الرئيسة \  واحة اللقاء  \  متى نفهم حقيقة الصراع في سورية.. وما الحل؟

متى نفهم حقيقة الصراع في سورية.. وما الحل؟

07.01.2014
د. خالد حسن هنداوي



الشرق القطرية
الاثنين 6/1/2014
يخطئ كثيراً من يظن أن الثورة السورية تتراجع يوماً بعد يوم منذ عدة أشهر ماضية ولا تزال، فالذي يصر أن يبقى سطحياً في التصور والتحليل لا يمكن أن يدرك مغزى أي حدث دون أن يحيط بالمعلومات المهمة في صلب هذا الحدث وبكل ما له صلة به، وأن يكون منصفاً في المقارنة بين طغيان اللانظام السوري الذي سخره جواً وبراً وبحراً وما يزال دون هوادة ولا توقف عن هذا التدمير الممنهج للعباد والبلاد وبين الثوار الذين أيدهم معظم الشعب بل شارك معهم بكل غالٍ ونفيس من التضحيات الجسام ودون أن يتبرم أو يتظاهر أو يتصل بوسائل الإعلام لرفض جهاد الثوار بل على العكس فإنه يصطبر ويصر أن يبقى حاضناً ودرعاً للثوار في الغالب إلى هذه اللحظات، حيث أصبح مدركاً أن الحرب كر وفر فما خسره الثوار في مواقع ربحوه في أخرى ويكفيهم والشعب معهم فخراً أن هيبة وطغيان العصابة الأسدية حطمت وهي مستمرة في هذا التراجع كل وقت مبنى ومعنى على عديد من الأصعدة ولكن المعضلة التي واجهت الشعب السوري وما زالت هي في حقيقتها أنه شعب في معظمه لا يزال طيباً في موقفه إزاء المجتمع الدولي الذي لم يسر منذ بداية الثورة إلا مع الموقف الإسرائيلي الحقيقي منها والذي أوضحنا تآمره سابقاً حيث تمثل في حرصه على إبقاء نظام الأسد الوحشي غير الديمقراطي لأنه لن يصلح أن تقوم أي دولة مجاورة لإسرائيل على نظام حر تسود فيه العدالة ودولة القانون والمواطنة فهي في حقيقتها خطر على المشروع الصهيوني بينما نعمت إسرائيل وما تزال في عهد حافظ الأسد وبشار بالأمن، ولذلك فإنه مع التغيرات والتطورات الدراماتيكية السريعة فقد أخذ الشعب السوري نفسه يشكك في معظم الموقف الدولي منه، ويكاد يجزم أن اليهود هم الذين يخططون لهؤلاء الحكام الخدام صوناً لهم وتأكيداً على قمع الشعب الثائر ليبقى هؤلاء العبيد على كرسيهم مقابل هذه الصفقة الخيانية والقذرة مع أعداء الإنسانية قبل العرب والمسلمين والذي يجدر بنا أن نؤكد عليه دوماً أنه يجب على النخب السورية العاقلة والشعب معها أن ينظروا نظرة فاحصة تقدر الواقع وتفهم من خلاله فقه مآلات الثورة والحرب الدائرة وذلك بأن لا يغيب عن الجميع أبداً أن مجلس الأمن الدولي والأمم المتحدة وبقية الدول الكبرى وعلى رأسها تلك التي تحمل حق النقض (الفيتو) ستبقى على دأبها الخسيس الذي يتمثل في تحقيق مصالحها فحسب دون أي اعتبار لأي شعب أو حق إنساني لأي بشر خصوصا العرب وأصحاب الحق في فلسطين وما جاورها من بلاد كسورية ومصر حيث إن أي ارتدادات في غير صالحها ستؤثر سلباً عليها.
أليس من أشد الظلم وأخس السخف أن تتحكم خمس دول بمصير 192 دولة في العالم بل لو وقفت دولة واحدة ولم تنصف المظلوم من أي شعب لكفى على ظلمها بدفاعها عن القاتل دون الضحية فكم أوقف حق النقض نصر حق في فلسطين وهو يهب كل مرة لعدم إدانة اللانظام السوري في مجازره حتى بالكيماوي منذ قرابة الثلاثة أعوام، وإن كل ما يجري في هذا الصدد إنما يجري باتفاق هؤلاء وممارسة اللعبة بين إسرائيل وأمريكا وروسيا وربيبتها إيران بل معظم من يدعون أنهم أصدقاء الشعب السوري. زد على ذلك أن ميثاق حقوق الإنسان الذي تتشدق به الأمم المتحدة منذ عام 1945م إنما هو كيد للإنسان وليس حماية له والمعول فيه أن هذا الميثاق يهمل الإنسان ذاته ويتحدث عن حقوقه ذراً للرماد في العيون وبالتالي يذهب الإنسان وحقوقه معاً كما فعلوا مع الشعب السوري بقتل مئات الآلاف وسجنهم وتشريدهم وحتى العجز عن فتح ممرات إنسانية لإغاثة المحاصرين الذين يموتون من الجوع والبرد يومياً، وزد على ذلك أن الميثاق يمكن النظام الحاكم الطاغية من الإفلات من القضاء الدولي في الغالب مهما طغى وتجبر وأن مفردات الميثاق ليست بملزمة ومهما ذكر لتحقيق السلم فإنه يغفل عن ذكر العدالة مهما تفاقمت الانتهاكات وكذلك فإن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1948م ليس قانوناً دولياً له صفة الإلزام، وهكذا فما علينا إلا أن نفهم اللعبة سياسيا وعسكريا ونستمر في ثورتنا بكل قوة لنحقق ولو بعد أجل تغيير المعادلة ثم البدء بتعامل دقيق مع المجتمع الدولي الذي لا يسعى إلا إلى مصلحة اليهود وما جنيف 2 إلا للمناورة والمداورة فالطبع يغلب التطبع.