الرئيسة \  واحة اللقاء  \  محنة إنسانية في مخيم اليرموك

محنة إنسانية في مخيم اليرموك

02.03.2014
ديفيد كينير


الاتحاد
السبت 1/3/2014
يقال إن الصورة قد تعادل ألف كلمة، غير أنني أعتقد أن صورة وردت مؤخراً مظهرة حال سكان مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين، الواقع خارج العاصمة السورية دمشق قد تساوي، في الحقيقة، أكثر من ذلك بكثير.\
وقد تم التقاط الصورة والفيديو المتطابق معها من قبل وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) التي كانت تدخل بصورة متقطعة إلى المخيم خلال الشهرين الماضيين. ووفقاً لكريستوفر جينيس المتحدث باسم "الأونروا"، فإن الصورة تظهر سكان اليرموك مجتمعين بالجزء الشمالي من المخيم، في انتظار عمال "الأونروا" لتوزيع طرود الغذاء عليهم.
ويقول جينيس إن "عملية التوزيع تتم في أرض محايدة تحدد وفق مواقع وجود القناصة". وأضاف أن "أجساماً نحيلة ورثة الحال من كافة الأعمار تملأ شوارع المخيم المدمر على امتداد البصر".وكما هو واضح من أعداد الناس التي نزلت إلى الشارع، فإن سكان مخيم اليرموك في حاجة ماسة إلى المساعدات التي تقوم وكالة "أونروا" بتوزيعها كل ما كان ذلك ممكناً. وقد تمت محاصرة المخيم من قبل قوات النظام السوري منذ الصيف الماضي، مما أدى إلى انعدام التموين الغذائي، وتضور العشرات من السكان جوعاً، وتظهر أفلام الفيديو التي تصعب مشاهدتها لقسوتها مظاهر سوء التغذية الحاد الذي أصاب كثيرين.
كما توضح صورة المخيم الفلسطيني أيضاً أن المساعدات التي تصل إلى اليرموك لا تكاد تكفي. وتقول وكالة "الأونروا" إنها قامت على مدار الشهر الماضي بتوزيع ما يزيد على 7000 طرد للأغذية في المخيم، كل منها يكفي لإطعام ما بين خمسة إلى ثمانية أشخاص لمدة عشرة أيام. ولكن مع وجود 18 ألفاً من الفلسطينيين وعدد غير معروف من السوريين في المخيم، يتضح بعملية حسابية بسيطة -إضافة إلى صور الدليل الواضح على تفشي الجوع في اليرموك- أن الغذاء الذي يصل إلى المخيم ليس كافياً لإطعام جميع سكانه.
وفي يوم 23 فبراير، وافق مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة على قرار يحث لأول مرة كلاً من النظام السوري والمسلحين المعارضين، في البلاد على السماح بدخول منظمات الإغاثة ووصولها إلى المدنيين الذين يعانون الأمرّين في جميع أنحاء البلاد. وتأمل وكالة "الأونروا" أن يتيح لها هذا إمكانية وسهولة أكبر للوصول إلى المناطق المحتاجة. ولكن حتى الآن، لا يزال هناك أيضاً كثير من العقبات.
وتأتي تلك الدعوة في الوقت الذي حث فيه الأمين العام للأمم المتحدة "بان كي مون"، الحكومة السورية على السماح لعدد أكبر من موظفي الإغاثة الإنسانية بالعمل داخل تلك الدولة، التي دمرها الصراع طيلة ثلاثة أعوام، فيما كان المخيم قد شهد بعضاً من أسوأ المعارك الدائرة في العاصمة دمشق بين قوات النظام ومسلحي المعارضة، مما أدى إلى نقص في الغذاء وانتشار الجوع على نطاق واسع.
وقد أعلن جينيس هذا الأسبوع أن عمال الإغاثة تم منعهم مرة أخرى من توزيع المساعدات في مخيم اليرموك. وقد جاء ذلك بعد مرور يوم واحد إصدار "الأونروا" بياناً جاء فيه أن المفوض العام فيليبو جراندي "لاقى تشجيعاً بعد التأكيدات التي حصل عليها من قبل (السلطات) السورية بأنه سيتم الحفاظ على الدخول إلى المخيم وكذلك توسيع نطاقه" وذلك في أعقاب زيارته الأخيرة إلى دمشق التي استمرت ثلاثة أيام.
بدوره قال جراندي إن سكان مخيم اليرموك المحاصر في جنوب دمشق باتوا مثل "الأشباح"، بينما أكدت منظمات إغاثة أن مئات السوريين الذين فروا إلى لبنان يواجهون هم أيضاً بشكل متزايد خطر الموت بفعل انتشار سوء التغذية.
وأضاف جينيس موضحاً سبب توقف تقديم المساعدات أنه "بعد نصيحة واضحة من الأطراف المعنية بأن التوزيع لن يكون ممكناً، لا يوجد أي فريق للأونروا". وقال كذلك "إننا لا نزال نشعر بالقلق حول الوضع الذي يواجه الآلاف من المدنيين في المخيم... لقد عانوا بما فيه الكفاية".
وقد حذرت "الأونروا" خلال الأشهر الماضية بشكل متكرر من الأزمة الإنسانية المتفاقمة في اليرموك التي أدت إلى وفاة العشرات جراء الجوع ونقص الأدوية، داعية إلى السماح بالدخول الدوري للمساعدات إلى المخيم الذي كان يقطنه 160 ألف فلسطيني وبعض السوريين، قبل اندلاع الأزمة في منتصف مارس 2011.
وعلى صعيد آخر، حذرت أيضاً منظمات إغاثة من أن أحوال اللاجئين السوريين في لبنان جديرة هي أيضاً بأن تجعل المجتمع الدولي يشعر بخطورة الوضع الإنساني المترتب عليها إن لم يتم تكثيف المساعدات الموجهة لهم.
وقد توصل التقييم الذي أجرته منظمة الأمم المتحدة للطفولة "اليونيسيف" ومنظمات أخرى إلى أن نحو عشرة آلاف سوري دون سن الخامسة يعانون سوءاً حاداً في التغذية بما في ذلك نحو 1800 يواجهون خطر الموت ويحتاجون إلى علاج فوري للبقاء على قيد الحياة.
وحذرت يونيسيف من أن تفشي سوء التغذية في مناطق من لبنان قد تضاعف تقريباً منذ عام 2012 وقد يزداد حال اللاجئين السوريين هناك تدهوراً مع مرور الوقت، إن لم يبذل جهد دولي إنساني في حجم التحدي القائم.
محرر شؤون الشرق الأوسط بمجلة "فورين بوليسي"
ينشر بترتيب خاص مع خدمة "واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سرفيس"