الرئيسة \  واحة اللقاء  \  محنة مخيم اليرموك وغياب الدور الفلسطيني

محنة مخيم اليرموك وغياب الدور الفلسطيني

10.07.2014
علي بدوان



الحياة
الاربعاء 9/7/2014
رغم الضجيج الإعلامي، والحديث المُتكرر عن إنتهاء محنة مخيم اليرموك وإمكانية عودة مواطنيه اليه، إلا أن الأمور على الأرض ما زالت بعيدة من كل هذه الأجواء الإعلامية والتبشيرات التي تُطلقها عشرات بل مئات مواقع التواصل الإجتماعي وغيرها، وخصوصاً منها التي تخص النشطاء الفلسطينيين وعموم الفصائل والقوى والأحزاب الفلسطينية الفاعلة في الوسط الفلسطيني في سورية.
وبالطبع، فإن ما يدعونا للذهاب الى ما سبقنا اليه، أن التجربة المريرة طوال الشهور الماضية تدفعنا للحذر الإضافي هذه المرة، فكل ما طرح من تسويات ومصالحات وحلول سياسية وميدانية وغيرها، انتهت من دون نتيجة، وانعكست في ارتداداتها على مشاعر الناس الذين وجدوا أنفسهم ضحية ألاعيب سياسية تمارسها أطراف عدة، لا تريد إنهاء مأساة مخيم اليرموك، بل تجد نفسها مُستفيدة سياسياً وحتى ميدانياً من هذه الورقة التي تمس الحالة الفلسطينية في الصميم.
ان مخيم اليرموك هو أكبر تجمع فلسطيني في الشتات على الإطلاق. وكل الوساطات والجهود التي تجري بشأنه، تتم الآن من دون أي دورٍ يذكر للقوى الفلسطينية وأي من فصائلها، باستثناء مدير الدائرة السياسية لمنظمة التحرير الفلسطينية بدمشق، الذي يحاول أن يلعب دوراً بناء في هذا المجال، فيما تغيب القوى الفلسطينية كلياً بعد أن اصطدمت كل جهودها بالدرجة العالية من التعقيدات التي تلف أزمة مخيم اليرموك، وأزمة المنطقة الجنوبية من ريف دمشق وهي المنطقة الواقعة على تلامس مباشر مع المخيم.
نحن هنا لا نعمل على إشاعة مناخات الإحباط عند الناس الذين تلوعوا وما زالوا يعيشون ظروفاً صعبة وقاسية جداً بسبب النزوح من مناطق دمشق المختلفة بما في ذلك العيش المُذل داخل المآوي الجماعية التي أقامتها وكالة "الأونروا" على عجل، بل نريد تقديم الصورة كما هي على أرض الواقع. حيث تتضارب مواقف المجموعات العسكرية التابعة للمعارضة بمختلف عناوينها (جبهة النصرة الاربعاء 9/7/2014 جيش الإسلام الاربعاء 9/7/2014 كتائب إبن تيمية) والموجودة داخل مخيم اليرموك من أزمة المخيم وكيفية حلها، على رغم توافق الحالة الفلسطينية العسكرية المحدودة الفعل والتأثير والمنتمية الى المعارضة العسكرية السورية داخل اليرموك (مجموعة العهدة العمرية الاربعاء 9/7/2014 مجموعة أكناف بيت المقدس) على القبول بالحل الذي ينهي أزمة اليرموك ويفك الحصار عنه ويؤمن عودة الناس، وعددهم يقارب المليون وربع مليون شخص، أكثر من 75 في المئة منهم من المواطنين السوريين من سكان المخيم.
لقد انقضى أكثر من عام ونصف العام على محنة مخيم اليرموك، الذي سقط من أبنائه نحو 800 شهيد خلال هذه الفترة، وغالبيتهم الساحقة من المواطنين الأبرياء الذين لا ناقة لهم ولا جمل، ولا علاقة لهم بأي طرفٍ من أطراف الأزمة. علماً أن عدد الفلسطينيين الذين سقطوا خلال الأزمة السورية فاق حتى الآن نحو 2500 شهيد من عموم المخيمات والتجمعات الفلسطينية ومناطق السكن الفلسطينية فوق الأرض السورية.
كما انقضى أكثر من عام ونصف العام على محنة مخيم حندرات الواقع شمال مدينة حلب، ومخيمي سبينة والحسينية في ريف دمشق الجنوبي، ومخيم درعا. حيث ما زال أبناء ومواطنو تلك المخيمات والتجمعات المنكوبة يهيمون على وجوههم في مناطق النزوح، ولجأت أعدادٌ منهم للهجرة نحو أصقاع المعمورة الأربع.
إن حجم المعاناة التي يواجهها من تبقوا داخل مخيم اليرموك (نحو عشرين ألف مواطن)، والتي تواجهها أيضاً غالبية مواطني اليرموك من النازحين خارج المخيم، كفيلة بدفع كل الأطراف للتفكير مجدداً بضرورة إنهاء هذه الأزمة الإنسانية، والكف عن معاقبة المواطنين الأبرياء الذين لا علاقة لهم بمسارات النزاع السياسي وغيره. فصوت الناس سيكون هو الحاسم خلال الفترة القادمة بعد أن تفاقمت أمورهم الحياتية ووصلت الى حدودٍ غير مسبوقة.