الرئيسة \  تقارير  \  مترجم: أنصار مقتدى الصدر رهن الإشارة.. هل ينزلق العراق في حربٍ شيعية-شيعية؟

مترجم: أنصار مقتدى الصدر رهن الإشارة.. هل ينزلق العراق في حربٍ شيعية-شيعية؟

04.08.2022
ساسة بوست


ساسة بوست
الاربعاء 3/8/2022
في الوقت الذي يطرح فيه مقتدى الصدر شروطه للحوار مع هادي العامري، تتزايد المخاوف من أن يؤدي الجمود إلى قتالٍ شيعي-شيعي ويخاطر بإثارة حفيظة السيستاني، وذلك حسب ما جاء في تقرير أعدَّته الصحافية سؤدد الصالحي لموقع “ميدل إيست آي” البريطاني.
تبدأ الكاتبة تقريرها بالإشارة إلى أن رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر رفعَ مستوى رهاناته يوم الاثنين من خلال دعوة أنصاره في المحافظات الجنوبية والوسطى إلى النزول إلى الشوارع بعد عطلة نهاية الأسبوع التي أظلَّتها الاحتجاجات والتنديدات الغاضبة.
خطر يلوح في الأفق
وتلفت الكاتبة إلى أن خطر اندلاع أعمال عنف في العراق يلوح في الأفق بدرجة كبيرة، وذلك مع انطلاق التظاهرات المضادة لاحتجاجات التيار الصدري مساء الاثنين.
وفي يوم السبت تدفق أنصار رجل الدين الشيعي المؤثر إلى “المنطقة الخضراء” المحصَّنة في العاصمة العراقية بغداد، واحتل أنصاره مبنى البرلمان منذ ذلك الحين احتجاجًا على منافسيه المدعومين من إيران، الذين منعوا الصدر من تشكيل الحكومة بعد فوزه في انتخابات أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.
أنصار مقتدى الصدر يقتحمون مبنى البرلمان العراقي
وزادت حدة التوترات بعدما دعا الصدر القبائل العراقية والقوى السياسية الأخرى للانضمام إلى ما أسماه “الثورة”. وقال رجل الدين إن أنصاره “حرَّروا” المنطقة الخضراء استعدادًا “لتغيير جذري للنظام السياسي والدستور”، بحسب التقرير.وردًا على ذلك دعا تحالف الإطار التنسيقي الشيعي المدعوم من إيران، والذي أحبط الصدر في كل مساعيه لتشكيل الحكومة، إلى التظاهر “لدعم الشرعية والحفاظ على مؤسسات الدولة”. وهدد معارضو الصدر بالاستيلاء على مطار بغداد ومنزل رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي واتَّهموه بتسهيل سيطرة التيار الصدري على المنطقة الخضراء.
وفي الساعات الأولى من صباح يوم الاثنين، انتشرت قوات الأمن حول بغداد، وخاصة في المطار والمنطقة الخضراء. ثم نشر الصدر قواته شبه العسكرية من سرايا السلام في الشوارع المؤدية إلى الحي المحصَّن، حيث تتمركز معظم المباني والسفارات الحكومية. وبحلول مساء الاثنين، بدأ بعض أنصار الإطار التنسيقي في التوجُّه إلى المنطقة الخضراء، على الرغم من الأوامر التي صدرت لهم بتجنُّب المواجهات مع أنصار الصدر.
محاولات للتواصل دون جدوى
ونقل الموقع البريطاني عن قادة في التيار الصدري أن كثيرًا من القادة السياسيين والدبلوماسيين الغربيين حاولوا التواصل مع الصدر لتهدئة الموقف وفتح قنوات للحوار بين الطرفين، لكنه يرفض استقبال أي زوار أو مكالمات من غير التيار الصدري.
وفي يوم الاثنين قال صالح محمد العراقي، الذي يُعرف بـ “وزير القائد” ويُعتقد على نطاق واسع أنه المتحدث باسم رجل الدين البارز، إن هادي العامري، رئيس الكتلة البرلمانية لحركة الفتح وزعيم الإطار التنسيقي، كرَّر محاولاته للتواصل مع الصدر وبدء حوار بين المعسكرين المتنافسين.
وقال العراقي في بيانه إن الصدر لن يبدأ الحوار إلا بعد أن يغادر العامري الإطار وأن تندد أحزابه بالتعليقات الصادمة المنسوبة إلى نوري المالكي والتي كشفتها تسجيلات صوتية مسربة. وقال أيضًا إن ضامنَ المحادثات يجب أن يكون حاضرًا هذا الحوار. ولم يكشف العامري بعد عن رده على الشروط، لكن التطورات السريعة الأخيرة ضاعفت مخاوف الجميع من كلا الجانبين من احتمال اندلاع قتال شيعي-شيعي وشيك.
مستعدون للسيناريو الأسوأ
وتشير الكاتبة إلى أنه لا يوجد أحد على يقين من مدى جدية الصدر في تحقيق هدفه المتمثل في إسقاط النظام السياسي العراقي، أو مدى إمكانية خروج قواته منتصرة من هذا المعترك إذا استخدم الجيش أو خصومه العنفَ لطرد أنصاره من المنطقة الخضراء.
يقول القادة السياسيون والعسكريون الصدريون إنهم يدركون تمام الإدراك أن خصومهم لن يلتزموا الصمت وأن المواجهة العسكرية مرجَّحة للغاية. ويقولون إنهم يتوقعون اندلاع العنف ومستعدون لذلك. وقال أحد الزعماء الصدريين للموقع: “الصدر مستعد للذهاب إلى أبعد مدى، كما أنه مستعد أيضًا للسيناريو الأسوأ”، واصفًا الصدر بأنه غاضب من خصومه “لدرجة الكراهية”.
وقال القيادي في التيار الصدري: “لن يرضَ الصدر حتى ينالَ منهم. وسيستمر في التصعيد حتى يعترفوا بخطئهم ويُقرِّون بأنه أحد أبرز اللاعبين في العملية السياسية وفي طول العراق وعرضها”. وأضاف: “لن نهاجم أحدًا ولن نبدأ قتالًا. وأوامرنا واضحة في هذا الصدد، لكن الأمور تتغير تمامًا في حالة الدفاع عن النفس. ولن نقف مكتوفي الأيدي إذا اعتدى علينا أحد”.
الصدر هو المشكلة والحل
وتنوِّه الكاتبة إلى أن الصدر لديه ملايين الأتباع، ويسيطر على واحدة من أكبر الفصائل الشيعية المسلَّحة، ويمتلك إمبراطورية مالية تتجاوز إيراداتها السنوية ميزانيات عديد من الدول الصغيرة المجاورة. وهو واحد من رجلين في العراق قادرَيْن على إخراج الملايين إلى الشارع بكلمة واحدة، إلى جانب آية الله العظمى السيد علي السيستاني.
ومنذ 10 أشهر عَلُق العراق في حالة من عدم اليقين يتصارع فيها الصدر وخصومه حول رؤى متنافسة لما يجب أن يكون عليه المستقبل السياسي للبلاد، وفقًا للموقع.
وبعد خروجه من انتخابات أكتوبر بـ74 مقعدًا في البرلمان، وهو أكبر عددًا من أي حزب، تحالفَ الصدر مع الأحزاب السنية والكردية بهدف قلب نظام الحكم القائم على تقاسم السلطة التقليدي في العراق. لكن خصومه المدعومين من إيران، الذين كانوا سيخرجون من السلطة إذا نجح الصدر، تمكنوا من إعاقته باستخدام كل شيء؛ بدايةً من الطعون القانونية، ووصولًا إلى الهجمات الصاروخية، بحسب التقرير.
وفي الشهر الماضي أمرَ الصدر نوابه بالاستقالة من البرلمان في خطوة احتجاجية على تصرفات منافسيه؛ الأمر الذي خلق أزمة سياسية جديدة وسمح لأحزاب الإطار التنسيقي بأن تصبح أكبر كتلة في البرلمان. ومنذ ذلك الحين شرع قادة الإطار في العمل على تشكيل حكومتهم، ورشحوا الأسبوع الماضي محمد شياع السوداني، المقرب من المالكي، لمنصب رئاسة الوزراء.
وقال قادة الصدر للموقع إن الصدر رأى في ذلك تحديًا ومحاولة لاستفزازه. وكان ترشيح السوداني هو الذي دفعه إلى إرسال أتباعه إلى المنطقة الخضراء ومَنْع جلسات البرلمان من الانعقاد.
ونقل الموقع عن مسؤول حكومي كبير قوله إن “الصدر تحول إلى مشكلة كبيرة لخصومه منذ سنوات. ووجوده مشكلة وغيابه مشكلة أيضًا”، لافتًا إلى أنه “يمتلك رجالًا وأسلحة وأموالًا، بالإضافة إلى أنه يتَّصف بتهورٍ لا مثيل له، وهذا أمر مخيف”. وتابع المسؤول: “إنه يريد حاليًا أن يُعْلِم الجميع أنه على الرغم من أنه لم يتمكن من تحقيق هدفه في البرلمان وفقًا لمعاييرهم، فإنه سيصل إليه باستخدام نفوذه في الشارع ومعاييره الخاصة”.
وبحسب المسؤول يشعر خصوم الصدر بالارتباك وعدم الثقة إزاء كيفية التعامل معه. وأضاف: “وإذا لجأ هؤلاء الخصوم إلى استخدام القوة، فلن يتردد هو في اللجوء إليها، وإذا لجأوا إلى التهدئة والتسوية، فسيرغب هو في وضع نهاية لهم. لذلك تجاهلوه، والآن يدفع الجميع الثمن”.
هل يتدخل السيستاني؟
وتوضح الكاتبة أن القتال بين الشيعة والشيعة كان أحد أكثر الخطوط الحمراء حساسية منذ عام 2003. وتجاوُز هذا الخط يعني تحدي إرادة السيستاني، زعيم الطائفة الشيعية.
وقال قادة الشيعة وقادة الفصائل المسلحة للموقع إن جميع القوى الشيعية، بما في ذلك إيران ووكلاءها، تدرك تمامًا العواقب إذا تدخل السيستاني ضدهم، ذلك أن السيستاني يمكنه بفتوى أو بيان إنهاء وجود أي فصيل يُنظر إليه على أنه مشجِّع أو داعم للقتال.
وأوضح هؤلاء القادة الذين تحدث إليهم الموقع البريطاني أن أي قتالٍ سيكون حربًا ضروسًا، وذلك لأن معظم الفصائل الشيعية لديها أجنحة مسلَّحة. وعلى الرغم من أن سرايا السلام التي يتزعمها الصدر قد تكون الأكبر من حيث العدد، فإن المعدات الحديثة المملوكة للفصائل المرتبطة بالسيستاني، وخاصة فرقة العباس القتالية، والفصائل المرتبطة بإيران، وخاصة عصائب أهل الحق وكتاب حزب الله، تضمن تفوقهم وستنهي أية معركة لصالحهم.
وقال قائد مقرب من السيستاني: “نحن قلقون بشأن ما يحدث الآن، ونخشى تهور الصدر وغطرسة خصومه، لكننا لا نرى ضرورة لتدخلنا الآن”. وأضاف: “في المعارك الحديثة، لم يعد العنصر البشري هو العامل الحاسم، بل التكنولوجيا. وتمتلك فصائل مسلحة عدة تقنيات حديثة يمكن أن تنهي أي معركة لصالحها. لكن السؤال هو: هل سيسمح أيٌّ من صانعي القرار بأن تنزلق الأوضاع الحالية إلى هُوَّة الاقتتال”؟
وأضاف في الختام: “نحن نراقب الأوضاع وننتظر الأوامر. ولن نتدخل في هذه المرحلة لصالح أي طرف، لكننا لن نتردد في الدفاع عن أنفسنا ومواقفنا”. وقال إن كل ما يحتاجونه هو كلمة من السيستاني للتدخُّل، بحسب ما يُختم التقرير.