الرئيسة \  واحة اللقاء  \  مرحلة جديدة في الأزمة السورية

مرحلة جديدة في الأزمة السورية

07.05.2013
حازم مبيضين

حازم مبيضين
الرأي الاردنية
الثلاثاء 7/5/2013
بشنها هجوماً صاروخيًا على مركز البحوث العلمية في جمرايا بالقرب من دمشق، واستهدافها اللوائين 104 و105، وهما نخبة الحرس الجمهوري، تكون إسرائيل قد انخرطت عملياً في الحرب الكونية، التي تستعر بالنيابة في سوريا، منذ أكثر من عامين، وربما تسعى لتغيير قواعد اللعبة، استجابة لما كان أعلنه الرئيس الأميركي، في هذا الصدد، أو أنها غيّرت حساباتها وبما يعكس التغيير في السياسات الأمريكية حيال القضية ذاتها، فما دامت إيران ضالعة في الأزمة مباشرة، أو عبر ذراعها اللبنانية، حيث يقاتل أعضاء من نخبة مقاتلي حزب الله في أكثر من موقع على الأرض السورية وبما غيّر ميزان القوى لصالح النظام، فيما يقف العالم الغربي متفرجاً، فإن إسرائيل تنتهز الفرصة والأوضاع لتصفية بعض حساباتها ولتضع بصمتها على مآلات الأحداث السورية لتأكيد أنها لاعب رئيس في المنطقة يوازي في قوته وتأثيره ما تطمح إليه إيران من نفوذ.
السلطات السورية رأت في الهجوم الإسرائيلي الجديد، وهو الثاني خلال أسبوع، محاولةً لتخفيف الطوق عن معارضيها في ريف دمشق، كما رأت فيه دعماً للإرهاب، ومؤشراً جديداً على أن إسرائيل هي الأصل، وأن الإرهابيين مجرد وكلاء، رغم أن بعض الأنباء تتحدث عن استهداف الهجوم أيضاً صواريخ أرض- جو روسية سلمت حديثاً إلى النظام السوري، وجرى تخزينها في مطار دمشق الدولي، الذي تعرّض قبل يومين لهجوم من المعارضة، أسفر عن تدمير طائرة مدنية، واندلاع النيران في مخازن لوقود الطائرات، وكان لافتاً أن الرئيس الأميركي أكد قبل الهجوم حق إسرائيل بحماية نفسها من نقل أسلحة سورية إلى حزب الله، وكأنه أعطى للدولة العبرية إشارة بموافقته على أي عمل عسكري ضد سوريا حفاظاً على تفوقها وليس حفاظاً على أمنها.
لم تحدد دمشق كيف سترد على الهجوم، رغم أنها كانت هددت بالويل والثبور وعظائم الأمور، وهي على الأرجح ستلجأ إلى ما كانت اعتادت قوله، من أنها سترد في الوقت المناسب، وأنها هي من يحدد توقيت المعركة، حزب الله من جانبه لم يحدد موقفه، مع أنه كان هدد إسرائيل بمئات الصواريخ، الموجهة إلى مدنها ومواقعها الحساسة، كذلك لم نسمع من طهران حتى اللحظة غير الإدانة، مع أنها كانت توعدت بإحراق المنطقة، دفاعاً عن حلفائها في دمشق وبيروت، وحفاظاً على محور المقاومة والممانعة، أمّا موسكو فإن المتوقع رغم دعمها الموصول لنظام الأسد، أن تغض الطرف عن هذا التحول الخطير، ما دام يصب في مصلحة إسرائيل، التي بات واضحاً أن العالم معني بها، أكثر من أي قضية أخرى تراق فيها دماءء مئات آلاف الأبرياء.
ربما كان الهجوم الإسرائيلي على قلب دمشق وأكثر المواقع حساسية، دعوة للرئيس الأسد لإعادة حساباته، المبنية على وهم قدرته على نقل أزمة بلاده إلى كل دول المنطقة، وإذا كان الأردن ولبنان اتخذا موقفاً أقرب إلى الحياد، بسبب قدراتهما الذاتية، فإن التحرش بتركيا أو إسرائيل، سيضع نظامه في مواجهة قوى قادرة على فرملته، إن لم تكن قادرة على هزيمته وإسقاطه.
مؤسف أن تكون قدرات الجيش العربي السوري، استنزفت في معركة لمصلحة بقاء الأسد رئيساً، ولو تحت شعارات قيادته لحلف المقاومة، التي لم نراها أونتعرف إليها، وبحيث تكون إسرائيل قادرة على العربدة في أجواء عاصمة الأمويين، دون أن يكون لدى حماة الديار من الوقت والقدرات ما يدافعون به عن كرامة وطنهم، والمهم أن الأزمة السورية دخلت منعطفها الأخطر دون أن يكون أحد قادراً على توقع المستقبل.