الرئيسة \  واحة اللقاء  \  مراجعة مصرية ضرورية في سورية

مراجعة مصرية ضرورية في سورية

11.10.2016
محمد هاني


الحياة
الاثنين 10/10/2016
لا تفوّت الديبلوماسية المصرية فرصة لتأكيد تمايزها عن مواقف حلفائها الإقليميين من الأزمة السورية. قبل أسبوعين، أعاد وزير الخارجية سامح شكري التذكير باختلاف الأولويات. وقبله كرر مساعدوه وبعض كبار موظفي وزارته تصريحات مماثلة.
بهذا المعنى، لم يحمل موقف مندوب مصر لدى الأمم المتحدة عمرو أبو العطا خلال جلسة مجلس الأمن التي ناقشت الوضع الإنساني في حلب أول من أمس، جديداً على صعيد المواقف غير تأكيد هذا التمايز وإبرازه. وهو برر التصويت لمصلحة قرارين متنافسين يفصل بين طرحهما دقائق، بتأييد بلاده عناصر في كليهما، قبل أن يذكر بأن "أثر التصريحات والبيانات في الأمم المتحدة لا يتجاوز جدران هذا المبنى".
قد تكون الملاحظة الأخيرة محقة. كما أن من حق القاهرة أن تتخذ مواقفها الإقليمية تبعاً لرؤيتها لمصالحها وأولوياتها، خصوصاً أن الوصفات المجرّبة لم توقف النزيف المستمر بعد خمس سنوات من الحرب في سورية. غير أن التصويت المصري المزدوج جاء كاشفاً لارتباك يصبغ تعاطي القاهرة مع المأساة السورية منذ بدايتها. ويمكن القول ان مرده زاوية النظر الضيقة إلى هذه الأزمة وأبعادها.
تستند المقاربة التي تطرحها القاهرة خلال السنوات الثلاث الماضية إلى أولويتي "الحفاظ على مؤسسات الدولة السورية" و"صون وحدة الأراضي"، من دون تحديد تصور واضح لكيفية تحقيق المطلب الأخير الذي تجاوزه الواقع الميداني على أرض باتت ممزقة بين نظام استقدم دعماً روسياً وإيرانياً وحشداً مذهبياً من أركان الأرض لضمان بقائه، وجماعات "جهادية" تضم عناصر من مختلف الأجناس جاءوا لمطاردة حلم "الخلافة". هذا بخلاف الأراضي التي قضمها التوغل التركي والسيطرة الكردية.
بيد أن الخلل الأكبر في الطرح المصري يكمن في النظر إلى "مؤسسات الدولة السورية" باعتبارها مكتسباً يجب الحفاظ عليه. وفي حين تجد هذه الفكرة سنداً من عواقب تجربة حل الجيش العراقي و"اجتثاث البعث"، إلا أن نظرة مصر إلى هذه المؤسسات قياساً على تجربتها، تتجاهل السمة المذهبية الواضحة التي طبع النظام السوري بها هذه "المؤسسات" وخوضها في دماء مواطنيها، بما لا يترك خطوط رجعة.
إذا كان مفهوماً أن يضع النظام في مصر مواجهة تمدد الإسلاميين في المنطقة ضمن أولوياته، خصوصاً في ظل المواجهة مع جماعة "الإخوان المسلمين" وفرع "داعش" في سيناء، فإن هذا لا يعني بالضرورة التماهي مع النظام السوري وحلفائه، واعتماد مقاربة مشوشة تفضي إلى الارتباك الذي انعكس في التصويت خلال جلسة مجلس الأمن.
تحتاج القاهرة، كما غالبية الأطراف الإقليمية المعنية، إلى مراجعة أولوياتها ومنطلقات موقفها من الأزمة السورية، لصوغ موقف يحقق التوازن الذي ترغب به بين أولوياتها الداخلية ودورها في معادلة النظام الإقليمي.