الرئيسة \  تقارير  \  مجلة أميركية: هل يعاني الاقتصاد الروسي جراء استمرار الحرب بأوكرانيا؟

مجلة أميركية: هل يعاني الاقتصاد الروسي جراء استمرار الحرب بأوكرانيا؟

06.09.2022
الجزيرة


الجزيرة
الاثنين 5/9/2022
نشرت مجلة "فورين أفيرز" (Foreign Affairs) الأميركية مقالا عن الاقتصاد الروسي وعما إذا كانت العقوبات الغربية، بعد 6 أشهر من الحرب الأوكرانية، قد أحدثت التأثيرات القاسية عليه التي وعد بها مهندسو العقوبات.
وذكر المقال الذي كتبه كريس ميلر، مدير برنامج أوراسيا في "معهد أبحاث السياسة الخارجية" بواشنطن، أن أداء الاقتصاد الروسي، وفقا لتقديرات المراقبين الدوليين مثل صندوق النقد الدولي، أفضل من المتوقع بسبب السياسات الروسية ذات الطابع التكنوقراطي التي صيغت ببراعة، وكذلك أسواق الطاقة العالمية التي أبقت أسعار النفط والغاز مرتفعة نظرا لضعف المعروض.
ومع ذلك، يقول الكاتب "يجب وضع الأداء المتفوق للاقتصاد الروسي في سياقه، فقد توقع قلة من المراقبين وصنّاع السياسة أن تسبب العقوبات ما يكفي من الألم الذي يجبر روسيا على الخروج من الصراع في غضون أشهر، لذلك لا ينبغي أن تشكل حرب روسيا المستمرة مفاجأة".
لا يزال متضررا
ورغم ذلك، لا يزال الاقتصاد الروسي متضررا؛ إذ ما انفك يعاني تباطؤا في النمو أكثر حدّة مما حدث إبان الأزمة المالية عام 2008، حيث من غير المرجح أن يتبعه انتعاش بعد الأزمة.
وأورد المقال كثيرا من البيانات عن مستويات المعيشة وعن الاقتصاد الكلي، قائلا إن الحكومة تقدم الدعم فيما يتصل بالمعيشة، لكن ذلك لن يستمر طويلا. وأظهرت مؤشرات الاقتصاد الكلي تقلص الناتج المحلي الإجمالي، وانخفاض الإنتاج الصناعي، بنسب لا تتعدى 5%، وانخفاض التضخم من 18% في مارس/آذار إلى 15% حاليا، وتدني الأجور الشهرية بنحو 6% مقارنة بالعام الماضي.
وأضاف أن قطاع المواد الخام تأثر تأثرا طفيفا، ولم يكن هذا مفاجئا نظرا لارتفاع الأسعار، ولأن العقوبات الغربية صُمّمت للحفاظ على تدفق معظم السلع بحرية، بما في ذلك النفط.
ثبات عائدات التصدير
أحدث البيانات الشهرية التي أصدرتها الحكومة الروسية بشأن عائداتها من فرض ضرائب على النفط؛ تشير إلى أن البلاد تجني من عائدات التصدير تقريبا القدر نفسه الذي كان في يناير/كانون الثاني. وعلى النقيض من ذلك، تراجعت عائدات تصدير الغاز الطبيعي بعد أن قيّد الكرملين بيعه إلى أوروبا، وهذه العائدات أقل أهمية بكثير لروسيا من صادرات النفط.
وعلى عكس صناعة الطاقة الروسية، يقول الكاتب "تضرر باقي القطاع الصناعي في البلاد بشدة، ومن بين القطاعات الأكثر تضررا السيارات والشاحنات والقاطرات وكابلات الألياف الضوئية، حيث انخفض إنتاج كل منها بأكثر من النصف". وفي القطاعات الأخرى الأقل عرضة للملكية الأجنبية أو سلاسل التوريد المعقدة -مثل المنسوجات أو الصناعات الغذائية- ظل الإنتاج ثابتا، أو زاد في بعض الحالات مقارنة بالعام الماضي.
وأصبح من العسير بمكان تحليل الوضع المالي للحكومة الروسية الآن بعد أن توقف الكرملين عن الإفصاح عن تفاصيل تتعلق بالإنفاق، ربما لإخفاء تكاليف الحرب. ففي أبريل/نيسان -آخر شهر تصدر فيه روسيا بيانات مفصلة- زاد الإنفاق الدفاعي على مدار العام بنسبة 40%.
تزايد تكاليف الحرب
وفضلا عن الرواتب المرتفعة وتكاليف التشغيل لتمويل الهجوم على أوكرانيا، سيحتاج الكرملين أيضا إلى تخصيص موارد مستقبلية كبيرة لإعادة بناء مخزونه الهائل من المعدات التي تضررت أو دُمرت في ساحات القتال الأوكرانية. وتتزايد تكاليف الحرب المتكبدة، ليس فقط في الميزانية العمومية للحكومة المركزية، ولكن للحكومات الإقليمية أيضا، التي يُطلب منها حشد كتائب المتطوعين.
وقال كريس ميلر إن الكرملين محق في إصراره على استقرار الاقتصاد الروسي، فالبنوك الروسية قادرة على سداد ديونها، ومعظم الصناعات تعمل كالمعتاد، ويواصل قطاع الطاقة الحيوي ضخ النفط، وهناك كثير من المواد الغذائية على أرفف المتاجر. وإن كان هناك نقص في السيارات الفاخرة، فسيكون إنتاج السيارات والغسالات أقل بكثير مما كان متوقعا، لذلك سيؤجل المستهلكون عمليات الشراء الكبيرة بقدر المستطاع؛ على أن السيناريو المتفائل للكرملين هو أن يشدّ الروس أحزمتهم ويتدبروا أمورهم.
ومع ذلك، تتزايد تكاليف الحرب والعقوبات، حتى لو كان التأثير الأولي أقل دراماتيكية مما كان يأمله الغرب أو تخشاه روسيا. ففي الوقت الحالي، يشعر قادة روسيا بالسعادة لصمودهم طوال 6 أشهر من العقوبات الغربية. وستعاني الصناعة الروسية في العام المقبل -على أي حال- في التكيف مع عالم خال من المكونات الغربية المستوردة.
وختم ميلر مقاله قائلا "ما لم يحدث ارتفاع في أسعار النفط، فإن الحكومة الروسية ستتعرض لمواقف أصعب تفاضل فيها بين استمرار الإنفاق الاجتماعي وتحمّل عجز الميزانية والتضخم المرتفع، ولن ينهار الاقتصاد الروسي بطريقة تجبر الكرملين على وقف مجهوداته الحربية. وتواجه البلاد، في غضون ذلك، ركودا حادا، وكدحا طويلا نتيجة تدني مستويات المعيشة المنخفضة، وأملا ضئيلا في انتعاش سريع".