الرئيسة \  واحة اللقاء  \  مجرد تهديدات!

مجرد تهديدات!

31.08.2013
صالح القلاب

الرأي الاردنية
الجمعة 30/8/2013
بإنتظار ساعة «الصفر» التي قد تكون بعد يوم أو يومين أو ثلاثة أو أي لحظة فإن هناك حالة ذعر حقيقي ليس في سوريا وحدها وإنما أيضاً في بعض دول الجوار كتركيا ولبنان وإسرائيل والعراق وإن هناك تحسبات ومخاوف في الأردن ففي هذه الدول جميعها تكثر الأسئلة حول ما إذا كان الرد السوري على الضربة العسكرية المتوقعة سيكون يا ترى في إتجاه هذه الدول أو بعضها وما إذا كانت القيادة السورية سترد على الأميركيين وحلفائهم وربما حلف شمالي الأطلسي أيضاً بتوجيه صواريخها إلى الشعوب «الشقيقة» وإلى الدول التي تجمعها بالقطر العربي السوري :(الأمة الواحدة..ذات الرسالة الخالدة؟!).
لقد هدد الرئيس بشار الأسد وأيضاً كبار رموز النظام السوري بأنه إذا تعرضت سوريا إلى الهجوم العسكري، الذي غدا متوقعاً في أي لحظة، فإن ردهم سيكون حرائق تشمل المنطقة كلها وحقيقة أنَّ هذا مثله مثل ذلك الرجل الجبان الذي لا يجد ما يرد به على منْ يشبعونه ضرباً وإهانات في شوارع وساحات قريته إلاَّ بالعودة إلى أهل بيته، زوجته وأطفاله، ليشبعهم ضرباً لإثبات رجولةٍ كان قد إفتقدها في اللحظة التي كان من المفترض أنْ يُظهر فيها رجولته.
إنَّ شوارع ومنتديات وأيضاً منازل مدن وقرى الدول المجاورة لسوريا، التي تنتظر الآن الضربة العسكرية المتوقعة كإنتظار الشاة لسكين الجزار الذي إقترب من عنقها، تطفح بالأسئلة والتساؤلات عن طبيعة الردّ الذي هدد الرئيس بشار الأسد بأنه سيحرق المنطقة كلها وهل سيكون بصواريخ «سكود» التي بقي يذبح بها أبناء الشعب السوري ويدمر مدنهم وقراهم على مدى العامين الماضيين أم أنه سيكون بالأسلحة «الكيمياوية» التي «تمرْجل» بها على أطفال الغوطتين.. الغوطة الشرقية والغوطة الغربية..؟!.
عندما هدد صدام حسين قبل مارس (آذار) 2003 بأن أي هجوم عسكري على العراق سيؤدي إلى حرائق في المنطقة كلها وفي العالم فإنه كان يقصد أن الشعوب العربية وشعوب الكرة الأرضية بأسرها سوف تنتفض إنتفاضة رجل واحد وأنها ستحرق الأخضر واليابس وأنها ستدمر المصالح الأميركية والغربية رداً على هذا الهجوم لكن هذا بالطبع لم يحصل أي شيء منه وعلى الإطلاق عندما وقعت الواقعة وإحتلت الجيوش الغازية عاصمة العباسيين وبلاد الرافدين كلها وبعد ذلك عندما نُفِّذَ به حكم الإعدام شنقاً في صبيحة عيد الأضحى المبارك.
لكن ما هدد به الرئيس السوري وما توعد به كبار أركان نظامه هو أن الصواريخ التي بقيت تتساقط على المدن والقرى السورية وتقتل الأطفال وتشرد أبناء الشعب السوري في أربع رياح الأرض سوف تتجه إلى الدول المجاورة إذا نفذ الأميركيون الضربة العسكرية المتوقعة وهذا يذكرنا بالمثل القائل :»إنَّ منْ لا يقدر على الحمار يكبُّ شره على البرْدعة».. والسؤال هنا :هل فعلاً أنَّ بشار الأسد يعني ما يقول وهل أنه سينتقم من الشعوب الشقيقة لعجزه على الردِّ على دول الضربة العسكرية المتوقعة التي غدت تحصيل حاصل..؟!
والجواب هو أنَّ الكلام قد يكون سهلاً وبلا أيِّ ثمن أما التنفيذ، وهذا على أغلب الظن أن بشار الأسد يعرفه معرفة أكيدة، فإن ثمنه سيكون فادحاً ومكلفاً وأنه يعني أن الهدف سيصبح ليس مجرد تأديب النظام السوري ومعاقبته حتى لا يكرر جريمته إستهداف أطفال شعب من المفترض أنه شعبه بالأسلحة الكيمياوية بل التخلص من هذا النظام نفسه ولذلك فإنه لا داعي لكل هذه الهواجس وكل هذه المخاوف فهذا النظام في وضع لا يمكِّنُه من أن يقوم بمجازفة قاتلة كمجازفة الرد على الضربة العسكرية الأميركية بإستهداف الدول المجاورة.. إن هذه خطوة إنتحارية من غير الممكن أن يقدم عليها نظام بشار الأسد لأنه يعرف أنه إن هو أقدم عليها فإنها ستكون نهايته المؤكدة المحتومة.