الرئيسة \  تقارير  \  مخاوف في إدارة بايدن من تصدع التحالف الغربي ضد روسيا وتوقف الدعم الحزبي لمساعدات أوكرانيا بعد انتخاب

مخاوف في إدارة بايدن من تصدع التحالف الغربي ضد روسيا وتوقف الدعم الحزبي لمساعدات أوكرانيا بعد انتخاب

17.10.2022
رائد صالحة


مخاوف في إدارة بايدن من تصدع التحالف الغربي ضد روسيا وتوقف الدعم الحزبي لمساعدات أوكرانيا بعد انتخابات التجديد النصفي
رائد صالحة
القدس العربي
الاحد 16/10/2022
واشنطن ـ “القدس العربي”:  أسفرت المخاوف من لجوء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لاستخدام الأسلحة النووية لوقف الخسائر في أوكرانيا إلى إثارة الجدل بشأن “الخطوط الأمريكية الحمراء” في التعامل مع هذا السيناريو المرعب.
وقد تعهدت الولايات المتحدة بعواقب كارثية إذا استخدم بوتين الأسلحة النووية، ولكن الرئيس الأمريكي جو بايدن رفض تقديم أي تفاصيل بشأن طبيعة الرد، وتضاربت تعليقات العديد من المسؤولين الأمريكيين بشأن الرد الأمريكي إذا سلك بوتين الطريق النووي.
وقال محللون أمريكيون أن الغموض في رد البيت الأبيض يمنح إدارة بايدن المرونة المناسبة، وأكدوا أن توضيح واشنطن بأنه ستكون هناك عواقب ، بدون تحديد أي تفاصيل قد يساعد على الردع.
وفي الواقع، تعلم رؤساء الولايات المتحدة درساً قاسياً بشأن وضع “الخطوط الحمراء” وقال محللون إن الكلمة مخيفة في واشنطن بعد فشل الرئيس الأسبق باراك أوباما في “خطوطه الحمراء” في سوريا، حيث ألقى خطاباً في عام 2012 متعهداً بالتدخل في الحرب السورية إذا استخدم رئيس النظام بشار الأسد الأسلحة الكيميائية، ولكنه لم ينفذ تعهده على الرغم من نشر تلك الأسلحة بعد عام من الخطاب.
وأكد خبراء أن بوتين يعرف جيداً أن حلف شمال الأطلسي “الناتو” سيدخل “المسرح” إذا استخدم السلاح النووي، لذلك لا يزال من الحكمة ترك مجال للمناورة، على حد تعبير مجلة “بوليتيكو”. ولاحظ محللون أن هناك قيمة للمناقشات المنفصلة مع روسيا حول “حدود ومخاطر” أنشطتها في أوكرانيا لإدارة مخاطر التصعيد.
وقد أوضحت موسكو خطوطها الحمراء في المعركة، إذ حذرت من نشر الصواريخ الأمريكية بعيدة المدى بالقرب من الحدود الروسية، وحذرت، أيضاً، من رد “يوم القيامة” إذا تعرضت شبه جزيرة القرم لهجوم، وفي الفترة الأخيرة، قالت إنها لن تتسامح مع أي اعتداء على المناطق التي ضمتها مؤخراً، ولغاية الآن، لم يحفز الدعم الأمريكي والغربي لأوكرانيا أي رد استثنائي من قبل روسيا، ولكن الخبراء حذروا من عدم الاستخفاف بتهديدات الكرملين النووية مع استمرار خسائر روسيا في الحرب التقليدية.
وتوقعت مجموعة من المحللين أن تكون تعليقات بوتين بشأن استخدام الأسلحة النووية مجرد “خدعة معقدة تهدف إلى بث الخوف والذعر في عدو غربي ضعيف الإرادة” ولكنهم قالوا إن الأحداث في أوكرانيا واحتمال وقوع خسائر عسكرية روسية كبيرة قد يقلب الحسابات.
وفي وقت سابق، توقع الجنرال ديفيد بترويس أن الولايات المتحدة إلى جانب الحلفاء، ستقضي على القوات الروسية إذا قرر الرئيس فلاديمير بوتين استخدام الأسلحة النووية في أوكرانيا.
وأكد رئيس المخابرات الأمريكية السابق أن القوى الغربية تأخذ تهديدات بوتين النووية على محمل الجد، مشيراً إلى تصريحات مستشار الأمن القومي، جيك سوليفان، بأن العديد من المسؤولين الأمريكيين قد حذروا موسكو بأنها ستواجه عواقب كارثية إذا استخدمت أسلحة نووية في أوكرانيا.
وقال بترويس إن الرد سيكون من خلال قيادة حلف شمال الأطلسي “الناتو” عبر جهد جماعي سيؤدي إلى القضاء على القوة الروسية التقليدية في أوكرانيا وشبه جزيرة القرم وكل السفن الروسية في البحر الأسود.
وقال مسؤول كبير في حلف “الناتو” يوم الأربعاء الماضي إن أي استخدام روسي للأسلحة النووية سيجلب بكل تأكيد رد فعل مادي من العديد من الحلفاء، وقال وزير الدفاع الأمريكي الأسبق ليون بانيتا إن الولايات المتحدة لن تشعر بأنها مقيدة لتقديم الدعم المباشر لأوكرانيا للانتصار في المعركة إذا استخدم بوتين الأسلحة النووية.
وتحدث الرئيس الأمريكي جو بايدن لساعات في الأشهر الأخيرة مع رئيس الوزراء الهندي، ناريندرا مودي، ورئيس جنوب أفريقيا، سيريل رامافوزا، وغيرهما من القادة الأجانب الذين لم يدعموا دائماً التحالف الغربي لدعم أوكرانيا، وحثهم على الوقوف بحزم ضد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وفقا لصحيفة “واشنطن بوست” التي كشفت أن البيت الأبيض قد فوجئ عندما واجه مودي، الذي بذل جهوداً كبيرة ليظل محايداً في الصراع الروسي الأوكراني، بوتين في قمة الشهر الماضي ليقول له إن “عصر اليوم ليس حربا” وأن على بوتين “الانتقال إلى طريق السلام”.
وبالنسبة للعديد من المحللين، فإن هذه المناقشات تظهر ضغوط بايدن بقوة من أجل الحفاظ على ما أصبح مهمة مركزية لرئاسته: الحفاظ على التحالف العالمي والمحلي الداعم لأوكرانيا. مع اقتراب الحرب من أول شتاء، حيث يواجه حلفاء الولايات المتحدة رياحاً اقتصادية، بينما أعرب بعض الجمهوريين في الداخل عن شكوكهم بشأن المليارات من المساعدات الموجهة إلى أوكرانيا.
واعترف مسؤولون أمريكيون سراً أنه على الرغم من المواجهة المفاجئة لمودي مع بوتين، إلا أن الشكوك تحوم بشأن حدوث أي انفراجة مع الهند، التي تتمتع بعلاقات سياسية وعسكرية واسعة النطاق مع روسيا. لكنهم يأملون في أن تساعد هجمات بوتين الصاروخية في إقناع جنوب أفريقيا ودولا أخرى بالابتعاد عن الحياد.
ولم تكن الدبلوماسية الأمريكية سهلة، حيث تضررت الدول النامية في افريقيا وأمريكا الجنوبية وجنوب شرق آسيا بشكل غير متناسب من ارتفاع أسعار الوقود ونقص الغذاء العالمي بسبب الحرب، وقد حاول بايدن في محادثاته مع نظرائه بذل كل جهد للقول إن “العدوان الروسي” هو السبب في المشاكل وليس العقوبات الأمريكية على موسكو.
وقد أضافت الأحداث الأخيرة الإحساس بأن الحرب ستكون شاقة وطويلة، خاصة بعد تفجير جسر القرم، الأمر الذي أثار غضب موسكو وجعلها تستهدف كييف ومدنا أوكرانية أخرى.
ويتوقع المسؤولون الأمريكيون تباطؤ القتال خلال فصل الشتاء في أوكرانيا، عندما يؤدي الطقس البارد إلى إعاقة العمليات العسكرية، ولكن مع اقتناع روسيا وأوكرانيا بقدرتهما على الفوز، فإن المفاوضات تبدو بعيدة المنال، خاصة مع التعبئة الأخيرة للقوات في روسيا.
وقد حافظت إدارة بايدن حتى الآن على دعم من الحزبين الديمقراطي والجمهوري لتقديم مساعدات بمليارات الدولارات إلى أوكرانيا، ولكن العديد من حلفاء ترامب من الجمهوريين بدأوا في إثارة تساؤلات حول سبب إنفاق الولايات المتحدة الكثير من الأموال على حرب بعيدة في الخارج، وحسب ما ورد في تقرير لـ”واشنطن بوست” من المحتمل أن ترتفع أسعار الوقود على المستهلك الأمريكي نتيجة قرارات أوبك والسعودية بتخفيض الإنتاج، ما قد يزعج الجمهور أكثر بشأن المساعدات الخارجية.
وقال مسؤول كبير في إدارة بايدن إن البيت الأبيض يفكر دائماً في الحفاظ على الدعم من الكونغرس والجمهور، ولكنه اعترف بأن الأمر سيصبح تحدياً لا محالة، مشيراً إلى أن الكثير من الناس يعتقدون بأننا نمر في أوقات عصيبة مع ما تبقى من توافق بين الحزبين بشأن أوكرانيا.
وعلى الرغم من معارضة قادة أوروبا لبوتين وأجندته إلا أن المخاوف من ارتفاع أسعار الوقود والغاز تهدد هذا الدعم.
وأشار محللون أمريكيون أن العلاقة بين إدارة بايدن والرئيس الأوكراني زيلينسكي ليست سلسة كما يتوقع الكثير من الناس على الرغم من انتظام المحادثات الهاتفية والمناقشات بين الزعيمين، فقد دعا زيلينسكي مراراً الولايات المتحدة تقديم مساعدات وبذل المزيد وفرض عقوبات أشد على روسيا على الرغم من تدفق المساعدات الأمريكية والغربية إلى كييف. وقال محللون أمريكيون إن بايدن يتفهم رغبة زيلينسكي في الدفاع عن بلاده ولكن الرئيس الأمريكي أخبره سراً بأنه لا يستطيع الاستمرار في طلب المال من الكونغرس إذا بدا أنه غير ممتن وظل يقول إن المساعدات غير كافية.