الرئيسة \  واحة اللقاء  \  محنة اللاجئين إزاء الإرهاب

محنة اللاجئين إزاء الإرهاب

06.03.2016
فريد حياة


الوطن السعودية
السبت 5-3-2016
 من الصعب على المرء أن يرى العائلات اللاجئة اليائسة تقف مصطفّة أمام المقابس تنتظر دورها لشحن هواتفها النقالة في الملجأ الحكومي في صربيا التي دخلها اللاجئون عبر مقدونيا، بينما يتواصل عرض التهريج في حملة الانتخابات الرئاسية في أميركا.
هؤلاء اللاجئون البؤساء ينزلون من الحافلات التي أقلتهم، وأول ما يسألون عنه ليس الماء أو الطعام أو مستلزمات الأطفال، وإنما مقابس شحن هواتفهم.
إنهم يتنقلون منذ أسابيع، بل منذ أشهر، في بعض الحالات، ويحتاجون إلى الاتصال بأقارب تركوهم خلفهم، وقد لا يتمكنون من رؤيتهم مرة أخرى، وبرفاق غادروا قبلهم لإخبارهم بمخاطر الطريق التي سيواجهونها.
بالطبع، إنهم فرّوا من دمار بلاد مزقتها الحروب. فقد تدفق مليون منهم على أوروبا العام الماضي، بينما ينتظر مليون آخر على الأبواب. وفي الأثناء، ينظر زعماء القارة إلى هذه الهجرة الجماعية باعتبارها أشد اختبار لهم منذ الحرب العالمية الثانية، وأحزاب "اليمين" المتطرف المعادية للأجانب تزداد شعبية وقوة، والالتزامات القديمة تجاه حرية التعبير والتسامح والحدود المفتوحة أخذت تنحل وتذهب أدراج الرياح. وبات كثير من الزعماء يشعرون باليأس لغياب زعامة أميركية، وتزايد تدخلات روسية.
والواقع أنه طالما أن تنظيم داعش يعيث في الأرض فسادا، وطالبان تحقق تقدما، وتبسط سيطرتها على مناطق جديدة، والحروب الأهلية تعصف بالعراق وسورية وليبيا واليمن، فإن اللاجئين سيستمرون في التدفق على أوروبا. وصربيا لا تستطيع حل المشكلات.
وكذلك الولايات المتحدة لا تستطيع القيام بذلك، وحدها، ولكن دون زعامة أميركية، فإن تلك المشكلات ستتفاقم وتستفحل.
والحقيقة أن رغبة الولايات المتحدة في الحلول السهلة والسريعة لم تبدأ مع الحملة الانتخابية الحالية. فالرئيس جورج دبليو. بوش حاول أن يقسم العالم إلى خير وشر، ومعنا أو ضدنا. ولكن العالم لم يتبعه. والرئيس باراك أوباما تصرف كما لو أن الانسحاب من منطقة النزاعات سينهي تلك النزاعات.
والحال أنه ما من حلول دون التزام أميركي يتميز بالصبر والتصميم، التزام دبلوماسي واقتصادي وعسكري، خلال المؤسسات الدولية عندما يكون ذلك ممكنا، وحولها عندما يكون ذلك ضروريا. هذه الجهود ستصيب أحيانا وستخيب أحيانا أخرى. ووقتها، لن يكون ثمة خيار آخر أمامنا سوى إعادة تنظيم صفوفنا والمحاولة من جديد.
أخبرتني امرأة "25 عاما" أنها قطعت جزءا كبيرا من أفغانستان وإيران وتركيا مشيا على الأقدام، برفقة زوجها وابنتها "14 عاما" وأقارب آخرين. عندما سألتُها لماذا غادرت بلدها؟ قالت لي عبر مترجم: لقد عادت حركة طالبان. وهناك حرب، ولا يوجد طعام أو مدارس.
كما أخبرتني أنها تأمل في الذهاب إلى ألمانيا، قائلة "لقد سمعنا أن ثمة حياة جيدة هناك، وأن البلاد فيها نظام ولا توجد حرب". وصرحت بأنها تفتقد وطنها منذ الآن، ولكن "عندما تضع الحرب أوزارها، سنعود".