الرئيسة \  واحة اللقاء  \  متى يستحي لافروف؟!

متى يستحي لافروف؟!

06.07.2013
راجح الخوري

النهار
السبت 6/7/2013
لم يعد السؤال متى يتعب سيرغي لافروف من ذرف دموع التماسيح على السوريين المذبوحين، بل الى متى يمكن الدول العربية ان تصمت عن هذا الانحياز الروسي البشع الى النظام السوري، وخصوصاً بعدما تعمّدت موسكو منذ بداية الازمة إفشال كل محاولات الحلول، فدعمت الحل العسكري، واقامت له جسراً جوياً وبحرياً يمد النظام بالاسلحة، واشترت له الوقت، تلو الوقت عبر تعطيل مجلس الامن ومنع الشرعية الدولية من القيام بما يساعد على وقف المأساة.
لست ادري كيف يستطيع لافروف الزعم ان ليس لبلاده اهدافاً استراتيجية في سوريا، وانها لا تتصارع مع القوى الاخرى الكبرى هناك، فقبل اشهر قليلة افهمنا فلاديمير بوتين ما معناه ان سوريا هي المنصة الرئيسة التي عادت روسيا لتطل من خلالها على حقبة "الاستقطاب الثنائي"، وعلى امتداد الازمة كررت موسكو القول، انها لن تسمح بسقوط بشار الاسد، بعدما كانت قد افشلت "المبادرة العربية" عندما جاء لافروف الى القاهرة رافضاً الاتجاه الى حل على الطريقة اليمنية لانهاء الصراع، ومنذ ذلك الحين تتولى روسيا رعاية المذبحة ميدانياً وسياسياً.
ليس مفهوما كيف يمكن لافروف ان يبدأ جملته بالقول "ان روسيا لا تتدخل في النزاع السوري ولا تنظر الى السوريين على انهم قسمان"، وهذه كذبة سخيفة طبعاً، ثم ينهيها بالقول ان موسكو تدين بشكل صريح وغير مشروط كل الاعمال الارهابية التي تستهدف المدنيين، وخصوصاً الجرائم المرتكبة بدافع الكراهية الدينية او الطائفية، ولكأن قصف النظام الاحياء والبيوت بصواريخ سكود وبالطائرات الروسية وبالأسلحة الكيماوية ليس من الاعمال الارهابية. لكنها ازدواجية المعايير تأتي من دولة كبيرة تقول انها "لا تستطيع التغاضي عن جرائم الجماعات الارهابية بحق المدنيين"، بينما تقوم منذ البداية بتغطية جرائم النظام ضد المدنيين لا بل تشجعه وتدعمه فيها.
وعندما يتحدث لافروف عن مؤتمر جنيف كفرصة للتسوية، ينسى انه تمسك دائماً بمبدأ وضع القاتل والقتيل وجهاً لوجه، بعدما اصر على بقاء الاسد، معتبراً المعارضين السوريين مجموعات من الارهابيين والتكفيريين يجب القضاء عليهم، وتسهيلاً للقضاء على هؤلاء لم تتوان روسيا اول من امس عن تعطيل صدور بيان رئاسي من مجلس الامن يدعو الحكومة السورية الى تسهيل وصول المساعدات الانسانية فوراً الى مدينة حمص لإغاثة المدنيين المحاصرين فيها.
موسكو لا تتدخل في الصراع، لكنها تعطل صدور بيان يعبر عن القلق البالغ حيال مصير 2500 مدني محاصرين في حمص، وترفض الدعوة الى ايصال المساعدات الانسانية اليهم، وهو ما كانت فعلته قبل اجتياح القصير، لأن دورها هو رعاية المقتلة السورية... لكن السؤال يبقى لماذا الصمت العربي عن القباحة الروسية؟!
====================
جعجع ومصر: رهاننا الديموقراطي كان في محلّه الأسد و"جبهة النصرة" سيخرجان من المعادلة
روزانا بومنصف
النهار
السبت 6/7/2013
على اثر الثورة المتجددة في مصر التي اطاحت حكم الاخوان المسلمين استعاد كثر على مواقع التواصل الاجتماعي مقولة لرئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع لم يخف فيها عدم خوفه من حكم الاخوان اذا وصلوا ديموقراطيا عبر الانتخابات. فهو كان من ضمن الفريق المسيحي الذي رأى وجوب مواكبة المسيحيين الربيع العربي في مقابل الفريق السياسي وحتى الديني المسيحي الذي اعرب عن خشيته من وصول التطرف الاسلامي. والتوظيف المسيحي من موقع الخصم للقوات، والـ8 آذاري سارع في اطار الترف الذي يتمتع به اللبنانيون في اسقاط الربح والخسارة للسياسيين في المنطقة عليهم او على خصومهم في محاولة لتظهير سقوط رهان جعجع على الاخوان المسلمين "هم لا يجتزئون الكلام فحسب - يقول جعجع - بل يركّبونه كما يحلو لهم ايضا. رهاننا هو اولا على الديموقراطية واكبر خطأ هو الوقوف في وجهها او على هامشها كأن لا علاقة لنا في هذا الشرق، ومن ثم على مواكبتها بمقدار الثقل الذي لنا لكي تربح قوى الاعتدال. فاما نريد الديموقراطية ونلتزمها او لا نريدها".
لا يخفي جعجع لـ"النهار" ان الاحداث الاخيرة في مصر فاجأته. توقع ان يجرب الاخوان في الحكم 10 او 15 سنة قبل ان تظهر نتيجة تجربتهم لان دورات التاريخ طويلة، كما يقول، وهو تسمر امام شاشة التلفزيون متابعا حشود المصريين من اجل تطيير الاخوان الذين اتوا بهم الى السلطة قبل سنة. "الديموقراطية تصحح نفسها بنفسها. ففي نهاية المطاف كان على الاخوان اما ان يحكموا وفقا لمبادئ الثورة التي اتت بهم او ان يسقطوا. رهاننا كان في محله لان احداث مصر ستعطي اشارة الانطلاق الى كل العالم العربي وحتى الى تركيا التي كانت شهدت مواجهة قبل اسبوعين بذريعة الخلاف في ساحة تقسيم". كل العالم العربي وسوريا غير مستثناة بالطبع كما يقول على رغم انها تبدو عصية على عدوى ديموقراطية الثورات التي زحفت من العالم العربي. "المعادلة باتت معروفة وواضحة جدا في سوريا"، يقول، "ايا يكن ما تشهده الارض. فبشار الاسد غير باق علما ان احدا غير قادر على تحديد الوقت لخروجه نظرا الى وجود عوامل عدة مؤثرة ابرزها التفاهم الاميركي - الروسي وعوامل اخرى تترتب او تتصل بهذا التفاهم". فالمسألة وفق رأيه "لن تنتهي بانتصار عسكري للمعارضة السورية لانها غير محددة المعالم علما ان هناك تفاهما واضحا ووحيداً حول اللواء سليم ادريس ونظرا الى دخول "جبهة النصرة" على المعادلة وكأنما النظام ادخلها لالقاء ظلال شكوك على المعارضة. لكن المسألة لن تنتهي ايضا بانتصار عسكري للنظام ايا تكن المدن او البلدات التي سيستعيدها لانه عاجز عن الحسم العسكري وستظل الاحداث قائمة حتى حصول جنيف - 2 الذي سيخرج الاسد ويقيم مكانه حكومة من المعتدلين من طرفي الموالاة والمعارضة برعاية دولية واقليمية. لكن الاسد سيخرج من المعادلة شأنه شأن جبهة النصرة اذ يذهب احدهما بالآخر". اما عن الوقت الذي سيستغرقه ذلك، فليس قبل سنة او سنة ونصف سنة "فبعض الاطراف يتمنون الا تنتهي الازمة قبل ان تنشر المزيد من الدمار وفي مقدمهم اسرائيل وسواها في حين ان الولايات المتحدة تعتمد اللاسياسة الخارجية. لقد واكبت ادارات اميركية لكن لم ار مثيلا للادارة الحالية".
ولا يوافق جعجع ان لانتقال السلطة في قطر اي ارتباط في ما يجري في المنطقة "اذ ما حصل طبيعي ومخطط له منذ زمن والاعتبارات الداخلية هي التي املت عملية التغيير وليس اي اعتبارات خارجية" في رأيه. علما "ان التعاطي مع الامير تميم الذي تسلم السلطة قد يكون اسهل بينه وبين دول الخليج خصوصا انه باتت لهذه الدول سياسة تجاه الازمة السورية على غير ما كان عليه الوضع لدى انطلاقها".
كما لا يرى جعجع تأثيرا كبيرا لتطورات مصر على الحركات الاسلامية في لبنان اذ "من يشغل الساحة في لبنان هو الاعتدال السياسي السني. ومن يؤثر اكثر في الحركات الاسلامية هو تصرفات "حزب الله" ووجوده الذي حفز نمو اسلام سياسي في المقابل. فالزخم الذي اكتسبته هذه الحركات كان على وقع مشاركة الحزب في الحرب السورية في غياب دولة تلجم "حزب الله" عن التدخل. لذا علينا دعم تيار المستقبل وتقويته بخلاف ما يعمل عليه الحزب وحلفاؤه خصوصا العماد ميشال عون الذي دفع في اتجاه التطرف باندفاعه ضد تيار المستقبل وارجاع "حزب الله" الى حزب لبناني طبيعي. لكن ما دام الحزب على وضعه الراهن فسيؤدي الى مزيد من التطرف" .
ويدفع جعجع في اتجاه ان يؤلف الرئيس تمام سلام حكومته لان "لا حل سوى ذلك" كاشفا عن ضغوط محلية وخارجية قوية من اجل تأليف الحكومة في مقابل ثبات الرئيس سلام على ضغوط من 8 آذار للتنازل عن المبادئ التي وضعها ومعربا عن اعتقاده ان رئيس الجمهورية قد يوافق على حكومة يعرضها عليه سلام. ويثني على البيان الاخير للمطارنة الموارنة في بكركي "الذي يمكن ان يكون نقطة تحول وطنية تذكر ببيان بكركي العام 2000. اذ بكركي تبقى بكركي في نهاية المطاف" في الوقت الذي يتساءل اذا كان العماد عون استقبل السفير السعودي في لبنان علي عواض عسيري او زار الرئيس ميشال سليمان لو وافق "حزب الله" على تعيين صهره في قيادة الجيش؟