الرئيسة \  واحة اللقاء  \  مجلس التعاون وبيانهم الختامي

مجلس التعاون وبيانهم الختامي

14.12.2013
محمد صالح المسفر


الشرق القطرية
الجمعة 13 ديسمبر 2013
رحت أتابع رحلة قادة مجلس التعاون الخليجي وهم يتوافدون على مطار الكويت للمشاركة في أعمال القمة السنوي لقادة المجلس، وجوه ضاحكة لا تعرف دفء تلك البشاشة على الوجوه لأن متابعتي كانت عبر شاشة التلفزة، إماءات بالسبابة أحيانا لا نعرف عما تعبر احتجاجا أو توعدا لمواجهة الأعداء المتربصين بهذه الأمة أو تحذيرا ونذيرا لأحد هنا أو هناك داخل المجلس، كل الوافدين إلى قمة الكويت نصفهم من الصف الثاني في سلم القيادة في أوطانهم، البعض من القادة نتفهم أسباب غيابه والبعض الآخر لا نفهم أسباب ذلك الغياب ولكن الحكمة الشائعة في هذا المجال تقول "الغائب عذره معه".
(2)
 تابعت كغيري الكلمات التي ألقيت في حفل الافتتاح لم أسمع جديدا فيما قيل رغم أن الأحداث العربية والدولية من حولنا تكاد تلتهم واقعنا بحلوه ومره.
رفعت جلسة الافتتاح ليعود قادتنا الميامين إلى اجتماعاتهم بعيدا عن أعين كاميرات التصوير ومايكروفونات التقاط الصوت، وكم كنت أتمنى أن أكون أملك طاقية الإخفاء لأكون بين قادتنا حفظهم الله لأسمع وأرى ما يقولون وما يفعلون وكيف يفكرون وهم وجها لوجه في شأن المصائب التي تحيط بنا.
هالني وغيري من الغيورين على هذه الأمة ما تسرب عن قادتنا " أنهم اتفقوا على عدم مناقشة الأمور الخلافية " والتي تحوم حول دعوة الملك عبدالله آل سعود بالانتقال بالمجلس من مرحلة التنسيق إلى مرحلة الاتحاد، وكذلك حال مصر وما يدور على أرضها من اضطرابات وعدم استقرار، وما يدور على الأرض السورية من معارك دامية ولاجئين يتعرضون لقسوة الغربة والطبيعة والحاجة في مخيمات البؤس،وما يدور في اليمن من قتل واختطاف وتهديدات بحرب أهلية ومشاريع انفصالية، ولا شك أنهم مختلفون فيما يتعلق بإيران. لقد جرت العادة أن مؤتمرات القمم العربية والدولية مهمتها مناقشة القضايا الخلافية أما الأمور المتفق عليها فلا خلاف ولا داعي لمناقشتها إلا أن قادتنا خرجوا عن تلك القاعدة.
 
(3)
رحت أستمع لتلاوة البيان الختامي بصوت الأمين العام لمجلس التعاون السيد الزياني ولم أسمع جديدا في ذلك البيان إلا إنشاء جهاز للشرطة الخليجية، أي إحكام التضييق على المواطن الخليجي، وإنشاء قيادة عسكرية مشتركة ورحت أسأل نفسي هل يعني ذلك الجهاز "قيادة عسكرية مشتركة" انتهاء مهمة "درع الجزيرة المسلح"، وفي البيان الختامي ورد ذكر إنشاء "أكاديمية خليجية للدراسات الاستراتيجية والأمنية لدول المجلس" يكون مقرها دولة الإمارات العربية المتحدة علما بأنه يوجد جامعه متكاملة "جامعة الأمير نايف للدراسات الأمنية" وسؤال المواطن الخليجي كل هذه الأجهزة الأمنية خوفا من المواطن أو خوفا على الوطن؟ الدلائل تشير إلى أنها أجهزة أمنية مقصود بها المواطن وحماية النظم السياسية معا. والجديد الذي سمعته في تلاوة البيان الختامي هو "تأسيس برنامج دائم للشباب بهدف تنمية قدراتهم وتفعيل إسهاماتهم في العمل الإنمائي الإنساني، ولكن ماذا عن العمل السياسي؟!
 إن البيان الختامي تضمن بندا غاية في الأهمية وهو" إعرابه عن القلق مما يتردد بشأن الإعلان عن خطط لبناء المزيد من المفاعلات النووية على ضفاف الخليج وما يمكن أن يمثله من تهديد للنظام البيئي الهش والأمن المائي في منطقة الخليج العربي "هذه الفقرة قد يفسرها البعض بأنها تعني المملكة السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة اللتين أعلنتا عن نيتهما لإقامة مشاريع نووية سلمية على ضفاف الخليج، علما بأن إيران أقامت مفاعلا نوويا في بندر عباس على الشاطئ الشرقي للخليج العربي، ولم يشر البيان إلى الطلب من وكالة الطاقة النووية الدولية بالتعاون مع إيران لتفكيك ذلك المشروع المقام في بندر عباس لكونه قريبا من خط الزلازل الأمر الذي قد يشكل كارثة بيئية لدول الخليج العربي مستقبلا.
 البيان الختامي خص إيران بفقرات ثلاث هي: (1) التأكيد على أهمية توثيق العلاقات التعاونية بين إيران ودول المجلس، وهذه الفقرة جائزة القول في الظروف العادية لكن الظروف مع إيران اليوم مختلة التوازن (البحرين، اليمن، سورية، لبنان، وجنوب البحر الأحمر أعني إرتريا) فما هي أوجه التعاون في هذا المجال؟ (2) الترحيب بالتوجهات الجديدة للقيادة الإيرانية تجاه دول المجلس، والسؤال الذي يطرح نفسه ما هي تلك التوجهات الجديدة التي قدمتها حكومة الرئيس روحاني وما هي أوجه الاختلاف والتشابه بين توجهات خاتمي في زمانه تجاه الخليج العربي وتوجهات روحاني اليوم .
إني أطلب من الأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي أن تستخرج من ملفاتها البيان الختامي لمؤتمر قمة مجلس التعاون عندما تولى خاتمي منصب الرئاسة في إيران ومقارنتها بواقعنا اليوم. (3) الترحيب بالاتفاق التمهيدي بين إيران ومجموعة دول (5 + 1) علما بأن بعض دول المجلس كان لها رأي آخر في ذلك الاتفاق التمهيدي إذ كان من المفترض أن تكون دول المجلس ممثلة في ذلك الاجتماع المهم.
 أرجو ألا يفهم قولي بأني ضد تقوية العلاقة مع إيران فذلك ليس هدفي، لكن يجب أن يكون التفاهم مع إيران من أجل رفع يدها عن جوارنا وإيقاف عملية التشيع التي تستهدف الدول المجاورة لنا في القرن الإفريقي وداخل أقطارنا العربية. إنه ليس من مصلحة الأمة العربية ومجلس التعاون الخليجي على وجه التحديد أن تهيمن إيران على العراق الشقيق مباشرة أو عن طريق عملائها فمصلحتنا هنا تتعارض مع مصلحة إيران وهنا وجب التمييز بين المصالح المشتركة.
آخر القول: الخلافات بين قادتنا ما برحت قائمة في مواضيع شتى وهذا ينعكس على العمل الخليجي المشترك ومع الأسف كل الظروف المحيطة بنا لا تبعث بالأمن والاستقرار.