الرئيسة \  واحة اللقاء  \  محددات ادارة “بايدن” تجاه دمشق : من “الاحتواء” الى “الحل” 

محددات ادارة “بايدن” تجاه دمشق : من “الاحتواء” الى “الحل” 

26.11.2020
رائف مرعي


التجدد الاخباري – (مكتب واشنطن) 
مساهمة اعداد : (رئيس التحرير / رائف مرعي) 
الاربعاء 25/11/2020 
بانتظار اعتراف دونالد ترمب بهزيمته، في محاولة منه لتأخير خروجه من البيت الأبيض. الرئيس المنتخب “جو بايدن”، لم يتأخر فى تكريس سلطته من خلال العمل الفوري على تشكيل فريقه ، الذي سيساعده في إدارة البلاد والتغلب على العقبات ، التي تواجه الولايات المتحدة. 
وفي هذا السياق، وقع اختيار الرئيس الأمريكي المنتخب، بايدن، على مستشاره “أنتوني بلينكين”، وزيرا للخارجية. ويروج بلينكين (58 عاما) لوجهة نظر ، مفادها : ان الولايات المتحدة بحاجة إلى أخذ دور قيادي نشط في العالم، والانخراط مع الحلفاء، وعدم السماح للصين بملء هذا الفراغ”. ويوصف بأنه يمتلك وجهة نظر “وسطية” للعالم، كما، ودعا (بايدن) إلى دعم العمل العسكري في ليبيا، وخلال إدارة أوباما، دعا إلى تحرك أمريكي في سوريا. 
في اجتماع عبر الفيديو، في أيار – مايو الماضي، نشرت نصه شبكة (سي بي أس) نيوز الاخبارية، قال بلينكين:” إن على الإدارة الأخيرة أن تقر بأننا فشلنا، ليس بسبب عدم المحاولة، لكننا فشلنا”. وأضاف، “فشلنا في منع خسائر كبيرة في الأرواح ونزوح جماعي للسوريين داخل بلادهم ولجوئهم خارجها. ما حصل في سوريا سيبقى ملازمًا لي في حياتي”. 
وأشار إلى أن الوضع في سوريا ، تحول من سيئ إلى أسوأ، “وكان بإمكان الولايات المتحدة استغلال نفوذها المتبقي في سوريا لإحداث أي أثر إيجابي، إلا أن قرار إدارة ترامب بالانسحاب الكلي من سوريا أدى إلى تبدد هذا النفوذ لسوء الحظ”. 
ونقلت صحيفة الـ“واشنطن بوست”، عن بلينكين، قوله : إن”الولايات المتحدة فشلت في منع الخسائر المأساوية في الأرواح، وكذلك الملايين من الأشخاص الذين تحولوا إلى لاجئين أو نازحين داخليًا، الأمر الذي تعمل عليه حملة بايدن، وستأخذه بعين الاعتبار في حال الفوز بالانتخابات”. وأضاف بلينكين، بحسب الصحيفة، أن “قانون (قيصر) أداة مهمة للغاية، لمحاولة الحد من قدرة نظام الأسد على تمويل عنفه والضغط عليه لتغيير سلوكه”. 
وفي قراءة لمنهج السياسة الخارجية بين كل من الرئيس الأمريكي الحالي دونالد ترمب ، والرئيس المنتخب جو بايدن من الشعارات، التي رفعها كل منهما، ثمة تباين مبدئي واضح تجاه دمشق، وهو ما يستدعي وقفة لمعرفة أثر هذه السياسة الجديدة على الصراع في سوريا، الممتد منذ نحو 10 سنوات. 
فبينما أعلن ترمب ، شعار “أمريكا أولًا”، وانتهج خلال فترة رئاسته سياسة خارجية، اتسمت بتقليص الحضور الأمريكي على المسرح العالمي، والتقليل من أهمية الأحلاف والمنظمات الدولية، كان مرشح الحزب الديمقراطي في الانتخابات الرئاسية ، يرفع شعار “على أمريكا أن تقود من جديد” بما يشير إلى سعي بايدن خلال رئاسته للولايات المتحدة إلى انتهاج سياسة خارجية ، مغايرة لتلك التي اتبعها ترمب، وتعزيز الحضور الأمريكي في مختلف القضايا الدولية والإقليمية. 
بين الاستراتيجيات والممارسات 
…ودون ان يغيب عن أذهاننا خلال توقع مسارات ادارة البيت الابيض الجديدة ، ان سياسات بايدن ، تبدو واضحة المعالم تجاه الداخل الأمريكي : جائحة كورونا ، الانكماش الاقتصادي المرتبط بها، حيث تستحوذان على الجزء الأكبر من اهتمامه. أما على مستوى السياسة الخارجية، ففقد بات من المرجح أن يعطي بايدن الأولوية للتركيز على مسألة التعددية، والتوجه نحو آسيا والصين، وتغيير المناخ. 
وفي ظل اليقين، بان هامش التغير بالسياسة الخارجية الأمريكية بتغير قاطني البيت الأبيض، ضئيل بعض الشيء. إذ لم يحدث تاريخيا ، تغير جذري في مواقف وأهداف واشنطن تجاه القضايا المختلفة بتغير الرؤساء، وإنما تتغير أساليب التعاطي، وتنفيذ هذه الاستراتيجيات. فانه، يظل عنوان “ملف دمشق” على طاولة الرئيس الامريكي: {هزيمة داعش}، ليغدو هو المحرك الرئيس للانخراط الأمريكي، منذ إعلان الرئيس السابق باراك أوباما، بدء الحرب ضد (داعش)، وتشكيل التحالف الدولي (سبتمبر 2014). ثم أكد (ترمب)، إبان حملته الانتخابية (2016) ، “أول شيء يتعين علينا القيام به في سوريا هو التخلص من داعش قبل التفكير في سوريا، الرئيس السوي بشار الأسد ثانوي بالنسبة لي وبالنسبة لداعش”. 
أما الرئيس المنتخب (بايدن) ، فقد نشر موقع حملته الانتخابية، إطارا لسياسته تجاه المنطقة ، تحت عنوان:”جو بايدن والمجتمع العربي الأمريكي : خطة شراكة”، جاء فيها حول سوريا : “فشلت إدارة ترامب مرارًا وتكرارًا في السياسة الأمريكية في سوريا. سيعيد بايدن الالتزام بالوقوف مع المجتمع المدني والشركاء المؤيدين للديمقراطية على الأرض. وسيضمن أن تقود الولايات المتحدة التحالف العالمي لهزيمة داعش واستخدام النفوذ الذي لدينا في المنطقة للمساعدة في تشكيل تسوية سياسية لمنح المزيد من السوريين صوتًا”. 
نجح ترمب نسبيا في هدف “هزيمة داعش” بإعلان القضاء على آخر معاقل التنظيم في قرية الباغوز (آذار- مارس 2019)، ومقتل زعيم التنظيم “أبو بكر البغدادي” في ريف إدلب (تشرين أول – أكتوبر 2019). إلا أن سياساته في سوريا ، بدت متقلبة، بالإعلان عن سحب القوات الأمريكية من المناطق الكردية، وهو ما سمح لتركيا بتنفيذ عمليات عسكرية ضد الأكراد في الشمال السوري. 
ثم إعلان الإبقاء على عدد من القوات لحماية حقول النفط، وهو ما اعتبر في الأوساط الأمريكية “خيانة للحلفاء الأكراد”. فضلًا عن عدم الثبات على نهج في التعامل مع روسيا، بين الإعلان إبان الحملة الانتخابية عن التعاون معها للوصول إلى تسوية، وصولًا إلى فرض عقوبات ، تستهدفها كونها ، أهم داعمي الدولة السورية ، والتنازع على النفوذ العسكري بين البلدين في الشمال الشرقي من البلاد. 
على الجانب الآخر، لم ير الجانب التطبيقي لـ”رؤى بايدن” في الشأن السوري ، إلا وقت توليه لمنصب نائب الرئيس في إدارة الرئيس السابق (أوباما)، الذي تبنى استراتيجية لدعم وتسليح فصائل المعارضة السورية من أجل إسقاط نظام الرئيس السوري بشار الأسد، وهي السياسة التي فاقمت من الأزمة في سوريا، وعدت خطأ كبيرا لإدارته حتى من قبل المسؤولين الأمريكيين في ذلك الوقت، مثل : سفيرة واشنطن لدى الأمم المتحدة ومستشارة الأمن القومي – سابقًا (سوزان رايس)، ووزيرة الخارجية السابقة (هيلاري) كلينتون. 
هذه السياسة الأمريكية، تحدث عدد من المصادر عن أن “بايدن”، لم يكن مؤيدًا لها، وكان أحد المتشككين بشأن ما يمكن أن تنجزه على أرض الواقع، مؤكدا أن هذه الخطوة من شأنها أن تخلق جيشا من المتمردين ، يسيطر عليه “الجهاديون”، ويزيد الأمور في سوريا تعقيدا. 
وفي الوقت ذاته فإن عددًا من كبار مستشاري حملة بايدن ، والمرجح توليهم مناصب في إدارته ، كانوا ضمن إدارة أوباما، مثل وكيلة وزارة الدفاع – سابقًا ميشيل (فلورنوي)، المرشحة لوزارة الدفاع، وأنتوني (بلينكن) نائب مستشار الأمن القومي ونائب وزير الخارجية – سابقا، وهو كبير مستشاري السياسة الخارجية في حملة بايدن للرئاسة. 
فضلًا عن نائبة الرئيس المنتخب (كامالا) هاريس، التي طالبت في بيان (نيسان- أبريل 2017)، الرئيس ترمب بالتشاور مع الكونغرس “لمعالجة افتقار الإدارة إلى أهداف واضحة في سوريا وصياغة استراتيجية مفصلة ومسار للمضي قدمًا بالشراكة مع حلفائنا. 
بوتين – ترمب 
إقرأوا في كتب أوباما 
“مصادر استخبارية أطلسية”، كشفت لموقع التجدد الاخباري،”أن تحتل سوريا مرتبة دنيا على قائمة أولويات السياسة الخارجية ، الخاصة بالرئيس الأميركي المنتخب (جو بايدن)”. وتلفت هذه المصادر الى أن “لا” قدرة لدى النزاع السوري على التسبب بـ”صداع” للإدارة الأمريكية الجديدة. وتبرز تلك المصادر، دور الرئيس المنتخب على هذا المستوى في عهد (أوباما)، أي عندما تولى منصب نائب الرئيس: 
فقد أيد “بايدن”، الضربة الأمريكية في العام 2013 ، ردا على استخدام السلاح الكيميائي، لكنه سرعان ما دعم أوباما في قراره نزع السلاح عبر التفاوض. وكان وصف “بايدن”، لاحقا، في العام 2016، الانتقادات التي وجهت لأوباما بحجة أنه “بذل جهوداً ضئيلة في مواجهة الأسد”، بأنها “غير واقعية وغير مجدية”. وعلى الرغم من استبعاد تلك المصادر لـ”تدخل أمريكي” أوسع في سوريا خلال عهد بايدن، شددت على أن الرئيس المنتخب ، لن يتراجع عن سياسة الضغط على دمشق، وفي هذا الصدد،لفت إلى أن مستشاري بايدن ، اكدوا أنه سيواصل سياسة العقوبات القاسية على دمشق. 
الأسد 
في ما يختص بالرئيس الأسد، تشير جهات متابعة لتطورات الملف السوري من داخل العاصمة – واشنطن انه قد تشبه سياسات بايدن ، سياسات ترمب: “مواصلة الضغط المالي من دون أن يترافق مع أي تصعيد عسكري كبير أو استثمار ديبلوماسي من شأنه أن يجبر النظام في دمشق على الانهيار أو التنازل”. 
شرق سوريا 
في استذكار لأحد تصريحات بايدن، قال فيه : إنه سيحافظ على وجود عسكري أمريكي محدود تحسباً لعودة “داعش”، مضيفا أنّ هاريس أعربت عن ذهولها بعد قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترمب التخلي عن الأكراد في العام 2019. واستناداً إلى هذه المعطيات، فانه يسود لدى أوساط سياسية مقربة من طاقم بايدن الاستشاري، افتراض “أن يعيد بايدن إحياء تحالف واشنطن مع (قوات سوريا الديمقراطية- قسد)، مع الحيطة من اعادة تجرية ترمب(معهم) الاكراد،”فقد عقد ذلك جهود تحسن العلاقات مع تركيا ، كما يحتمل أن يكون قصر الأمد”. 
بادين- (دمشق – طهران) 
من غير المستبعد في هذا الاطار، أن يستخدم (بايدن)، السياسات ضد الأسد للضغط على إيران في ما يختص بالاتفاق النووي. خصوصا اذا ماصحة التوقعات بان بايدن يعتزم إبرام “اتفاق نووي جديد” مع إيران، ومن ثم فتح باب التفاوض بين الجانبين، ما قد يشمل بعض القضايا الإقليمية،التي تنخرط فيها إيران، مثل القضية السورية، 
أيضا من غير المستبعد (البتة)، واستنادا الى ان الرئيس المنتخب، أكثر عدائية إزاء روسيا بالمقارنة مع ترمب، من أنه قد يستخدم السياسة الأمريكية في سوريا للوقوف في وجه موسكو، وعلى هذا الجانب، تظل محددات التعامل الأمريكي مع الطرف الفاعل الأهم في سوريا (الكرملين)، قائمة 
في ذات السياق ، العلاقات الأمريكية-الإسرائيلية ، قد تؤثر في السياسة الأمريكية بسوريا، ووفقا للعدد من القراءات المستقبلية “إذا كانت العلاقات ودية مع إسرائيل، فستشهد سوريا على استمرار الغارات الإسرائيلية ضد المواقع الإيرانية، أما إذا كانت متوترة، فقد يحث بايدن (إسرائيل) على وقف هذه الضربات”. 
عموما، ترجح “مصادر خاصة” لموقع التجدد الاخباري في العاصمة – واشنطن، إلى عدم توقع تغييرات كبرى من “بايدن” في سوريا، وتستبعد كذلك ، توسع التدخل العسكري الأمريكي في الأراضي السورية. مايعني استمرار مقاربة بايدن للنزاع السوري بالحذر نفسه، الذي توخاه عندما تولى منصب نائب الرئيس. 
في المقابل، يسود التوقع لدى تلك المصادر ، من أن نشهد على تغيير كبير في السياسة الأمريكية في سوريا، إذا ما حصل تغيير ميداني كبير ، يتصدر العناوين، أو إذا تأثرت أولويات واشنطن الخارجية الأخرى بهذا التغيير، مشيرة إلى أن أصداء السياسة الأمريكية في (إيران وتركيا وروسيا وكيان الاحتلال الإسرائيلي) ، قد تتردد في سوريا. 
اوباما – بايدن – كيري 
رؤية استشرافية 
بموازة ذلك ، ونحو ادراك أكبر لفهم تعقيدات الشأن السوري على طاولة الرئيس الديمقراطي القادم، فانه تتحدد ملامح رؤية إدارة بايدن بشأن سوريا من خلال ما أنجزه ترمب بالفعل في الميدان، فضلا عن مواقف الإدارة من الأطراف الفاعلة في الأزمة السورية. 
الوجود العسكري 
تبنى دونالد ترمب ، سياسة لتخفيض الوجود العسكري الأمريكي في الخارج، وبناء عليه ، خفض عدد القوات الأمريكية في أفغانستان ، سعيًا إلى انسحاب كامل، وكذلك أخلى عددًا من القواعد العسكرية في العراق وخفض عدد القوات فيها، وأصدر قرارا (لم ينفذ) بسحب جميع القوات من سوريا ، ثم قرر الإبقاء على عدد محدود بدعوى حماية حقول النفط السورية!. 
سياسة بايدن فيما يخص الإبقاء على القوات الأمريكية في سوريا ، لن تختلف عن ترمب، لا سيما ، وأنه انتقد قرار ترامب بسحب القوات، واصفًا إياه (16 تشرين أول – أكتوبر 2019) ، بأنه “دليل على الفشل الكامل لسياسة ترمب وخيانة لشركائنا الأكراد الشجعان”، ومن ثم فإن عددا من القوات الأمريكية ، سيبقى في سوريا تحت أهداف مكافحة الإرهاب ، ودعم وحماية الأكراد، والحفاظ على النفوذ والمصالح الأمريكية في سوريا. 
الأكراد وتركيا 
يعد “الأكراد”، هم الرابح الأكبر من فوز (جو بايدن) بالانتخابات الرئاسية ، وسيكون دعم ادارته لهم، أحد الأدوات الرئيسية للتوجهات المستقبلية الامريكية نحو سوريا،فعلى النقيض تماما من ترمب، يؤمن بايدن بأهمية (دعم الأكراد)، بوصفهم ، أهم الحلفاء في محاربة “تنظيم داعش”، والضامن دون عودة فلول التنظيم ، لتشكيل تهديد من جديد. ومن ثم ستتجه الولايات المتحدة إلى المزيد من دعم قوات سوريا الديمقراطية – قسد ، والإدارة الذاتية في الشمال الشرقي، والبناء على الاتفاقات التي وقعت في عهد ترمب ، فيما يخص حقول النفط، ومنها اتفاق شركة “دلتا كريسنت إنرجي” مع “قسد” لتحديث حقول النفط في الجزء الذي يقع تحت سيطرة الإدارة الذاتية لشمال و(شرق سوريا). 
هذا الدعم الأمريكي ، سيعمق من خلاف الإدارة الأمريكية الجديدة مع “تركيا”، والذي عبر عنه بايدن في الكثير من التصريحات ، سواء التي تناولت الشأن الداخلي التركي ، أو الانخراط التركي الخارجي في عدد من الملفات ، ومنها الملف السوري. إذ قال (تشرين أول – أكتوبر 2019) : إن “تركيا هي المشكلة الحقيقية هنا وسأجري محادثات حقيقية مع أردوغان لإخباره أنه سيدفع ثمنا باهظًا لما فعله”. 
وسيجعل هذا الدعم (الرئيس بايدن) بمواجهة مع تركيا، التي شنّت أربع عمليات عسكرية في سوريا ضد الأكراد (درع الفرات 2016) (غصن الزيتون 2018) (نبع السلام 2019) (درع الربيع 2020). وسيستفيد من هذه الورقة في زيادة الضغوط على تركيا ، لتنفيذ تعهداتها فيما يخص سحب الفصائل الإرهابية، وفتح الطرق الدولية، وهو هدف تتفق عليه كل من “واشنطن وموسكو”. 
المسار السياسي 
سيركز (بايدن)- قطعا- في المرحلة الأولى من رئاسته على حل المشكلات الداخلية في الولايات المتحدة ، وتداعيات حالة الاستقطاب الكبيرة التي برزت خلال الانتخابات. وبعدها قد تنتقل رؤية الإدارة الأمريكية، إزاء الأزمة السورية من “الاحتواء”- مثلما كانت خلال الإدارات السابقة – إلى “الحل”. 
وذلك ، وفق الثوابت ، التي لا يمكن تجاوزها في الأزمة ، وهي : أنه لا حل عسكري للصراع بفعل الاشتباك الدولي ووجود قوات (أمريكية – تركية، ايرانية – روسية ) عدا عن صلابة المؤسسة العسكرية السورية ، واستحالة انهيار النظام ، الذي بات يسيطر على نحو 70% وأكثر من الأراضي. 
الرئيس الأسد 
هنا (تقديرات خاصة لاختصاصيين في القضية السورية) حول توجهات ادارة بايدن بـ”ملف سوريا” 
تتمثل أدوات إدارة بايدن لتحقيق التسوية السياسية (المأمولة في سوريا) بالتالي : 
1 – الاستمرار في عقوبات قانون قيصر التي فرضتها إدارة ترمب ودخلت حيز التنفيذ (17 يونيو). 
2 – القوات الأمريكية الموجودة بجوار حقول النفط ، وهي نقطة قد تستغلها الإدارة في المساومة مع النظام السوري، عن طريق الموافقة على تسوية سياسية مقابل تسليم حقول النفط مثلما ألمح لذلك كبير مستشاري السياسة الخارجية لبايدن ونائب وزير الخارجية السابق أنطوني بلينكن. 
3 – الرغبة في تعزيز قنوات الاتصال مع روسيا والتي تضررت خلال إدارة أوباما ونتج عنها مناوشات بين القوات (25 آب- أغسطس) وعدت انتهاكا لبروتوكولات منع وقوع الاشتباكات التي أقرت (كانون أول- ديسمبر 2019). 
وعند هذه النقطة بالتحديد– يمكن أن يبدأ هذا التواصل ، للانخراط في مسار تسوية سياسية، بناء على (مسار جنيف وقرار مجلس الأمن 2254)، والبناء على ما أنجزته موسكو (31 آب- أغسطس) خلال اجتماع وزير الخارجية (سيرغي) لافروف مع رموز المعارضة السورية ، وتوقيع مذكرة تفاهم بين “مجلس سوريا الديمقراطية” و”حزب الإرادة الشعبية”، للوصول إلى تمثيل مجلس سوريا الديمقراطية في المسار السياسي، واللجنة الدستورية ، وتعزيز وجود إدارة ذاتية كردية في المستقبل السوري. 
4 – مفاوضات الاتفاق مع إيران: إذ إن سعي بايدن لإبرام اتفاق نووي جديد مع إيران يشمل برنامجيها النووي والصاروخي ، يمثل فرصة لكي تقدم في مقابله طهران تنازلات محدودة في سوريا ، تتمثل في سحب بعض وحداتها (الاستشارية) من الجنوب السوري عند حدود الجولان المحتل ، وتفكيك القوات التابعة لها. مع الإبقاء على نفوذها السياسي والعسكري والاقتصادي، القائم بفعل الاتفاقات المبرمة مع الحكومة السورية. 
الرئيس بايدن 
(خلاصة أولية – انعطاف محتمل ) 
إجمالا، لن تختلف محددات سياسة الرئيس الأمريكي المنتخب “جو بايدن” فيما يخص سوريا عن سياسة سلفه دونالد ترمب، وهي : هزيمة داعش – الإبقاء على وجود عسكري محدود – فرض العقوبات – تعزيز المصالح الأمريكية. 
رغم كل ذلك ، فإن كل ما نقل عنه – بايدن- وعن مستشاريه ، تجاه سوريا وقيادتها،لا يعد كافيا. سوى اننا اليوم ، أمام إدارة جديدة ، يبدو أنها ستعود لتقوم بـ”دورا ما” في سوريا. بالمعكوس من إدارة ترمب ، التي لم تكن منخرطة بالملف السوري، بل كانت معنية أكثر بالضغط على حكومة طهران ، (آملة) في التوصل إلى اتفاق، أفضل من (اتفاق أوباما).عدا عن انخراطها ، بما عرف اصطلاحا بـ”صفقة القرن”. 
بيد أنه مع تصميم “بايدن” على تحقيق فريق متكامل ، يشمل ترجيحات ووجوها مختلفة كبدائل/كمزيج من التقدميين والمعتدلين ، وحتى عدد قليل من الجمهوريين، سعيا منه لإرضاء تحالف واسع ، فقد تتسم رؤيته لدمشق، بصبغة أكثر منهجية واستراتيجية من تلك التي بدت عليها الخطوات،التي اتخذها ترمب طوال فترة رئاسته. 
واستنادا للمعطيات المؤسسة على ما تم نقله عن (بايدن)، وفريق حملته ، ومنهم مرشحه لمنصب الخارجية (بلينكن)، من أن العودة إلى الاتفاق النووي مع إيران، لن يتم إلا بعد تعديل الاتفاق السابق. فثمة من يدعو “دمشق” الى استبدال سياسة الانتظار لما ستؤول إليه الأمور، للمبادرة الى تشكيل “خلية عمل وتنسيق”، تكون جاهزة من اليوم للمساهمة والمشاركة بالنقاشات حول أي اتفاق جديد (قد) يعقد مع ادارة البيت الابيض، يضمن مباشرة ، الأخذ في الاعتبار ، مصالح سوريا العليا ، وأمنها القومي الحيوي .