الرئيسة \  واحة اللقاء  \  مجدداً..ماذا تريد روسيا؟

مجدداً..ماذا تريد روسيا؟

11.06.2013
صالح القلاب

الرأي الاردنية
الثلاثاء 11/6/2013
لا يحق لروسيا أن تعترض على المناورات الأردنية التي تشارك فيها (19) دولة فهذا وضع ينطبق عليه المثل القائل :»من يتدخل في ما لا يعنيه يلقى ما لا يرضيه» ولعل ما يجب أن يدركه بوتين ومعه لافروف، هذا الإنسان الكريه الذي ليس له أي نظير في الكرة الأرضية، أن هذه السياسات المعادية والصفيقة التي دأب على إتباعها منذ إنفجار الأزمة السورية، قبل عامين وأكثر، ستدفع دولاً عربية وإسلامية إلى مدِّ أيديها نحو ما يعتبره من المحرمات «القاتلة» وهو دعم المسلمين الذين طال أمد إضطهادهم في المجالات السياسية لدولته إنْ في زمن القياصرة من سلالة رومانوف وإنْ في عهد ستالين وخلفائه في مرحلة الإتحاد السوفياتي التي تبرأ منها هو نفسه وتبرأ منها وزير خارجيته وبالطبع غورباتشوف..ويالتسن وكل الذين بادروا إلى القفز من سفينة كانت في مرحلة الغرق.
إنه لايحق لروسيا أن تتدخل في شأن دولة مستقلة ترفض المس بسيادتها من قبل أيٍّ كان هي المملكة الأردنية الهاشمية وذلك وحتى وإنْ أصبح بوتين يتصرف وكأنه رئيس الدولة العربية المجاورة سوريا وحتى إنْ أصبح وزير خارجيته هو وزير خارجية هذه الدولة الشقيقة التي سلَّم الذين مِنْ المفترض أنهم المؤتمنون على سيادتها وكرامة شعبها مقاليد أمورها ليس للرئيس الروسي ولوزير خارجيته وموظفيه الصغار فقط وإنما أيضاً لحسن نصر الله ولقائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني ولقادة الشراذم المذهبية الذين جاءوا من بلدانهم بدوافع طائفية تستند إلى خرافات وأكاذيب تاريخية لا صحة لها.
لقد خسرت روسيا، كما هو معروف، عشية إنهيار الإتحاد السوفياتي وبعد ذلك دول أوروبا الشرقية كلها وهي خسرت أيضاً بعض الكيانات والجمهوريات التي كانت جزءاً من الإمبراطورية السوفياتية التي غربت شمسها وهي لن تبزغ مرة أخرى على الإطلاق كما خسرت كل مواقعها في إفريقيا بدون إستثناء ولهذا فإنَّ بوتين بإستغلاله فرصة سانحة عابرة هي لن تطول للسيطرة على سوريا كل هذه السيطرة أراد السباحة ضد التيار وأراد إستعراض عضلات هي في حقيقة الأمر ضامرة وواهنة.
وهكذا ولو أنَّ بوتين يسعى فعلاً لإسترداد نفوذ تجاوزته حركة التاريخ فلما لجأ إلى كل هذه الإستعراضات الرديئة التي لن تكون مجدية في نهاية الأمر ولبادر، بدل إضطهاد الشعب الروسي كل هذا الإضطهاد وبدل إستعراض قوته في ساحات لن يستطيع البقاء فيها طويلاً، إلى إقتلاع قواعد الصواريخ الأميركية المزروعة تحت إبطه وإلى إسترداد هيبة أصبحت مفقودة في دولٍ بقيت، وليس لعقود بل لقرون، مجالاً حيوياً للدولة الروسية وفي كل العهود التي سبقت عهده غير الميمون.
ربما أن بوتين لا يعرف، بسبب إنشغالاته غير السياسية في منتجعه الجميل على البحر الأسود الذي شغله قبله أباطرة كلهم ذهبوا إلى ظلام النسيان وإلى مزابل التاريخ، أنه إذا إستمر بالتدخل في شؤون إسلامية وعربية لا تعنيه فإنه سيجد العرب والمسلمون أنهم مضطرون للتدخل في ما يعتبره مجال نفوذٍ لإمبراطوريته الوهمية التي تختار المواجهات غير المكلفة، على غرار ما يجري في سوريا، لإثبات أنها دولة كبرى بحجم الولايات المتحدة التي تعاني الآن من وهنٍ قيادي مؤقت في عهد هذه الإدارة التي واجِهتُها باراك أوباما ووزير خارجيته جون كيري الذي أثبت خلال شهورٍ قليلة أنه لا يستحق حتى أن يكون وزير خارجية لـ»ماكرونيزيا» التي ربما أنه لا يعرف أين تقع في الكرة الأرضية.
إننا نقول لهذا القيصر الروسي «الصغير» الذي وصل به الغرور إلى حد تصور أنه قادر على تسيير كل شؤون الكرة الأرضية من منتجعه على البحر الأسود إن الشعب الأردني يرفض أي تدخل روسي في الشؤون الأردنية وأن الأردن دولة ذات سيادة وحرة وأنها هي التي تقرر الإستعانة بمن ترى أن هناك ضرورة للإستعانة بهم عسكرياً من الأشقاء والأصدقاء ما دام أنَّ هناك تدخلاً أجنبياً سافراً في شؤون دولة عربية شقيقة مجاورة.