيا وحدها هي المسؤولة عن الموت والدمار الذي سيحدثه هذا الهجوم، وسترد الولايات المتحدة وحلفاؤها وشركاؤها بطريقة موحدة وحاسمة. سوف يحاسب العالم روسيا”.
إضعاف روسيا
وكان من المقرر أن يلقي بايدن كلمة متلفزة يوم الخميس بعد أن ينسق رداً على العمل العسكري الروسي في أوكرانيا مع مجموعة السبع وحلف شمال الأطلسي. وقال بايدن أنه سيعلن حزمة جديدة من العقوبات الاقتصادية ضد روسيا، بالإضافة إلى تلك التي فُرضت يوم الاثنين، لكنه أكد أن القوات الأميركية وحلف شمال الأطلسي لن تتدخل عكسرياً.** ووفقًا لوكالة الأنباء الروسية “تاس”، قال الاتحاد الأوروبي إنه يعتزم إضعاف “القاعدة الاقتصادية لروسيا وقدرة البلد على التحديث”.
حتى أن رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون ألمح إلى تدخل عسكري بريطاني. وقال “إن مهمتنا واضحة، دبلوماسياً وسياسياً واقتصادياً، وفي النهاية عسكرياً، يجب أن تنتهي هذه المغامرة البشعة والهمجية لفلاديمير بوتين بالفشل”.
وفي قراءة للبيت الأبيض بعد آخر مكالمة هاتفية بين بايدن وبوتين هذا الشهر، قال بايدن أن روسيا ستكون قد “أُضعفت” إذا قامت بغزوها، وهو هدف أميركي طويل الأمد.
بالإضافة إلى العقوبات، واجهت روسيا إدانة واسعة النطاق من معظم دول العالم، والتي عبرت عنها اجتماعات الأمم المتحدة الأسبوع الماضي، بما في ذلك جلسة طارئة لمجلس الأمن عُقدت مساء الأربعاء. وقد تحدثت عدة دول بنبرة ميلودرامية عن تغيير العملية العسكرية الروسية للأمن العالمي. وكانت العديد من هذه الدول قد دعمت سابقا الغزو الأميركي للعراق.
يوم الاثنين، قال بوتين إنه سيرسل “قوات حفظ سلام” روسية إلى لوغانسك ودونيتسك، اللتين اعترف بهما كدولتين مستقلتين عن أوكرانيا. وقد استنكر الغرب ذلك باعتباره غزوا، مما أدى إلى بدء الجولة الأولى من العقوبات ضد روسيا. وقال بوتين إن القوات الروسية أرسِلت إلى تلك المناطق لحماية المواطنين من أصل روسي، الذين فر الكثير منهم الآن بحثا عن الأمان عبر الحدود إلى روسيا.
قتال في دونباس
تحدثت الأنباء عن اندلاع قتال عنيف يوم الخميس على طول الخط الفاصل بين القوات الأوكرانية وميليشيات من دونيتسك ولوغانسك. وليس من الواضح إلى أي مدى تشارك القوات الروسية في معركة دونباس وما إذا كان الهدف هو الاستيلاء على كامل المقاطعتين الانفصاليتين.
وكانت كلتاهما قد صوتتا لصالح الاستقلال عن أوكرانيا في العام 2014 بعد انقلاب أطاح بالرئيس المنتخب فيكتور يانوكوفيتش. ثم شنت الحكومة الأوكرانية الجديدة حربا على هاتين المقاطعتين لسحق سعيهما إلى الاستقلال، وهي حرب ما تزال مستمرة الآن بعد ثماني سنوات، وكلفت خسران أرواح 14 ألف شخص.
شاركت مجموعات النازيين الجدد، مثل “القطاع اليميني” و”لواء آزوف”، التي تقدس زعيم الحرب العالمية الثانية الفاشي الأوكراني، ستيبان بانديرا، في الانقلاب، وكذلك في الحرب المستمرة ضد لوغانسك ودونيتسك.
مسألة “حياة أو موت
يأتي العمل العسكري الروسي في أعقاب المطالب التي قدمتها روسيا في كانون الأول (ديسمبر) إلى الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي في شكل مقترحات لإبرام معاهدة تتطلب عدم انضمام أوكرانيا وجورجيا إلى حلف الناتو؛ وإزالة الصواريخ الأميركية من بولندا ورومانيا؛ وتفكيك انتشار الناتو في أوروبا الشرقية. وقد رفضت الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي المقترحات، وبدلا من ذلك أرسلا المزيد من قوات الناتو إلى أوروبا الشرقية وعكفا على تسليح أوكرانيا بشكل مكثف.
في خطابه صباح الخميس، قال بوتين إن العملية العسكرية التي يشنها هي “مسألة حياة أو موت” بالنسبة لروسيا، في إشارة إلى توسع حلف الناتو شرقا منذ أواخر التسعينيات. وقال:
بالنسبة للولايات المتحدة وحلفائها، هذه سياسة احتواء لروسيا، ذات فوائد جيوسياسية واضحة. وبالنسبة لبلدنا، هي مسألة حياة أو موت، مسألة مستقبلنا التاريخي كأمة. وليست هذه مبالغة؛ إنها حقيقة. ليس ما يجري تهديدا حقيقيا جدا لمصالحنا فقط، ولكن لوجود دولتنا ذاته ولسيادتها. إنه الخط الأحمر الذي تحدثنا عنه في مناسبات عديدة. وقد عبروه”.
شرح مفصل لأسباب العملية وأهدافها
في خطابه المؤلف من 3.350 كلمة، أوضح بوتين بالتفصيل الأسباب التي دفعته إلى اتخاذ إجراء عسكري ضد أوكرانيا وما الذي يأمل في تحقيقه. وكان الخطاب انتقادا شديدا لسياسة الولايات المتحدة تجاه روسيا على مدى الثلاثين عاما الماضية، والذي سيقع بلا شك على آذان صماء في واشنطن.
حتى كتابة هذه السطور، تجاهلت وسائل الإعلام الغربية الخطاب أو رفضته ظاهريا. ولكن، يجب دراسة الخطاب بعناية إذا كان المرء مهتما بفهم سبب قيام روسيا بهذه العملية العسكرية. لن يجدي مجرد وصف بوتين بـ”هتلر”، كما فعلت نانسي بيلوسي ليلة الأربعاء.
وفي الحقيقة يظهر هتلر في خطاب بوتين. على سبيل المثال، قال بوتين مخاطبًا الجيش الأوكراني:
لم يقاتل آباؤكم وأجدادكم وأجداد أجدادكم المحتلين النازيين ولم يدافعوا عن أرضنا الأم المشتركة حتى يُسمح للنازيين الجدد اليوم بالاستيلاء على السلطة في أوكرانيا. لقد أقسمتم على الولاء للشعب الأوكراني وليس للطغمة العسكرية، عدوة الشعب التي تنهب أوكرانيا وتذل الشعب الأوكراني”.
كما ربط بوتين غزو النازيين الألمان لروسيا بالتهديد الذي يشكله حلف الناتو عليها اليوم، فقال إنها لن تكون هناك مهادنة ولا استرضاء هذه المرة:
بطبيعة الحال، هذا الموقف يطرح سؤالا: ماذا بعد، ما الذي نتوقعه؟ إذا كان التاريخ يصلح كدليل، فإننا نعلم أن الاتحاد السوفياتي بذل، في العام 1940 وأوائل العام 1941، جهودا كبيرة لمنع نشوب الحرب -أو على الأقل تأخير اندلاعها. ولهذه الغاية، سعى الاتحاد السوفياتي إلى عدم استفزاز المعتدي المحتمل حتى النهاية بالامتناع عن -أو تأجيل- الاستعدادات الأكثر إلحاحا ووضوحا التي كان عليه القيام بها للدفاع عن نفسه من هجوم وشيك. وعندما تصرف أخيرا، كان الأوان قد فات.
نتيجة لذلك، لم يكن البلد مستعداً لمواجهة غزو ألمانيا النازية التي هاجمت وطننا الأم في 22 حزيران (يونيو) 1941، من دون إعلان الحرب. وقد أوقف بلدنا العدو ثم ذهب إلى هزيمته، لكن ذلك جاء بتكلفة باهظة. وثبت أن محاولة استرضاء المعتدي ومهادنته قبل الحرب الوطنية العظمى كانت خطأ كلف شعبنا ثمنا باهظا. في الأشهر الأولى بعد اندلاع الأعمال العدائية، فقدنا مناطق شاسعة ذات أهمية استراتيجية، فضلاً عن ملايين الأرواح. لن نرتكب هذا الخطأ مرة ثانية. لا يحق لنا فعل ذلك”.
وقال بوتين أن التهديد الوجودي الذي يشكله توسع “الناتو” كان السبب الرئيسي للعمل العسكري:
إن أكبر مكامن قلقنا ومخاوفنا هي التهديدات الأساسية التي خلقها السياسيون الغربيون غير المسؤولين لروسيا باستمرار، بوقاحة وبلا كياسة من عام إلى آخر. وأنا أشير إلى توسع الناتو باتجاه الشرق، وقيامه بنقل بنيته التحتية العسكرية لتكون بالقرب من الحدود الروسية.
إنها لحقيقة أننا كنا، على مدى الثلاثين عاما الماضية، نحاول بصبر التوصل إلى اتفاق مع دول الناتو البارزة فيما يتعلق بمبادئ الأمن المتكافئ وغير القابل للتجزئة في أوروبا. وفي الرد على مقترحاتنا، واجهنا على الدوام إما الخداع والأكاذيب أو محاولات الضغط والابتزاز، بينما استمر تحالف شمال الأطلسي في التوسع على الرغم من احتجاجاتنا ومخاوفنا. إن آلته العسكرية تتحرك، وهي، كما قلت، تقترب من حدودنا ذاتها.
لماذا يحدث هذا؟ من أين أتت هذه الطريقة الوقحة في التحدث الفوقي من علياء استثنائيتهم، وعصمتهم، امتلاكهم رخصة مطلقة؟ ما هو تفسير هذا الموقف المستخف والمزدري لمصالحنا ومطالبنا المشروعة تماماً”؟
ووصف بوتين الأميركيين بـ”المحتالين” بسبب كذبهم بشأن توسع الناتو. وأشار إلى أنها كانت هناك:
وعود بعدم توسيع الناتو شرقاً ولو لبوصة واحدة. أكرر: لقد خدعونا، أو، ببساطة، لم يكونوا صادقين معنا. من المؤكد أنه كثيرا ما يسمع المرء أن السياسة عمل قذر. قد تكون كذلك، ولكن لا ينبغي أن تكون بنفس حجم القذارة التي هي عليها الآن، ليس إلى مثل هذا الحد. لا يتعارض هذا النوع من السلوك المخادع مع مبادئ العلاقات الدولية فحسب، بل ويتعارض أيضا، أولا وقبل كل شيء، مع معايير الأخلاق المقبولة عموما”.
وقال بوتين إن روسيا لطالما أرادت التعاون مع الغرب. وأن أولئك الذين يتطلعون إلى الهيمنة العالمية قد صنفوا روسيا علنا على أنها عدوهم. وفعلوا ذلك مع إفلات من العقاب. وقال “لا تخطئوا، ليس لديهم أي سبب للتصرف بهذه الطريقة”.
انتصارية الحرب الباردة وتداعياتها
وقال بوتين إن انهيار الاتحاد السوفياتي أدى إلى إعادة تقسيم العالم وأحدث تغييراً في القانون والأعراف الدوليين. وكانت هناك حاجة إلى وضع قواعد جديدة، ولكن بدلا من تحقيق ذلك “بمهنية، وسلاسة وصبر، ومع المراعاة والاحترام الواجبين لمصالح جميع الدول… رأينا حالة من النشوة الناتجة عن الشعور بالتفوق المطلق، وهو نوع من الإطلاقية الاستبدادية الحديثة، مقترن بمعايير ثقافية متدنية وغطرسة لدى أولئك الذين صاغوا ودفعوا القرارات التي لا تناسب أحدا سوى أنفسهم فقط”.
ثم قال بوتين أن هذه “الإطلاقية”، عندما لم يعد الاتحاد السوفياتي موجودا كحاجز، أدت إلى ظهور عدوانية أميركية بلا رادع، بدءا من قصف الناتو لصربيا في العام 1999، وغزو العراق في العام 2003، إلى تدخل الولايات المتحدة في سورية. وكانت روسيا تلاحِظ الدمار الذي تحدثه واشنطن، حتى وإن بدا وكأنه جرى تبييضه في العقول الأميركية.
أولا، تم شن عملية عسكرية دموية ضد بلغراد، من دون موافقة مجلس الأمن الدولي، ولكن باستخدام الطائرات المقاتلة والصواريخ في قلب أوروبا. وقد استمر قصف المدن السلمية والبنى التحتية الحيوية لعدة أسابيع. علي أن أذكر هذه الحقائق لأن بعض الزملاء الغربيين يفضلون نسيانها، وعندما ذكرنا ذلك، كانوا يفضلون تجنب الحديث عن القانون الدولي.
ثم جاء الدور على العراق وليبيا وسورية. وأدى الاستخدام غير المشروع للقوة العسكرية ضد ليبيا وتحريف جميع قرارات مجلس الأمن الدولي بشأن ليبيا إلى تدمير الدولة، وخلق مقرا ضخما للإرهاب الدولي، ودفع البلد نحو كارثة إنسانية، ودوامة حرب أهلية استمرت هناك لسنوات. لقد أدت المأساة، التي حدثت لمئات الآلاف وحتى الملايين من الناس -وليس فقط في ليبيا ولكن في المنطقة بأكملها- إلى نزوح جماعي واسع النطاق من الشرق الأوسط وشمال إفريقيا إلى أوروبا.
كما تم تحضير مصير مماثل لسورية. ولا يمكن تعريف العمليات القتالية التي يقوم بها التحالف الغربي في ذلك البلد من دون موافقة الحكومة السورية أو موافقة مجلس الأمن الدولي إلا بالعدوان والتدخل.
لكن المثال الذي يتميز من بين الأحداث المذكورة أعلاه هو، بالطبع، غزو العراق من دون أي أسس قانونية. لقد استخدموا ذريعة المعلومات الموثوقة المزعومة المتوفرة لدى الولايات المتحدة عن وجود أسلحة للدمار الشامل في العراق. ولإثبات هذا الادعاء، رفع وزير الخارجية الأميركية قارورة مسحوق أبيض علانية ليراها العالم بأسره، مؤكداً للمجتمع الدولي أن هذا عنصر حرب كيماوية تم تصنيعه في العراق.
ثم اتضح فيما بعد أن كل ذلك كان تزويراً وخداعًا، وأن العراق لم يكن يمتلك أي أسلحة كيماوية. وهذا صادم ولا يُصدق، ولكنه حقيقي. لقد شاهدنا الأكاذيب تُصنع على أعلى مستوى في الدولة ويتم إعلانها من على منبر الأمم المتحدة العالي. ونتيجة لذلك، نرى الخسائر الفادحة في الأرواح البشرية، والأضرار، والدمار، والتصاعد الهائل للإرهاب.
بشكل عام، يبدو أنه في كل مكان تقريبًا، في العديد من مناطق العالم حيث فرضت الولايات المتحدة القانون والنظام، تسبب ذلك في جروح دموية غير قابلة للشفاء، ولعنة الإرهاب والتطرف الدوليين”.
وقال بوتين خلال الأيام الماضية: “كانت قيادة الناتو صريحة في تصريحاتها بأنها في حاجة إلى تسريع وتكثيف الجهود لتقريب البنية التحتية للحلف من حدود روسيا. بعبارات أخرى، لقد شددوا موقفهم. لا يمكننا أن نبقى مكتوفي الأيدي ونراقب هذه التطورات بحياد. سوف يكون عملنا ذلك موقفا غير مسؤول على الإطلاق من طرفنا”.
وقال إن أوكرانيا أصبحت بشكل أساسي عضوا بحكم الواقع في حلف الناتو وأنها تشكل أكبر تهديد لروسيا. وأضاف:
إن أي توسع إضافي للبنية التحتية لحلف شمال الأطلسي أو الجهود الجارية لكسب موطئ قدم عسكري في الأراضي الأوكرانية غير مقبول بالنسبة لنا. بطبيعة الحال، لا تتعلق المسألة بحلف الناتو نفسه. إنه مجرد أداة للسياسة الخارجية للولايات المتحدة. المشكلة هي أنه في المناطق المجاورة لروسيا، والتي يجب أن أشير إلى أنها أرضنا التاريخية، ثمة حركة معادية “مناهضة لروسيا” تتخذ شكلا. وبخضوعها لسيطرة كاملة من الخارج، تبذل كل ما في وسعها لجذب القوات المسلحة لحلف الناتو والحصول على أسلحة متطورة”.
كلمة الافتراق الأخيرة للأتباع الأوروبيين
كما انتقد بوتين حلفاء أميركا الأوروبيين لعدم امتلاكهم القوة المبدئية أو الأسس الأخلاقية للوقوف في وجه واشنطن. وقال:
ما تزال الولايات المتحدة دولة عظيمة وقوة لتشكيل النظام. ولا يقتصر الأمر على أن جميع الذين يدورون في فلكها يقولون لها، نعم، بتواضع وطاعة ويرددون أقوالها كالببغاء بأدنى ذريعة، لكنهم يقلدون أيضًا سلوكها ويقبلون بحماس القواعد التي تعرضها لهم. لذلك، يمكن للمرء أن يقول بمنطق وثقة أن الكتلة الغربية المزعومة التي شكلتها الولايات المتحدة في صورتها وعلى مثالها، في مجملها، هي نفس “إمبراطورية الأكاذيب”.
*جو لوريا Joe Lauria: هو رئيس تحرير “كونسورتيوم نيوز” ومراسل سابق من الأمم المتحدة لصحيفتي “وول ستريت جورنال” و”بوسطن غلوب” والعديد من الصحف الأخرى. كان صحفياً استقصائيًا لصحيفة “صنداي تايمز” بلندن وبدأ عمله الاحترافي بعمر 19 عامًا كمراسل صحفي محلي لصحيفة “نيويورك تايمز”.
*نشر هذا التقرير تحت عنوان: What Putin Says Are the Causes & Aims of Russia’s Military Action
**تحديث: صرح الرئيس الأميركي في كلمته مساء الخميس بأنه وافق على فرض عقوبات قوية على روسيا ووضع حدود لما يمكن أن تصدره من منتجات. وأفاد بايدن بأن أميركا وحلفاءها سيعملون على الحد من قدرات روسيا على تمويل قدراتها العسكرية. وأشار إلى أن العقوبات على روسيا ستؤثر على مصارفها التي تمتلك أرصدة مالية بقيمة تريليون دولار، موضحا أن العقوبات ستتطلب بعض الوقت لتؤتي أكلها.