الرئيسة \  واحة اللقاء  \  محنة اللاجئي... الحل في حل الأزمات؟

محنة اللاجئي... الحل في حل الأزمات؟

19.09.2015
طارق الهاشمي



الشرق القطرية
الخميس 17/9/2015
عندما تتعذر الحياة، ويفتقد المرء الأمن والكرامة والحرية، عندما تصبح الحقوق... مقعد التعليم أو فرصة العمل أو الزواج كأنها أحلام، عندما يحرم الإنسان من رغيف الخبز والدواء والسكن اللائق،... تصبح هذه الأرض التي يعيش عليها الفرد، أرض الآباء والأجداد والتي ترعرع فيها وعاش عليها حالما متأملا... ليست هي الوطن، وعندما يضطر الفرد للبحث عن وطن بديل.. فهوحقيقة لايبحث عن قطعة أرض في هذا العالم المترامي الأطراف بل يبحث عن ملاذ آمن، عن فرصة للعيش الكريم، حتى قال بنجامين فرانكلين (حيث تكون الحرية يكون الوطن) وهو في هذا التوصيف صادق ودقيق.
الهجرة نشاط إنساني مشروع، والحياة اقترنت بالكرامة (ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا) الآية 70 سورة الإسراء ومتى حصل الانفصال بين الحياة والكرامة باتت الهجرة مطلوبة بل مأمور بها (إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم قالوا فيم كنتم قالوا كنا مستضعفين في الأرض قالوا ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها..) الآية 97 سورة النساء.
مع ذلك الهجرة خسارة صافية للوطن والأمة، بل هي كارثة إنسانية تنتظر الحل ولهذا ينبغي أن تتظافر الجهود وطنيا وإقليميا وعالميا من أجل الحد منها أولالكن متى حصلت لابد من تقديم المساعدة في توفير فرصة عيش ملائمة للآلاف من البشر الهائمين على وجوههم الهاربين من العنف، من القتل من الجوع من البرد من الظلم.. سمي التحديات كما تشاء.
المنظمة السامية للاجئين التابعة للامم المتحدة تستغرق سنوات في التعامل مع طلبات اللجوء والرد عليها وليس من الضرورة أن تاتي بالموافقة مايدفع المشردين في البحث عن طرق غير مشروعة للهجرة خصوصا إلى أوروبا القارة الأقرب جغرافيا إلى المناطق الساخنة وعلى وجه الخصوص سوريا والعراق. وعادة ماتكون هذه الطرق محفوفة بالمخاطر ولازالت شاشات التلفاز تعرض يوميا أهوال ماتتعرض له عوائل مهاجرة في البحار أو في الوديان والجبال وهم يخاطرون حتى بأرواحهم في الوصول إلى بر آمن، جسد الطفل ليليان جاثيا على وجهه البريء وحيداعلى ساحل البحر ستبقى محفورة في الذاكرة لأجيال قادمة من الزمن تذكرنا بالهوان الذي بات عليه المواطن.
وبعد أن أبدت تعاطفها دوائر السياسة والإعلام ونشطت المنظمات الإغاثية في فتح أبواب أوروبا لهذه العوائل واستبشر الناس خيرا وهتف المظلومون والمحرومون لألمانيا والنمسا ورفعوا صور المستشارة (القديسة!!) الألمانية ميركل في ساحات التحرير.... تبخرت الآمال عندما فرضت الدول الأوروبية المعنية ابتداء من المجر مرورا باليونان وبلغاريا والنمسا وألمانيا قيودا مشددة للغاية تصل إلى السجن لسنوات كعقوبة لمن يعبر الحدود من دون ترخيص أو ينتهك حرمة سياج... لاينبغي أن نشكو ونتذمر وننتقد، اذ لو فتحت دولنا العربية أبوابها لهؤلاء كما فعلت تركيا ما فضلوا الهجرة لدول لارابطة لهم بها اللهم إلا الأخوة الإنسانية.
آخذين بنظر الاعتبار أن الغرب لم يغلق أبوابه أمام اللاجئين بل يسعى لتنظيم تدفقهم وإنتقاء المطلوب منهم لسوق العمل، وهنا أيضاً لانشكو ولا ننتقد ونتذكرأن الدول العربية فرطت بهم رغم أنها – أي هذه الدول - بأمس الحاجة للقوة العاملة الشابة والمتعلمة!!
لاينبغي أن نضيع الوقت في جدل سياسي عقيم عن الجهة المسؤلة عن هذه الكارثة، والكل يعلم ماذا صنعت الثورة الإسلامية في تخريب الحياة في العراق وعلى هذا المنوال (المقاومة الإسلامية ومعها نظام المقاومة والممانعة) في سوريا بينما اللاجئ بات بأمس الحاجة لملاذ آمن وعلى وجه السرعة ولابد أن تنهض الأمم المتحدة بمسؤوليتها وتدعو لمؤتمر دولي عاجل بهدف وضع خطة طوارئ يجري من خلالها حصر وتحديد العبئ الإغاثي المتوقع ومن ثم تحديد وتوزيع الأولويات والمسؤوليات على الأطراف كافة، طرف يفتح أبوابه وآخر يساهم في الكلفة وثالث ينصرف لضبط تدفق اللاجئين بتوفير محطات انتقال وقتية ورابع يوفر وسائل النقل...الخ
حلول لكارثة إنسانية باتت مطلوبة على عجل لكن الحل الامثل يكمن في معالجة أصل المشكلة أي الأزمات نفسها وليس تداعياتها أي في ايجاد حل مناسب للأحوال الشاذة في العراق وسوريا وهنا أيضا ورغم مسؤوليتها المباشرة فإن الأنظمة الاستبدادية أو القمعية لاتتحمل وحدها مسؤولية إطالة أمدها فحسب بل العالم أجمع الذي أسهم هو أيضا بتراخيه أو بتواطئه.