الرئيسة \  تقارير  \  مترجم: المقاتلون الشيشان سلاح بوتين النفسي ضد أوكرانيا.. فهل يستمر ولاؤهم له؟

مترجم: المقاتلون الشيشان سلاح بوتين النفسي ضد أوكرانيا.. فهل يستمر ولاؤهم له؟

23.03.2022
ساسة بوست


ساسة بوست
الثلاثاء 22/3/2022
نشر موقع ذا كونفرزيشن الأسترالي تقريرًا لأوريلي كامبانا تحدثت فيه عن دخول الشيشان على خط المواجهة بين روسيا وأوكرانيا، والتأثير الذي يمكن أن يُحدثه هذا التدخُّل.
المقاتلون الشيشان
تستهل الكاتبة تقريرها بالقول: اكتسب الشيشان سمعتهم باعتبارهم محاربين شُرْس في حربَيْن ضد روسيا، الأولى امتدت من عام 1994 إلى 1996، والثانية استمرت لخمسة أعوام من عام 1999 إلى 2014. ويحارب الشيشانيين الآن على جبهتي القتال، فأولئك الذين فروا إلى أوكرانيا بعد الحروب التي عصفت ببلادهم يدعمون القوات المسلحة الأوكرانية، مع أن مشاركتهم لم يلحظها أحد.
إلا أن الإعلان الصاخب الذي صدر في 25 من فبراير (شباط) 2022، حول إرسال رمضان قديروف قوات إلى أوكرانيا للقتال إلى جانب الجيش الروسي، أثار ضجة في وسائل الإعلام الغربية. حتى أن رمضان قديروف، رئيس جمهورية الشيشان منذ عام 2007، يدَّعي أنه ذهب بالفعل إلى أوكرانيا. إن قديروف مؤيد مخلص لفلاديمير بوتين الذي أعاد الشيشان إلى الاتحاد الروسي باستخدام (الإرهاب) – بحسب تعبير الكاتبة – سلاحًا حكوميًّا.
ويقود قاديروف عشرات الآلاف من الرجال الذين يعرفون باسم قوات “قاديروفتسي”. ولا يوجد كيان فيدرالي آخر داخل الاتحاد الروسي لديه قوة مسلحة بهذا الحجم. ومع أن رجال قاديروفتسي هم أعضاء في الحرس الوطني الروسي، إلا أنهم تحت قيادة قديروف وحده، الذي يحمل لقب لواء أيضًا.
تقول الكاتبة: بصفتي أستاذة للعلوم السياسية في جامعة لافال، تُركز أبحاثي على الحروب الأهلية لا سيما تلك التي حدثت في الشيشان، والصراع في الساحل الأفريقي، والعنف السياسي. ولكن كيف يمكن تفسير مشاركتهم في الغزو الروسي لأوكرانيا؟
تلفت الكاتبة إلى أن العديد من المحللين يعتقدون أن الإستراتيجية العسكرية الروسية لم تنجح في أول أسبوعين من الحرب. إذ أدَّت المقاومة الأوكرانية، إلى جانب صعوبات الإمداد في الجانب الروسي والتنسيق بين مختلف فرق الجيش ومشكلات تحفيز الجنود والمحترفين، إلى إبطاء تقدم القوات الروسية كثيرًا. وفي مواجهة هذه الصعوبات العسكرية واللوجستية، جعلت روسيا الآن من الحرب النفسية عنصرًا أساسيًّا في إستراتيجيتها.
ويُعد الإعلان عن دخول قوات قديروف الحرب، والدعاية التي أحاطت بها، جزءًا من جهود روسيا لزعزعة عدوهم نفسيًّا. وقوات قاديروفيتسي مختصة في السيطرة على المدن المحتلة قبل أي شيء آخر. وهم معروفون بالقسوة والانتهاكات التي مارسوها في الشيشان نفسها، وفي منطقة دونباس عام 2014 حين تدخلوا هناك، وفي سوريا حيث لم يزل بعض جنود هذه القوات منتشرًا هناك.
ولهذا، وبحسب ما تقول الكاتبة فإن إعلان روسيا عن إرسال القوات الشيشانية إلى الحرب كان الهدف منه بث الرعب في صفوف الشعب الأوكراني. وكذلك الحال مع الشائعات التي تناولت أن هناك قواتٍ خاصة كُلِّفت بمهمة محددة وهي قتل الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، والتي سعَت إلى نثر بذور عدم اليقين وبث الخوف والهلع لدى الشعب الأوكراني.
بيد أن دور تلك القوات قد يتجاوز ذلك؛ إذ أرسلت موسكو إحدى هذه الكتائب إلى دونباس عام 2014 لإخضاع الانفصاليين الموالين لروسيا وتطهيرهم من العناصر غير المنضبطة في صفوفهم. ووجود القوات الشيشانية يُظهر أن موسكو تستعد لحرب العصابات في المدن الأوكرانية. ويمكن أن تكون قوات قديروف مناسبة ليس فقط للتغلب على المقاومة الأوكرانية المحلية، بل لتنظيم القوات الروسية والمنتسبين إليها.
تلمح الكاتبة إلى أن هناك أبعادًا سياسية أخرى، مباشرة وغير مباشرة، تغذي الدعاية الروسية والحرب النفسية التي تشنها، إذ أن ظهور رمضان قديروف على التلفزيون الشيشاني ووسائل التواصل الاجتماعي هو تذكير دائم بولائه لفلاديمير بوتين. وفي حين أن هذا يبدو – بحسب وصف التقرير – ساخرًا كرسم كاريكاتوري، إلا أنه يوضح دعم أحد الفيدراليين المتمردين الذي انصاع الآن بعد تجربة حربين عنيفتين غير مسبوقتين وإقامة نظام استبدادي يدين بالولاء لموسكو.
وتضيف الكاتبة: بالطبع، فإن الإفراط في إضفاء الطابع الشخصي على السياسة وصنع القرار في الاتحاد الروسي يُسكت أي أصوات للمعارضة، إذا كان قد بقي أيٌّ منها. والحقيقة أن تجسيد قديروف لهذه الصورة المتماسكة مفارقة غريبة إلا أن هذه العلاقة بين موسكو والشيشان يُنظر إليها على أنها تتمتع بنوع من الاستثنائية داخل الاتحاد.
وتشير الكاتبة إلى أمر آخر وهو أن دعم قديروف يُذكِّر بأن التزام رعايا الاتحاد بدعم بوتين لا تُعيقه الحدود العِرقية أو الدينية. ومُحيت هذه الاختلافات من خلال الأهداف المشتركة المتمثلة في معارضة الغرب ومحاربة السلطات الأوكرانية التي يصفونها بالنازية.
إلا أن بعض التصدعات بدأت تظهر في هذا التحالف المخصص، وسيصبح من الصعب إخفاؤها إذا طال أمد الحرب أكثر. ويبدو أن الكرملين قد طلب من القادة الفيدراليين الدفاع عن الخطاب الرسمي القائل إن هذه الحرب هي “عملية عسكرية خاصة” تستهدف أهدافًا عسكرية فقط. ولكن قد يكون من الصعب لمعظمهم الحفاظ على هذا الستار؛ إذ بدأت الأسئلة تتردد في أوساط شعوبهم حول الخسائر الكبيرة التي يبدو أن الجيش الروسي يعاني منها.
لكن الإشارة إلى الجيش الروسي ككل دون إعطاء تفاصيل، يميل إلى طمس طبيعته المتعددة الأعراق. إذ يقدر الخبراء أن المواطنين الروس الذين هم ليسوا من أصل روسي هم الأغلبية في الجيش الروسي. ولكونهم قادمين من كيانات فيدرالية أقل رخاءً من الناحية الاجتماعية والاقتصادية، فإن هذه الفئة تمثل النسبة الأكبر في عدد الوفيات. ومثل هذا السيناريو لا يمكن مواجهته من خلال دعوات قديروف للتدخل السريع في روسيا؛ لأن مثل هذه الدعوات قد تؤدي إلى نتائج عكسية من وجهة نظر بوتين.
إن دور قوات قايروفتسي في الصراع الأوكراني ليس دورًا ذا بُعْدٍ واحد على الإطلاق. فإلى جانب الرعب الذي يبثونه، فإنهم يجسدون أيضًا الالتزام التام الذي يُكنِّه الرعايا الفيدراليين لبوتين. بيد أن هذه الصورة المثالية يمكن أن تتصدع إذا طال أمد الحرب أكثر، أو إذا ثبُت أنها أكثر صعوبة مما كان متوقعًا.
إن استخدام هذه القوات هو مقامرة محفوفة بالمخاطر؛ إذ ربما يؤدي ضعف اندماجهم في التسلسل القيادي إلى تقليل فوائد انخراطهم في القتال إلى جانب الوحدات النظامية في الجيش الروسي. وفي ظل الوقائع التي تشير إلى أن التفوق القتالي لقديروف غير متناغم مع واقع هذه الحرب، فقد يصبح قديروف عبئًا سياسيًّا على بوتين، بحسب ما تختم الكاتبة.