الرئيسة \  تقارير  \  مترجم: هل يكون يورانيوم كازاخستان مخرجًا لأزمة الغاز الروسي في أوروبا؟

مترجم: هل يكون يورانيوم كازاخستان مخرجًا لأزمة الغاز الروسي في أوروبا؟

12.04.2022
ساسة بوست


ساسة بوست
الاثنين 11/4/2022
كازاخستان، أكبر منتج لمادة اليورانيوم في العالم، ستستفيد من انتقال أوروبي محتمل من الغاز الروسي إلى الطاقة النووية المحلية، وفقًا لما يَخلُص إليه تقرير للكاتب وايلدر أليخاندرو سانشيز نشرته مجلة “ذا دبلومات” الأمريكية.
يبدأ الكاتب الذي يركِّز على القضايا الجيوسياسية والتجارة والدفاع والأمن، تقريره بالإشارة إلى أن رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون أعلن في 28 مارس (آذار) أن المملكة المتحدة يمكن أن تُزيد اعتمادها على الطاقة النووية بنسبة تصل إلى 25% من احتياجاتها من الطاقة، وذلك بُغية تقليل اعتمادها على الغاز والنفط الروسيين.
كازخستان.. رابح محتمل
ويتوقَّع الكاتب أن تكون صناعة اليورانيوم في كازاخستان أحد الرابحين من الاعتماد المستقبلي على الطاقة النووية، في ضوء التغيير الذي يُحدثه الغزو الروسي لأوكرانيا في النظام الجيوسياسي العالمي، وتطلُّع أوروبا والمملكة المتحدة إلى تنويع مورِّدي الطاقة.
وقطعت بعض شركات الطاقة بالفعل علاقاتها مع الموردين الروس. ومن الأمثلة على ذلك ما فعلته شركة الطاقة النووية السويدية “فاتينفول إيه بي” والتي أعلنت في 24 فبراير (شباط) وقف عمليات التسليم المخطط لها من الوقود النووي من روسيا وأنها لن تقدم طلبات جديدة حتى إشعار آخر. وقالت آنا بورج، رئيسة شركة “فاتينفول” ومديرتها التنفيذية، لقد: “وفَّرنا شحنات بديلة من الوقود النووي”، وتُعد كازاخستان بالفعل أحد موردي اليورانيوم للشركة، ولكن ليس من الواضح هل تشتري “فاتينفول” يورانيوم إضافيًّا من الدولة الواقعة في آسيا الوسطى أم من مصدر آخر.
مورِّد رئيس لخام اليورانيوم
وأشار الكاتب إلى أن كازاخستان وأوروبا شريكين وثيقين فيما يتعلق بالطاقة النووية، وتُعد كازاخستان ثالث أكبر مورِّد لليورانيوم إلى أوروبا، إذ زوَّدت أوروبا بنسبة 19.2% في عام 2020، بعد النيجر (20.3%) وروسيا (20.2%). وتستجلب المملكة المتحدة طاقتها النووية من كل من البلوتونيوم المدني واليورانيوم العالي التخصيب، ووفقًا للرابطة النووية العالمية، تستورد المملكة المتحدة اليورانيوم، وكذلك خدمات التحويل.
وفي الوقت الذي تناقش فيه لندن مستقبل الطاقة النووية المدنية، فإن أحد الأطراف الفاعلة الرئيسة التي يتعين على لندن النظر لها هو شركة “كازاتومبروم”، الشركة الذرية في كازاخستان وأكبر منتج لليورانيوم في العالم. وأشارت النتائج المالية للشركة في عام 2021، التي صَدَرت في مارس، إلى أن إنتاج أوكتوكسيد التريورانيوم (U3O8)، وهو مركب من اليورانيوم، بلغ 19.477 طنًّا في عام 2020، وزاد بنسبة 12% إلى 21.819 طنًّا في عام 2021. وأوضحت الشركة أنه “من المتوقَّع أن يتراوح حجم الإنتاج في 2022 بين 21 ألف طن و22 ألف طن”، رغم أنها لاحظت أن تحديات سلسلة الإمداد المرتبطة بجائحة كوفيد-19 لا تزال تُحِد من إمكانية الحصول على بعض المواد والمعدات المهمة.
وضع مثالي
وأوضح الكاتب أن من بين التساؤلات المطروحة الواضحة، في ضوء نوايا صناع القرار السياسي والشركات الأوروبية في تعزيز توليد الطاقة النووية، هناك تساؤلات بشأن مدى إمكانية أن يتواصل العملاء الأوروبيون مع شركة “كازاتومبروم” لتلبية الطلب المتزايد على اليورانيوم. ولم تناقش “كازاتومبروم” هذه الإمكانية علنًا، ولكن من المرجح أن تُوقَّع عقود جديدة في المستقبل القريب.
ونوَّه الكاتب إلى أن مقالًا نشره موقع “ذا كونفرزيشن” في 18 مارس ناقش دور روسيا بوصفها مورِّدًا نوويًّا رئيسًا. وعلى الرغم من أن كازاخستان تنتج أكثر من 40% من الإمدادات العالمية لليورانيوم، فإن المقال أشار إلى أن “كثيرًا من اليورانيوم المطحون من كازاخستان ينتقل عبر روسيا قبل تصديره إلى الأسواق العالمية”. وفضلًا عن ذلك، فإن “عددًا قليلًا من المنشآت في العالم تُحول اليورانيوم المطحون إلى سادس فلوريد اليورانيوم، وقد أنتجت روسيا ما يقرب من ثلث إمدادات عام 2020، ومعظمها مصنوع من اليورانيوم من كازاخستان”. وفي حين أن القضايا اللوجستية الرئيسة، بما في ذلك النقل لتجنب روسيا والتحويل، لا بُد من حلها، فإن شركة “كازاتومبروم” الكازاخستانية في وضع مثالي لوضع نفسها بوصفها موردًا لليورانيوم موثوقًا به في أوروبا.
وتجدر الإشارة إلى أن سعر اليورانيوم قد ارتفع منذ اندلاع الحرب في أوكرانيا. وكان السعر 30.35 دولار للرطل في يناير 2021، و45 دولارًا في 28 فبراير (بعد أربعة أيام من بدء الغزو)، ووصل إلى 56.70 دولار في 25 مارس. وحتى كتابة هذا التقرير، كان السعر يتخطى 60 دولارًا للرطل. وبصفتها المنتج الرئيس لليورانيوم في العالم، فإن كازاخستان ستربح كثيرًا.
مسألة حساسة
ولفت الكاتب إلى أن رواسب اليورانيوم في كازاخستان والأنشطة المتصلة بها تُعد مسألة حساسة من منظور تاريخي، بالنظر إلى أن أراضيها استخدمت لإجراء تجارب نووية ضخمة خلال الحقبة السوفيتية. وبعد الحرب الباردة، تخلت كازاخستان طواعية، تحت قيادة الرئيس نور سلطان نزارباييف، عن ترسانتها النووية الهائلة. وكان هذا مثالًا نادرًا بعد الحرب الباردة لعمل موسكو وواشنطن معًا، جنبًا إلى جنب مع الدولة الكازاخستانية الناشئة، لنقل الرؤوس الحربية النووية والأسلحة الأخرى إلى روسيا، بينما فُكِّكَ موقع اختبار “سيميبالاتينسك” ومنشآت أخرى.
وفي حين تعرض حكم نزارباييف لانتقاداتٍ في الآونة الأخيرة بسبب مركزيته المفرطة في السلطة، فإن التخلي عن ترسانته النووية كان خيارًا يستحق الثناء والذي دُوِّنَ في معاهدة آسيا الوسطى الخالية من الأسلحة النووية في عام 2006، الموقَّعة في “سيميبالاتينسك”، موقع نطاق التجربة النووية. وحقيقة أن آسيا الوسطى اليوم لا تمتلك أسلحة نووية عبر هذه المنطقة الشاسعة تنبع من تلك القرارات في أوائل التسعينيات.
وقد حافظت كازاخستان على موقف متوازن ومحايد في السياسة الخارجية منذ حصولها على الاستقلال قبل ثلاثة عقود، وهو موقف يمثل ركيزة أساسية للدبلوماسية المتعددة الأطراف التي بدأها نزارباييف وواصلها الرئيس الحالي قاسم جومارت توكاييف. وفيما يخص التجارة، فقد كان نور سلطان يتطلع بالفعل قبل الحرب في أوكرانيا إلى تنويع شراكات بلاده وتوسيعها مع أوروبا والمملكة المتحدة لجذب المزيد من الاستثمارات.
ويقول الكاتب في ختام تقريره إن الحرب وضعت الطاقة والأمن الغذائي على رأس قائمة أولويات المملكة المتحدة وبقية دول أوروبا، فضلًا عن ردع روسيا. ويمكن لكازاخستان أن تصبح مورِّدًا أكبر لليورانيوم إلى أوروبا، مما يساعد على تحقيق أمن الطاقة ويبرهن على أن الدولة الأوراسيوية شريك موثوق به في التجارة والطاقة.