الرئيسة \  واحة اللقاء  \  محادثات "الفرصة الأخيرة"

محادثات "الفرصة الأخيرة"

28.01.2018
يونس السيد


الخليج
السبت 27/1/2018
بعد ثماني جولات في جنيف، انتقلت محادثات السلام السورية إلى فيينا، وهي الأولى التي تعقد على هذا الصعيد، وسط أجواء تشي بأنها ستكون جولة حاسمة أو محادثات "الفرصة الأخيرة" لحل الأزمة السورية كما جاء على لسان وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان.
تكتسب "محادثات فيينا" بما هي امتداد لمحادثات جنيف، التي ترعاها الأمم المتحدة أهمية استثنائية، بالنظر إلى توقيت عقدها والتطورات السياسية والميدانية التي رافقتها. فمن حيث التوقيت، جاء انعقادها قبل أيام قليلة من انعقاد "مؤتمر سوتشي"، الذي دعت إليه روسيا أواخر الشهر الحالي، ما يعني أن هناك ارتباطاً وثيقاً بين الحالتين، خصوصاً لجهة المواضيع المدرجة على جدول الأعمال (الدستور والانتخابات والمصالحة الوطنية)، ويبدو أن التقدم في أحدهما سيخدم الحالة الأخرى، ولعل هذا بالذات ما دفع المبعوث الأممي دي ميستورا إلى التعبير عن تفاؤله والإعلان بأن "محادثات فيينا" المحددة بيومين فقط، ستكون حاسمة.
وقد يفسر هذا سبب تريث المعارضة، التي اجتمعت في الرياض وأجرت محادثات في موسكو ثم في أنقرة، في الإعلان عن موقفها من المشاركة في "سوتشي" ريثما تنجلي الأمور في فيينا.
ومن جانب آخر، تبدو التطورات الميدانية في الشمال السوري، والصراع التركي الكردي، وما جلبه من دخول الجيش التركي وحلفائه في المعارضة السورية إلى منطقة عفرين واحتمالات تمدد عملية "غصن الزيتون" إلى منبج، ناقوس الخطر بشأن إمكانية انفلات الوضع الأمني والعسكري على نحو يعيد خلط الأوراق أو يؤدي إلى صدام بين الحلفاء، خاصة وأن واشنطن ترفض رفضاً قاطعاً طرد حلفائها الأكراد من عفرين ومنبج، وإن أبدت استعدادها لمناقشة المطلب التركي بإقامة منطقة آمنة بعمق 30 كلم في الشمال السوري، إلا أن الأمر بات يتطلب معالجة سريعة؛ لتدارك إمكانية تفاقم الوضع؛ لأن تداعياته يمكن أن تطال موسكو أيضاً بعد واشنطن؛ حيث تردد أن روسيا أعطت موافقتها على العملية التركية؛ بعدما رفض الأكراد مقترحها لتسليم عفرين إلى قوات النظام لقطع الطريق على الدخول التركي.
ويبدو أن هناك مصلحة لموسكو في إرضاء تركيا مقابل موافقة الأخيرة على "مؤتمر سوتشي" والاتفاق على التمثيل الكردي. هذه التطورات، إلى جانب، تقدم قوات النظام السوري في إدلب واستعداداته لفتح معركة إدلب الكبرى؛ بهدف استعادة السيطرة على المنطقة، كلها دفعت موسكو وواشنطن إلى التفكير جدياً في إيجاد حل للأزمة السورية، ربما تنضج معالمه الرئيسية في فيينا أو في "سوتشي" إذا كانت الجبهتان تكملان فعلاً بعضها.