الرئيسة \  واحة اللقاء  \  مخاوف ما بعد الحرب السورية

مخاوف ما بعد الحرب السورية

17.09.2017
صادق ناشر


الخليج
السبت 16/9/2017
التصريح الناري الذي أدلى به الضابط في الجيش السوري عصام زهر الدين، من على قناة "الإخبارية" الرسمية، في بث على الهواء مباشرة من مطار دير الزور بعد السيطرة عليه قبل أيام، وهدد اللاجئين بالقتل حال عودتهم إلى مدينتهم، يكشف حجم التعقيدات التي يمكن أن يواجهها السوريون في المرحلة المقبلة، خاصة في ظل التهديدات التي يطلقها عناصر النظام ضد خصومهم.
الضابط المذكور خاطب في تصريحه المواطن السوري، الذي تسببت الحرب في تشريده وخروجه من بلده بالقوة بالقول إن "كل من هرب ومن فر من سوريا إلى أي بلد آخر أرجوك لا تعود لأنه إذا الدولة سامحتك نحن عهداً لن ننسى ولن نسامحك، نصيحة (...) لا حدا يرجع".
لا تنفع التبريرات التي يسوقها أو سيسوقها مؤيدو النظام بالقول إن الضابط لا يعبر عن الموقف الرسمي للنظام، حسناً، ولكن كيف للمواطن السوري البسيط، الذي اكتوى بنار الحرب أن يصدق أن مثل هذا الضابط ومن هو أعلى رتبة منه أو أدنى يمكنه أن يلتزم بالموقف المعلن للنظام، الذي لم يدن ولم يستنكر حتى الآن موقف الضابط المذكور؟، لهذا يعد الصمت بمثابة دليل على أن ما يقوله هذا الضابط وغيره هو الذي سيتحكم في المشهد.
حديث الضابط المذكور هو في الحقيقة ما يثير مخاوف السوريين من عمليات انتقام واسعة، حيث يمكن أن ينفلت عقال التطرف من الأطراف المأزومة عبر ارتكاب الكثير من الجرائم تحت ذرائع واهية ومختلفة، وستجري محاكمات لضمائر الناس، وعلى ضوئها يمكن ارتكاب الكثير من الانتهاكات، وهذا من شأنه أن يعيق تطبيع الحياة في المناطق التي كانت تحت سيطرة المعارضة واستردها النظام بمساعدة من حلفائه الخارجيين مثل حزب الله وإيران، إضافة إلى روسيا بالطبع، وقد يدفع ذلك بالأطراف الأخرى والمناوئة للنظام إلى ارتكاب أعمال مشابهة.
لا شك أن الحروب تترك ندوباً كبيرة في المجتمعات الحية، والحرب في سوريا، المستمرة منذ أكثر من ست سنوات، ألحقت أضراراً كبيرة في النسيج الاجتماعي للبلد، وراكمت أحقاداً لن تزول بسهولة، ولذلك على أطراف الصراع الابتعاد عن روح الثأر والانتقام، والتلويح بارتكاب جرائم ضد المخالفين، لأن ذلك يمكن أن يؤدي إلى مزيد من الصراعات المجتمعية، ويقوض الجهود المبذولة لإعادة الحياة إلى طبيعتها ومعالجة ما تسببت بها الحرب من كوارث عكست نفسها على الجميع.
تصريح الضابط في الجيش السوري دليل على أن روح الانتقام لا تزال المهيمنة على أجواء الأزمة القائمة في سوريا، وهناك حاجة ماسة ليظهر النظام وخصومه، قدراً من المسؤولية لبث إشارات للسوريين من أن القانون والنظام وحماية الحقوق لا بد أن تكون مظلة للجميع وأن يتناسى السوريون الآلام التي مروا بها خلال حروب السنوات الست عانوا خلالها مرارة التشرد في الداخل والخارج، ولم يشارك الكثير في حمل السلاح ضد أي طرف، فقد كانوا ضحية للحرب العبثية التي طال أمدها وحان الوقت لإسكات البنادق وعودة السلام للجميع.