الرئيسة \  واحة اللقاء  \  مجلس الأمم وأوروبا.. عين على مصر وعمى عن سوريا

مجلس الأمم وأوروبا.. عين على مصر وعمى عن سوريا

21.08.2013
اليوم السعودية

اليوم السعودية
الاربعاء 21/8/2013
على غير عادات مجلس الأمن ومشاحنات أعضائه ومصارعاتهم ومناوراتهم، وكواليس الأمم النفعية، واجتماعات الاتحاد الأوروبي، عقد مجلس الأمن جلسة سريعة، للنظر في المسألة المصرية، استجابة للرضا الأمريكي وكأن المندوبين مربوطون بمفتاح اليكتروني في البيت الأبيض. كما سارع الاتحاد الأوروبي إلى عقد جلسة خاصة بمصر.
وفوق السرعة المريبة وغير المسبوقة تقريباً التي عقدت فيها هذه الاجتماعات والتصريحات المعادية لمصر، فإن الاجتماعات والتصريحات أصلاً لا مبرر لها في المنطق السياسي ولا الأخلاقي ولا الواقعي. لأن كل ما أقدمت عليه الحكومة المصرية المؤقتة في الأيام الماضية لم يجر بقرارات فردية، وإنما استجابة لتفويض شعبي كاسح لتخليص بلاد الكنانة من المصير الذي كانت تتقدم إليه لو لم يجر التدخل الأمني وفض الاعتصامات بالقوة الجبرية، بعد أن تحولت الاعتصامات إلى ثكنات حربية لغة وخطاباً وسلوكاً واستعداداً على الأرض.
وواضح أنه لم يكن أمام الحكومة المصرية ولا قوات أمنها أي خيار آخر غير فض الاعتصامات بالقوة وبأسلوب منظم يتوخى أقل الخسائر، تفادياً للخيار الآخر، وهو إن لم تنهض قوات الأمن بهذه المهمة، فإن الجموع الشعبية العاضبة ربما تقدم على مهاجمة الاعتصامات وفضها عنوة، مما يعني سقوط ضحايا بالآلاف وربما عشرات الآلاف ودخول البلاد في حرب أهلية مفتوحة.
والمريب الآخر هو العطف المفاجئ الذي هبط على أعضاء مجلس الأمن وسياسيي أوروبا لنجدهم يتراكضون سراعى للنظر في فض اعتصام في مصر خسائره نحو 600 شخص رحمهم الله وغفر لهم ذنوبهم. بينما صقور مجلس الأمم وأوروبا، كما سطر سمو الأمير سعود الفيصل، يصمون الآذان عن صيحات مئات الآلاف من الأرامل والثكالى والجنائز اليومية التي تجري في سوريا، ولم لم يتمكن مجلس الأمن منذ سنتين من عقد جلسة ذات معنى للنظر في محرقة التحالف الإيراني في سوريا، التي تشعلها قوات أجنبية محتلة وتدمر سوريا حجراً حجراً، وتقتل المئات يومياً من السوريين، حتى بلغ عدد القتلى مائة ألف ونصف مليون معوق ومئات الآلاف من المغيبين في سجون الأسد وطهران، وملايين المشردين.
وهذا هو التناقض بعينه.. وهذا هو سجل فضائح مجلس الأمن وعاره ونقيصة أوروبا التاريخية. فأعضاء مجلس الأمن وبلدان حقوق الإنسان والمتباكون، نفاقاً وبهتاناً على مصر، لماذا تعمى عيونهم وتصم آذانهم عن سماع صيحات الفلسطينيين، التي تتوارد إلى مجلس الأمن يوميا وعلى مدى 65 عاماً، تشكو عدوان إسرائيل ومظلومية الفلسطينيين ونهب أراضيهم وقتل شبابهم وشيبهم ونسائهم وأطفالهم وممارسة كافة أصناف الاضطهاد والتعسف والرصاص والعنصرية والتمييز بكل أنواعه وصنوفه والسجون التي استضافت في ظلماتها أيضاً آلاف الأطفال والقاصرين.
لم يكن لجلسة مجلس الأمن ولا اجتماعات أوروبا، أي داع أو ضرورة، وإنما كانت نوعاً من الممارسات البالغة العبثية في هيئات دولية يفترض أن تمارس أعمالها بجدية ومسئولية بلا تحيز أو تمييز، وتحجم أن تتحول لعصا تجلد فيها الشعوب المسالمة وتغض الطرف عن الجرائم والفظائع التي ترتكب بحق الإنسان وخيارات الشعوب وحقوقها وإراداتها وسيادتها.