الرئيسة \  واحة اللقاء  \  مفترق طرق: المعضلة السورية!

مفترق طرق: المعضلة السورية!

22.02.2014
محمد أبو رمان


الغد الاردنية
الخميس 20-2-2014
يقف "مطبخ القرار" في عمّان اليوم على "مفترق طرق" مهم وخطر فيما يتعلّق بأحد أهم التحديات، وربما مصادر التهديد المحيطة، وهو الملف السوري؛ مع عودة الحديث في الأوساط الأميركية عن "حلول" أو "وصفات" عسكرية تعيد بناء موازين القوى على أرض الواقع، بعدما شعر النظام وحلفاؤه الإيرانيون وحزب الله بأنّهم في حِلٍّ من أي ضغوطات عقب تراجع فكرة "الضربة الأميركية" سابقاً، وقلق العالم من صعود "داعش" والحركات الإسلامية في الساحة السورية!
المؤشرات الواضحة على فشل مفاوضات النظام والمعارضة السورية في "جنيف 2"، مع تجاهل وفد النظام السوري لأيّ حديث عن "الإدارة الانتقالية"، وغياب الضغط الروسي، بل وإصرار الوفد على الحديث عن "أجندة مكافحة الإرهاب"، مع بروز شكوك كبيرة حول جدّيّة النظام السوري في تسليم أسلحته الكيماوية في الأوساط الأميركية والأوروبية، كلّ ذلك دفع بإدارة الرئيس باراك أوباما، بحسب ما تنقل الصحف الأميركية الكبرى، إلى إعادة تقييم "الموقف الاستراتيجي"، والتفكير جدّيّاً في خطط عسكرية جاهزة لا تمثّل تدخّلاً مباشراً، إنّما تُضعف النظام وتجبره على القبول بفكرة "الإدارة الانتقالية" وخروج الأسد من اللعبة، أو إنهاء الصيغة الراهنة عبر الحسم العسكري على الأرض.
من سذاجة النظام السوري رهانه على إمكانية إعادة إنتاج دوره الداخلي والإقليمي عبر يافطة "الحرب على الإرهاب"، وتضخيم خطر "القاعدة" و"داعش"، فلا يجد حينها المجتمع الدولي أمامه إلاّ التحالف مع النظام والتفاهم معه على صفقة جديدة في سياق الحوار الأميركي- الإيراني. إلاّ أنّ الرؤية الأميركية والأوروبية خالفت هذه الرهانات، بإدراكها أنّ "داعش" و"القاعدة" هما نتاج سياسات النظام والتحالفات الإقليمية المساندة له، وبأنّ استمرار الأسد أمر غير ممكن داخلياً، كما أنّ بقاء الوضع الراهن أمرٌ مكلف، وما تحمله الفوضى هو خطر "تطريف" المجتمع السوري بأسره.
في الخلاصة؛ يبدو أنّنا أمام تفكير جدّي غربي-عربي بالإمساك بزمام الأمور في سورية مرّة أخرى. وهو ما يقف وراء الحديث، حالياً، عن "الجبهة الجنوبية"، التي إذا اشتعلت فعلاً، وتحرّكت بقوة، فستكون العامل المصيري لنظام بشار الأسد.
أردنيّاً، من المعروف أنّ "مطبخ القرار"، وباستثناء بعض الأسلحة الخفيفة والدعم المحدود، رفض أن يفتح الحدود أمام الثوّار السوريين، كما حدث في تركيا؛ وأصرّ على ضبط إيقاع المعادلة في المناطق الجنوبية في سورية، وإدارة التوازنات، بصورة غير مباشرة. إلاّ أنّ هذه السياسة التي أثبتت فاعليتها في الأعوام الماضية، لن تكون مجديّة في مواجهة الأخطار المتوقعة والمرتقبة، كلما طال أمدّ الحرب والقتال والفوضى على الحدود الشمالية، ما سيضرب الأمن الوطني والمصالح الوطنية، ويؤثّر على المعادلة الداخلية؛ ديمغرافياً واقتصادياً بصورة كبيرة!
يدرك "مطبخ القرار" أنّه لا توجد "حلول سهلة" أو مرغوبة لديه. لكنّه مضطر إلى القيام بترتيبات جديدة في حال كان هناك قرار أميركي-عربي بالتدخل عسكرياً، بصورة غير مباشرة، في المشهد السوري. إذ إنّ "الجبهة الجنوبية" ستمثّل الرهان الكبير لإضعاف الأسد وتهشيمه، تمهيداً للجولة المقبلة من محادثات جنيف، بعد أن يدرك نظام الأسد خطأ رهاناته السابقة!
الحديث اليوم عن تسليح وتمهيد لهجوم من الجبهة الجنوبية على دمشق، مع منطقة محظورة الطيران لتدريب المقاتلين وإيواء المدنيين، لكن من دون إسقاط النظام السوري بصورة نهائية وحاسمة، طالما أنّ الجميع لا يملك جواباً على سؤال اليوم التالي لسقوطه؛ فالقضاء عليه في هذه اللحظة، بالنسبة للغربيين، بمثابة مغامرة خطرة جداً.