الرئيسة \  واحة اللقاء  \  محنة لاجئي الشعب السوري في العالم العربي

محنة لاجئي الشعب السوري في العالم العربي

11.11.2014
داود البصري



الشرق القطرية
الاثنين 10-11-2014
بعيدا عن سير المعارك الدموية المحتدمة في الشرق القديم، وفي الساحتين العراقية والسورية، وبعيدا عن التداخلات الدولية والإقليمية وتفاعلاتها والتي حولت الثورة السورية لمنطقة استقطاب وصراعات طائفية حادة وشرسة اختلطت معها كل الأوراق والتصورات والرؤى، فإن هنالك ملفا مؤلما يتعلق بمعاناة ملايين السوريين قد تم تجاهله بالكامل رغم أنه واحد من أخطر وأدق الملفات، وهو ملف تشرد السوريين بحثا عن الرزق والأمان والعيش الكريم في مختلف دول العالم وغالبيتهم في الدول العربية التي شهدت تدفقا بشريا سوريا هائلا حتى البعيدة منها، ففي المملكة المغربية مثلا هنالك آلاف الأسر السورية التي اضطرت لافتراش الأرض والتحاف السماء وتوزعت على شوارع المدن المغربية وهي تتسول تطلب لقمة الخبز، وتبحث عن الدفء والأمان وسط أوضاع اجتماعية ومعيشية مزرية للغاية تعبر عن بؤس المجتمع الدولي الذي نكث بوعوده وعهوده وتخلي العديد من أطراف ما يسمى بأصدقاء الشعب السوري عن تعهداتهم المعلنة وتبرعاتهم المليارية التي ذهبت مع الريح ولا يعرف أحد مصيرها ومآلها!
شخصيا شاهدت بأم عيني وعاينت على الطبيعة خلال الأيام الماضية في شوارع العاصمة المغربية الرباط ما يجرح الشعور الإنساني وما يثير الأسى والحزن على مصير شعب عربي آمن تشرد وتشتت في مشارق الأرض ومغاربها بعد أن قدم آلاف الشهداء خلال مسيرة الأعوام الأربعة الدموية من عمر الثورة السورية التي تآمر عليها العالم بأسره حتى تحولت سوريا اليوم لمنطقة قتل وقتال دولية وتصفية حسابات إقليمية فيما النظام المجرم مستمر في إرهابه البشع و يفعل آلته الحربية بأجساد السوريين ويصر على تطبيق منهجه الدموي، كل ذلك والعالم الحر يتفرج بلا مبالاة! على تدفق آلاف العناصر الإرهابية الميليشاوية التي تقاتل مع النظام السوري وتحاول اقتناص الفرصة المتاحة لاسترداد المناطق الخارجة عن سيطرة النظام من خلال البطش بالسوريين وتطفيشهم، ولا أدري حقيقة ماهو موقف ورؤية جامعة الدول العربية من تدفق اللاجئين السوريين في العالم العربي ولا عن الكيفية والآلية التي ينبغي سلوكها من أجل التعامل مع هذا الملف الحساس بروح مسؤولة وضمن إطار القرارات العربية والدولية في مساندة السوريين الأحرار والوقوف مع الشعب السوري في محنته التي طالت كثيرا، الموضوع الآن إنساني محض، وهو يمس كرامة شعب عربي أصيل قدم للعالم الشيء الكثير وساهم في معارك العرب الكبرى فلا ينبغي التخلي عنه وعن قضيته وتحويلها لقضية لاجئين ومتسولين، الواجب القومي يدعو الجميع للخروج بصيغة حل إنساني معينة تعيد لمشردي سوريا وأطفالها ونسائها بسمة الأمل و تجدد الموقف الصارم برفض النظام وأساليبه العدوانية وجرائمه ضد السوريين التي دخلت في مجال الأسطورة في رعبها وشموليتها، ينبغي حفظ كرامة الشعب السوري والتنادي لعمل قومي موحد يحفظ كرامة السوريين ويلم شعثهم، فمن غير المعقول ولا المقبول أن يتآمر العالم على أشقائنا السوريين و العالم العربي يتفرج و نرى ذلك الشعب الكريم يتسول لقمة الخبز!، ما يحصل فجيعة قومية حقيقية لابد من تدارك تداعياتها عبر التركيز على المعاناة الإنسانية وبدء خطة تحرك دولية لمحاصرة النظام من جديد والتضييق عليه، فهل نترك الملايين من أجل عيون قيادة إرهابية لا تخاف الله وقد أدمنت الدماء بمساعدة حلفائها الطائفيين في المنطقة، معاناة السوريين بحاجة لتحرك عربي سريع وفاعل يخفف من وطأة المأساة. فهل ثمة معتصم جديد تلامس نخوته معاناة أشقائنا السوريين؟