الرئيسة \  تقارير  \  مترجم: يبدو أن خطة روسيا الأساسية في أوكرانيا قد فشلت.. كيف تبدو الخطة البديلة؟

مترجم: يبدو أن خطة روسيا الأساسية في أوكرانيا قد فشلت.. كيف تبدو الخطة البديلة؟

18.04.2022
ساسة بوست


عبدالرحمن النجار
ساسة بوست
الاحد 17/4/2022
إحدى مفاجآت هذه الحرب أن روسيا لم تحتل أي مدينة رئيسة بعد، مع أن الروس كانوا على بعد 10 أميال فقط من العاصمة كييف خلال الأيام الأولى للحرب!
أعد جريج ماير، مراسل الأمن القومي الذي يركز على مجتمع الاستخبارات، تحليلًا نشره موقع الإذاعة الوطنية الأمريكية، قال فيه إنه بعد فشل روسيا في تحقيق أي هدف رئيسي من وراء غزوها لأوكرانيا، يبدو أنها تتجه إلى خطة بديلة.
وأوضح ماير أن صمود الجيش الأوكراني غير المتوقع أجبر روسيا على التخلي عن خطتها الرئيسة، التي تعتمد على الاستحواذ السريع على العاصمة كييف، وقد تحولت روسيا الآن إلى الخطة البديلة، حيث تركز القوات على الجزء الشرقي من أوكرانيا.
صرح المتحدث باسم البنتاجون جون كيربي، الاثنين الماضي، قائلًا: “لقد رأينا بعض المؤشرات المبكرة على أن الروس في الواقع يحاولون إعادة تعزيز جهودهم في دونباس”، وهي مركز القتال في شرق أوكرانيا المستمر، على الرغم من أن الروس لم يطلقوا بعد أي عمليات كبيرة جديدة.
لذا فمع دخول الحرب مرحلة جديدة يتساءل ماير ماذا يعني هذا لكلا الجانبين؟
استغلال ميزة القتال داخل الوطن
أحسنت أوكرانيا حتى الآن استغلال ميزة رئيسة خلال أوقات الحرب، وهي ميزة القتال داخل الوطن. وقال جيدون روز، زميل مجلس العلاقات الخارجية ومؤلف كتاب “كيف تنتهي الحروب؟”: “يتحمس الشعب للدفاع عن أرضه عندما يكون القتال داخل الوطن، أكثر من المهاجمين. يمكنك أن ترى أن الجنود والمرتزقة على الجانب الروسي ليس لديهم دوافع خاصة، في حين أن الأوكرانيين يدافعون عن وطنهم”.
يتعين على جيش غزاة مثل روسيا أن يحزم كل ما يحتاجه: الأسلحة، والوقود، والغذاء، واللوازم الطبية، فضلًا عن أن القوات الروسية تبيت في العراء منذ أسابيع خلال فصل الشتاء الأوكراني القارس. ويرى ماير أنه بينما تقوم روسيا بإعادة الانتشار شرق أوكرانيا، عبر الحدود مع روسيا، فإن هذا يمكن أن يحسن من اضطرابات خطوط الإمداد.
وينقل الكاتب عن كوري شاكي، الباحثة في معهد المؤسسة الأمريكية اعتقادها بأن “الأوكرانيين ستظل لديهم مزايا كبيرة. الجميع يعرف أين تقود جميع الشوارع، ويعرف كل شخص من يعيش أين، في حين أن الروس يتحسسون طريقهم في بلد أجنبي”.
إن إحدى مفاجآت هذه الحرب أن روسيا لم تحتل أية مدينة رئيسة بعد، إذ يقف الروس على مشارف عدة مدن، حيث يدور قتال عنيف يوميًّا، مع أن الروس كانوا على بعد 10 أميال فقط من العاصمة كييف خلال الأيام الأولى للحرب، التي بدأت في 24 فبراير.
لكنها تراجعت مؤخرًا، متجهة إلى الشمال نحو بيلاروسيا المجاورة، حيث تجري إعادة تعزيز هذه القوات، ووفقًا للبنتاجون، من المتوقع أن يسافر البعض عبر بيلاروسيا وروسيا، وينضم إلى القتال في شرق أوكرانيا. ولكن الوصول إلى هناك يشكل تحديًا في ذاته، إذ تقول شاكي موضحة: “الأوكرانيون لديهم خطوط اتصال داخلية. يمكنهم تحريك القوات داخل بلدهم؛ مما يجبر الروس على الالتفاف، ويزيد من الأميال التي تقطعها الدبابات”.
لم يكن لدى روسيا قائد واحد مسؤول عن مهاجمة أوكرانيا من الشمال والشرق والجنوب. ويقول المسؤولون الأمريكيون والأوروبيون الآن إن روسيا عينت الجنرال ألكساندر دفيكريكوف في القيادة العامة، وكان دفيكريكوف يشرف على القطاع الجنوبي من الحرب، الذي يشمل القصف الروسي الثقيل في مدينة ماريوبول الساحلية.
خدم دفيكريكوف 60 عامًا، قائدًا للقوات الروسية في سوريا، حيث دعمت موسكو رئيس النظام السوري بشار الأسد. وساعدته على تحقيق الانتصار في الحرب الأهلية في سوريا، لكنه اتُهم بشن الهجمات المتكررة على المستشفيات والأهداف المدنية الأخرى. وينقل الكاتب قول بعض المحللين إن قائدًا واحد في أوكرانيا قد يكون قادرًا على تقديم قيادة وسيطرة أفضل على القوات الروسية، التي تعاني من ضعف التخطيط، والمشاكل اللوجستية، والمقاومة الأوكرانية الشرسة.
المرحلة التالية قد تشهد الاستخدام المكثف للأسلحة الثقيلة
ونوه ماير أن في المرحلة الأولى من الحرب، نجح الأوكرانيون نجاحًا باهرًا في نصب الكمائن، باستخدام أسلحة صغيرة، مثل صواريخ جافلين وستينجر التي توفرها لهم واشنطن، وهي صواريخ محمولة على الكتف، ويمكنها تدمير دبابة أو طائرة على ارتفاع منخفض.
بيد أن الأوكرانيين يتوسلون للحصول على أسلحة ثقيلة، مثل الدبابات والمدفعية الكبيرة، التي قد تكون حاسمة في المعارك القادمة. إنهم يحصلون على بعض ما يريدون، ولكن حتى الآن بأعداد صغيرة. وأرسلت جمهورية التشيك بعض الدبابات، فيما أرسلت بريطانيا المركبات المدرعة، في حين قدمت سلوفاكيا نظام إس-300 المضاد للطائرات الذي يمكنه إسقاط طائرات مقاتلة تطير على ارتفاعات عالية.
لكن ذلك لا يضاهي ما تمتلكه روسيا ولو قليلًا، إذ قال لورانس فريدمان، أستاذ دراسات الحرب في كلية كينج بلندن: “إنهم في حاجة إلى كل شيء. الحروب جشعة جدًّا في استخدام المواد”.
وأضاف فريدمان أن القتال في الشرق يمكن أن يوفر معارك أكثر ملاءمة للأسلحة الروسية الضخمة: “تحدث الأوكرانيون عن أن الأمر يشبه معركة في الحرب العالمية الثانية. يمكن أن يتبادل الطرفان قصف بعضهما البعض بالمدفعية”. لكنه أضاف أن معاناة القوات الروسية قد تتضاعف مع تصاعد حدة القتال.
وقال فريدمان “لقد تضررت القوات الروسية بشدة وفقدت الكثير من العتاد والجنود. ولا بد أن الروح المعنوية منخفضة، إذ إنهم يعانون للحصول على المؤن، ولم يعد الجيش الروسي قويًّا كما كان قبل ستة أسابيع”. كما يقدر البنتاجون، والمسؤولون الأوروبيون، أن روسيا قد فقدت ما بين 20-30% من القوة القتالية التي أرسلتها إلى أوكرانيا.
اختبار تحمل لكلا الطرفين
يرى ماير أنه لا توجد علامات على انتهاء الحرب قريبًا. ويتوقع الكثير من المحللين العسكريين استمرار القتال لأشهر. وصرح الجنرال الأمريكي مارك ميللي، رئيس الأركان المشتركة، أمام الكونجرس الأسبوع الماضي بأنه يتوقع استمرار الحرب لسنوات. فما مدى تحمل كلا الطرفين؟
على الجانب الأوكراني، نزح حوالي ربع السكان من منازلهم، وقد دُمرت العديد من المدن والبلدات بشكل دمارًا كبيرًا، كما أن الاقتصاد في حالة انهيار. بيد أن الحرب وحدت الأوكرانيين، الذين أظهروا إرادة قوية للقتال، وتقول شاكي: “الغالبية العظمى من الأوكرانيين يريدون طرد روسيا من بلادهم، وهذه قوة منيعة ضد تسوية تفاوضية”.
لم يحصل الزعيم الروسي فلاديمير بوتين على النصر السريع والسهل الذي توقعه – يضيف ماير – ويواجه الآن صراعًا طويلًا، بالإضافة إلى العقوبات الغربية التي من المتوقع أن تقلص الاقتصاد الروسي بنسبة 10% أو أكثر هذا العام، وقطع بوتين استمرار خسائره وسحب قواته من شمال أوكرانيا، واختار تحقيق الطموحات المتوسطة في الشرق، حيث تسيطر القوات الموالية لروسيا على الأراضي في منطقة دونباس منذ عام 2014.
لم يزل بوتين لديه الموارد العسكرية لتمديد الحرب إلى أجل غير مسمى. وحتى إذا استمرت الحرب على هذا النحو السيئ بالنسبة لروسيا، فمن المرجح أن يبقي بوتين على القتال حتى يشق طريقه عبر “خمس مراحل من الحزن”، وفقًا لجديون روز. وقال روز موضحًا: “الإنكار، والغضب، والمساومة، ثم الاكتئاب، والقبول. ما يجب أن يحدث في نهاية المطاف هو قبول الهزيمة والانسحاب. وهذه عملية نفسية، وليس مجرد عملية إستراتيجية، يمكن أن تستغرق وقتًا طويلًا”.