الرئيسة \  تقارير  \  مخاطر تهدد الاقتصاد العالمي بـ 2022.. كيف ستواجهها دول الخليج؟

مخاطر تهدد الاقتصاد العالمي بـ 2022.. كيف ستواجهها دول الخليج؟

16.12.2021
سلمى حداد


الخليج أونلاين
الاربعاء 15/12/2021
- ما أهم التحديات التي يواجهها الاقتصاد العالمي؟
الديون العامة والتضخم ومخاطر كورونا وأسعار الطاقة وزيادة الطلب على الإنتاج.
- هل تنجح دول الخليج بمواجهة هذه التحديات؟
ستعمل دول مجلس التعاون الخليجي على تطبيق مجموعة من الحلول التي تمكنها من تجاوز هذه التحديات الاقتصادية.
الديون العامة، والتضخم العالمي، وتطبيق الإصلاحات الاقتصادية، ومخاطر جائحة كورونا المتواصلة، وزيادة الطلب العالمي على المنتجات، واحتمالات تراجع الطلب على النفط وهبوط أسعاره، تحديات اقتصادية كبرى تواجه العالم ومعه دول مجلس التعاون الخليجي خلال العام 2022.
ورسمت دول مجلس التعاون الخليجي الست في موازناتها للعام المقبل، وخططها الاقتصادية قصيرة وطويلة المدى، العديد من الوسائل لمواجهة هذه التحديات ومنعها من التأثير بشكل كبير على اقتصاداتها، خاصة بعد هزة قوية أصابتها جراء تداعيات الجائحة الدولية وانهيار أسعار الخام.
وتشير توقعات صندوق النقد الدولي، في أحدث تقاريره، إلى اتجاه الاقتصاد العالمي لتحقيق نسبة نمو تصل إلى 4.9% خلال العام 2022، مقارنة بنسبة نمو قدّرها الصندوق بـ 5.9% في 2021.
الركود والتضخم وتحديات أخرى
ويمثل الركود خطراً على الاقتصاد العالمي في عام 2022 أكثر من الركود التضخمي، وفقاً لتقرير صادر عن شركة "نومورا" القابضة اليابانية.
في تقرير توقعات عام 2022 الذي صدر يوم الجمعة 10 ديسمبر الجاري، حذر الاقتصاديون في الشركة من أن العديد من البلدان ستشهد "هيمنة للتضخم الذي يضغط على هوامش الربح ويؤدي إلى تآكل دخل الأسرة الحقيقي".
وقالوا إن الاقتصادات في جميع أنحاء العالم ستواصل مساعيها للوقوف على أقدامها بعد جائحة كورونا.
وتوقعوا أن يتباطئ النمو مع انخفاض الأرباح، ويتقلص دخل الأسرة بسبب ارتفاع التضخم، وينخفض ​​الطلب، حيث يختار الناس استثمار الأموال في المدخرات، في حين توقعت تقارير أخرى أن يزيد الطلب.
وحسب مركز "كوروم" للدراسات الاستراتيجية في لندن، فإن المخاطر المتوقعة في 2022 مرتبطة بمدى قدرة البنوك المركزية على التحكم في الاقتصاد العالمي وأسواق المال، مع تواصل نسب التضخم المرتفعة.
ويحذر المركز كذلك من إمكانية أن يشهد الاقتصاد العالمي حالة ركود بسبب اضطرار البنوك المركزية الكبرى لرفع أسعار الفائدة لمواجهة التضخم، الأمر الذي سينتج عنه تقلبات وتذبذبات بأسواق المال.
ومن أبرز التحديات التي تواجه الاقتصاد العالمي كذلك ارتفاع أسعار الطاقة بشكل شبه مضاعف، بما يؤثر على النمو الاقتصادي ويجر خلفه ارتفاعات في أسعار الغذاء والنقل والمواد الخام والمواد الأخرى.
ديون الخليج
ووفق تقرير نشرته صحيفة "ذي إندبندنت" البريطانية، مطلع ديسمبر الجاري، فإن الاقتصاد العالمي أمام منعطف دقيق في العام المقبل، فالعالم يقبل على إعادة الانفتاح بعد جائحة كورونا، ومن ثم زيادة أكبر في الطلب بظل صعوبات عودة الإنتاج إلى مساره الطبيعي، ما يعني استمرار ارتفاع مستويات التضخم.
وسيشهد العالم كذلك صراعاً من أجل تأمين المواد الخام والعمالة لمحاولة تلبية الطلب المتزايد، حسب الصحيفة.
التحدي الأكبر.. الديون
ويبقى تحدي الديون والإصلاح الاقتصادي في مرحلة تحول مهمة لجميع دول العالم، خاصة دول الخليج العربي، التي واجهت "نكبة اقتصادية" خلال الأعوام الماضية بسبب انهيار أسعار النفط منذ العام 2014.
وحسب تقارير اقتصادية خليجية، فإن الحكومات والشركات العاملة في دول الخليج مطالبة بسداد ديون تتجاوز قيمتها الـ 321 مليار دولار مستحقة السداد حتى عام 2025.
وتبلغ قيمة الديون مستحقة السداد خلال السنوات من 2021 إلى 2025 على حكومات المنطقة الخليجية نحو 157.1 مليار دولار، فيما تصل القيمة المستحقة على الشركات إلى 164.3 مليار دولار.
وفي تقرير لها منتصف العام الجاري، قالت وكالة "ستاندرد آند بورز" للتصنيفات الائتمانية، إن الديون الحكومية لدول مجلس التعاون الخليجي ارتفعت بنحو 70 مليار دولار.
وتوقعت الوكالة أن يبلغ المتوسط السنوي لإجمالي إصدارات سندات نحو 50 مليار دولار أمريكي، خلال الفترة الممتدة ما بين 2021-2024، مع اقتراض أعلى في السنوات المالية الأخيرة من هذه الفترة.
ولفتت إلى قيام معظم الحكومات الخليجية بالاقتراض بدلاً من تسييل أصولها لتمويل عجزها، مرجحة أن يتم تقسيم احتياجات التمويل البالغة 355 مليار دولار أمريكي، خلال الفترة الممتدة ما بين 2021-2024، بنسبة 50:50 تقريباً بين إصدارات سندات الدين وتسييل أجزاء من الأصول.
تراجع الطلب على النفط
وإضافة إلى أزمة الديون فإن دول الخليج العربي قد تواجه أزمة من نوع آخر وهي تراجع الطلب العالمي على النفط، ففي مقابل التوقعات بزيادة الطلب على النفط بسبب الانفتاح والرغبة بزيادة إنتاج السلع، فإن هناك توقعات أخرى ترجح تواصل جائحة كورونا بقوة، والعودة إلى الإغلاق، ما سيتسبب بتراجع الطلب على النفط.
وفي تقرير أصدرته وكالة الطاقة الدولية، الثلاثاء 14 ديسمبر 2021، قالت: إن "ارتفاع حالات الإصابة بكورونا، وظهور أوميكرون، سيحد من الطلب العالمي على النفط".
وأشارت إلى أنه من المتوقع أن يبطئ ارتفاع حالات كورونا التعافي الجاري في الطلب على النفط، لكنه لن يوقفه.
وخفضت الوكالة توقعاتها للطلب على النفط هذا العام والعام المقبل بمقدار 100 ألف برميل يومياً كل عام، فيما يرجع في أغلبه إلى تراجع محتمل في استخدام وقود الطائرات نتيجة للقيود الجديدة على السفر.
ومن وجهة نظر الأكاديمي والكاتب في الشؤون الاقتصادية حسين البناء، فإن قائمة التحديات الاقتصادية تتمثل في قدرتها على تنويع مصادر الدخل لتجاوز الارتباط المباشر بأثر سعر النفط وإشكالاته.
وأضاف البناء في حديثه لـ"الخليج أونلاين" أن "من التحديات التي تواجه دول الخليج خلال 2022، استدامة التنمية المرتبطة بتحقيق عوامل نمو اقتصادي مستدام تقوم على الاستثمار وخلق القيمة عن طريق اقتصاد المعرفة والاقتصاد الأخضر والصناعات والتعدين".
وعلى دول الخليج تجاوز آثار جائحة كورونا التي ضغطت على الإنفاق العام، وأضرت بالأعمال للشركات، وفرص العمل، وأنماط الحياة على مستوى إقليمي وعالمي كذلك، حسب البناء.
وسيكون مطلوباً من دول مجلس التعاون تجنيب الاقتصاد الآثار الناتجة عن الحروب والصراعات الإقليمية في اليمن وملف إيران النووي.
حلول لمواجهة المخاطر
وفي مقابل هذه التحديات التي تواجهها دول الخليج العربي فإن هناك حلولاً يمكنها اعتمادها لمواجهة هذه التحديات.
وقال البناء: "إن من ضمن الحلول لمواجهة هذه التحديات بناء بيئة استثمارية محفزة وشفافة وعادلة، وصياغة أطر قانونية تخدم الاستثمار والتنمية".
وأضاف: "يجب تحييد الملف الاقتصادي وفصله عن أية تداعيات سياسية ذات علاقة بخلافات في البيت الخليجي أو مع إيران مستقبلاً".
وتابع: "من المهم أيضاً تحقيق استدامة في التنمية، وتحديث أنماط الاستثمار بما يتماشى مع أفضل الممارسات العالمية، ومع فرص الاستثمار بما يتعلق بتقنيات الاتصال والطاقة المتجددة والتعليم والاقتصاد الأخضر".
ومن ضمن الحلول التي تتبعها دول الخليج كذلك زيادة الاعتماد على القوى العاملة الوطنية عوضاً عن الوافدين، بما يخدم مؤشرات البطالة والحوالات الأجنبية، حسب البناء.
ورأى الخبير الاقتصادي أن على دول الخليج تقليل نسبة الاعتماد على عوائد النفط عبر تنويع الاستثمار وجذب تقنيات الاستدامة لموارد الطاقة والمياه، والتأسيس لقاعدة دعم الإنتاج الزراعي الذي يقوم على البحث العلمي والتطوير، بما يتناسب مع البيئة الجافة في الخليج وتحقيق الأمن الغذائي.
وتتوقع دول الخليج تحقيق نمو اقتصادي جيد خلال عام 2022، وتسجيل أرقام جيدة في الناتج المحلي الإجمالي.
وتستند هذه التوقعات إلى بيانات صندوق النقد الدولي ومؤشرات معدلات نمو جيدة في ظل ارتفاع أسعار النفط.
وأشار صندوق النقد الدولي في تقريره عن آفاق الاقتصاد العالمي، الصادر في أكتوبر الماضي، إلى أن الاقتصاد السعودي سيشهد معدلات نمو تبلغ 2.8٪ للعام الحالي، ونحو 4.8٪ للعام المقبل.
ومن المتوقع أن تحقق سلطنة عمان خلال العام الجاري ثاني أعلى معدل نمو بعد السعودية في دول الخليج، حيث توقع صندوق النقد الدولي أن تحقق نمواً بنسبة 2.5٪.
ومن المتوقع أن تحقق البحرين نمواً بنسبة 2.4٪، ثم الإمارات العربية المتحدة بنسبة نمو 2.2٪، تليها قطر والكويت بنمو 1.9٪ و0.9٪ على التوالي.
وكانت توقعات الصندوق للعام المقبل أكثر تفاؤلاً لدول الخليج، والتي تزامنت مع توقعات استمرار ارتفاع الصادرات، حيث يبلغ النمو المتوقع لثلاث دول خليجية 4٪ أو أكثر.
وتصدرت المملكة العربية السعودية نمواً متوقعاً بنسبة 4.8٪، مقابل 4.3٪ للكويت، و4٪ لقطر.
كما توقع صندوق النقد الدولي أن ينمو الاقتصاد البحريني بنسبة 3.1٪، ونحو 3٪ للإمارات، ثاني أكبر اقتصاد في منطقة الخليج.
وفي عمان توقع صندوق النقد الدولي نمواً بنسبة 2.9٪، وهو أقل من التوقعات السابقة البالغة 7.4٪.