الرئيسة \  واحة اللقاء  \  متى تذهب الدول للحروب؟

متى تذهب الدول للحروب؟

08.09.2014
د.باسم الطويسي



الغد الاردنية
الاحد 7-9-2014
خلّفت قمة حلف شمال الاطلسي "الناتو" التي عقدت نهاية الأسبوع الماضي في ويلز البريطانية بحضور رسمي أردني عاصفة من الأسئلة على المستوى الدولي والإقليمي،  وما يهمنا بالدرجة الأولى الاسئلة المحلية، بعد إعلان الإدارة الأميركية نيتها الإعداد لإعلان تحالف دولي لمواجهة تنظيم "الدولة الإسلامية" عسكريا، في الوقت الذي تداعت فيه مجموعة صغيرة من النواب وأصدروا بيانا ذهبوا فيه إلىرفضهم التورط في أي أعمال عسكرية خارجية ودعوا "مَن زرع الشوك أن يقلعه بيده"، في إشارة للولايات المتحدة ودول اقليمية. في المقابل تصاعدت النقاشات العامة محليا وعنوانها الأساسي؛ هل ثمة خطر حقيقي يهدد الأردن من قبل هذا التنظيم، وهل الأردن مستعد لمواجهة عسكرية من هذاالنوع، وما الثمن؟
بدون شك ينقسم الرأي العام الأردني حول أي دور عسكري قادم للأردن في مواجهة هذا الخطر، ولكن الأمر الذي لا يوجد حوله انقسام يتمثل في الإجابة عن السؤال المركزي الكبير: إلى متى يبقى الأردن يدفع ثمن حماقات السياسة العربية والإقليمية والدولية في المنطقة؟ وإلى متى يبقى الأردن حليف الغرب المضمون في الجيب،  الذي لا ينال إلا فتاتا في معارك الحرب والسلام وفي حروب مواجهة الإرهاب وفي استقبال سيول من البشر.
مرت سنوات مارست نظم إقليمية ودولية الكثير من الضغوط على الأردن لكي يخوض حروبا ليست حروبه أو أن يتورط في أزمات الإقليم وفي المقدمة الأزمة السورية، ومع هذا ما يزال الاقتصاد والمجتمع الأردني يدفعان ثمن الأزمة السورية مقابل 65 مليون دينار حجم ما قدمه المجتمع الدولي هذا العام استجابة للمطالب الأردنية.
على الأردن الرسمي أن يحسب مطولا الأثمان طويلة الأجل التي يدفعها المجتمع الأردني وهو مطالب اليوم أكثر من أي وقت مضى أن يخرج على العالم بكتاب أبيض  يشرح بالحقائق مغارم ومغانم الأردن من حروب وأزمات المنطقة خلال السنوات الثلاث الأخيرة على أقل تقدير.
تذهب الدول إلى الحروب حينما تجد  خطرا بات يداهمها ويمكن أن يصل حدودها في أي لحظة. وأهم الاستراتيجيات الدفاعية في تاريخ الدفاع عن الذات هي استراتيجية المبادأة والمبادرة، أي كما قيل حينما يكون الخطر على الأبواب فأفضل وسيلة للدفاع هي الهجوم، ولكن يبقى السؤال هل الخطر فعلا على الابواب؟ وما هو مفهوم الخطر في الحالة الأردنية؟
يقال إن الديمقراطيات لا تذهب الى الحروب، بمعنى أن الدول الديمقراطية التي تخضع لمعايير الرأي العام لا تحارب بعضها بعضا، فالدول الديمقراطية تتوفر لها أدوات لمراجعة سياساتها التي يجب أن لا تقود إلى حروب مجتمعات ديمقراطية أخرى، لذا بررت دول غربية حروبها على مدى نحو قرن بأنها أجبرت على خوضها دفاعا عن الديمقراطية وضد نظم شمولية، وهي وصفة تخفي خلفها أن الدول تذهب إلى الحروب أيضا دفاعا عن مصالح أو بحثا عن مصالح ومغانم جديدة، كما فعلت الولايات المتحدة في عام 2003 في غزوها للعراق حينما لم تعاند الرأي العام الأميركي بل عاندت الرأي العام العالمي.
نحتاج إلى مراجعة ومناقشة جريئة حول حدود مشاركة الأردن في أي تحالف دولي لمحاربة "داعش"؛ مناقشة تحدد مصادر التهديد بشكل مهني ودقيق، وكيف يمكن تجنب أن تتحول أي مناورة استراتيجية إلى مغامرة استراتيجية غير محسوبة الثمن، وقبل كل ذلك الدولة العاقلة هي كيان مصلحي بالدرجة الأولى، ما يستدعي طرح الشعارات جانبا، وأن نسأل عن ثمن عادل لكل ما تحمّله المجتمع والدولة خلال هذه السنوات؛ فالحرب العادلة لها أثمان عادلة.