الرئيسة \  واحة اللقاء  \  متى تعود سوريا الجميلة؟

متى تعود سوريا الجميلة؟

10.05.2015
صلاح الدباس



الشرق القطرية
السبت 9-5-2015
تعقيدات المصالح والأجندة السياسية في سوريا هي التي ذهبت بريح التسوية والحل السياسي إلى المجهول لتبقى الحرب طوال أربعة أعوام ومعها يستمر الموت والدمار، وعمليا لم تعد هناك سوريا إلا بالحد الجغرافي الضيق الذي لا يزال يختبئ فيه النظام السوري ويتحرك فيه أكثر من فصيل عسكري يقتل ويتنقل في الأرض دون نظام أو ثوابت للدولة وحقوق للمواطنين الذين عجزوا عن التشرد والفرار.
لاشك في أن النظام السوري تعرض لإضعاف لا يتوقع معه أن يبقى أكثر مما بقي طوال هذه السنوات، ولذلك نأمل أن يكون بدأ النهاية، غير أن التالي لذلك يبدو أصعب مما حدث، فالخريطة الديموغرافية تغيرت في بلد منهار كليا وأهله غادروه وينتظرون توقف أمطار الرصاص والصواريخ التي تتطاير في سموات سوريا ليغادروا بدورهم، فلم يبق في البلد إلا عاجز أو قليل حيلة أو خائف من أن تصطاده جماعات متقاتلة أو حتى الجيش النظامي الذي يمارس وحشية وإذلالا مقيتا بالسكان الذين لا يؤيدون النظام.
لقد أثبت ما يسمى بالربيع العربي أن ثمن الحرية في مجتمعاتنا صراعات وموت ودم، فليست من سلطة طاغية ومستبدة لديها أدنى استعداد لحقن الدماء والتنازل عن السلطة، فيما قبل ذلك تتشدق بالديمقراطية والحرية والشعوب التي تصوّت للقائد بالنسبة المستحيلة وهي 99%، وحتى بشار وهو يقتل ولا يسيطر على كامل الأرض السورية يجري الانتخابات بدم بارد وسط أتباعه ويزعم حصوله على تفويض ديمقراطي بالاستمرار في الحكم والبقاء في السلطة على حساب المشردين والمهجرين واللاجئين والموتى.
لم يعد هناك ما يحكمه الأسد الصغير، وما أنجزه من دموية وسط شعبه كفيل بسحقه سياسيا وانتزاعه من الحكم، ومضى الكثير ولم يتبق إلا القليل، ولكن حتى انتهاء ذلك القليل مطلوب من السوريين أن يتفقوا ويتهيأوا لمرحلة أسوأ من القتال مع نظام الطاغية فهناك مجموعات تنشط في البلاد بمسميات دينية مختلفة ولا تتفق مع غالب المعارضة التي ليست على قلب رجل واحد يقفز بأجندته ويتسامى على الاختلاف للمصلحة الوطنية العليا التي تفترض عودة اللاجئين والمشردين في بلاد الله الواسعة.
من حق السوريين أن يأمنوا على أنفسهم في بلدهم ولكن من واقع الحال الذي نراه فليس من أمل بعودة سوريا إلى ما كانت عليه أرضا للحياة والجمال والخضرة والنواعير التي تعكس معنى الحياة الجميلة في بلد الجمال.