الرئيسة \  واحة اللقاء  \  مركزية الحلّ السوري في تفكيك أزمات المنطقة

مركزية الحلّ السوري في تفكيك أزمات المنطقة

13.11.2014
رشا الجندي



العربي الجديد
الاربعاء 12-11-2014
صرّح الرئيس الأميركي، باراك أوباما، في مؤتمره الصحافي الأخير، أنّ هدف الولايات المتحدة من التحالف الدولي ضدّ داعش هو طرد تنظيم الدولة من العراق ومحاولة إعادة الاستقرار فيها باعتبارها مسؤولية أميركية منذ 2003، في إشارة منه إلى أنّ كل ما يتم القيام به من ضربات في سورية لداعش هو مجرّد مشهد جانبي لا يمتّ بصلة لنوايا الإدارة الأميركية الأساسية، وتعرّض الرئيس الأميركي للانتقاد من قبل عدة أطرف في الولايات المتحدة بسبب هذا التصريح، وقد كانت له موجبات واضحة وهي الوضع الميداني السيء في سورية والعراق، فالدولة الإسلامية تقوم بمجازر ضدّ العشائر السنّية مثل البو نمر والجبور، لتقديم أمثولة لأي عشيرة تحاول المشاركة في القتال ضد داعش، سواءً في العراق أو في سورية. وفي ظلّ التوضيح السيء الذي قام به أوباما فإنه يدفع فصائل الجيش الحرّ والفصائل المقاتلة الأخرى للامتناع عن محاربة داعش وذلك بسبب رفع الحماية عنهم في سورية، فلماذا يقاتل السوريون تنظيم الدولة الإسلامية لهدف هو في العراق بالأصل وليس في سورية، ثم يتركون لمصيرهم بين نظام الأسد وتنظيم الدولة الإسلامية بعد وصول أوباما لهدفه في تحقيق الاستقرار في العراق بينما يتم التراجع عن تسليحهم المرة تلو الأخرى!
وما الذي يُبعد ثلاثين قرية كردية سورية عن اليأس، ومن ثمّ مبايعة أبو بكر البغدادي، في ظلّ تخلّي واضح من المجتمع الدولي عنهم؟ وما الذي يدفع فصائل من أحرار الشام على سبيل المثال لعدم الانضمام إلى داعش وهم يرون الإدارة الأميركية تقف متفرّجة أمام تلاشي حركة حزم وبقية الفصائل المعتدلة الأخرى؟ هذا بالإضافة للتعاون الواضح بين الاستخبارات الأميركية والسورية والإيرانية في سورية والعراق، وإلا فكيف يمكن تفسير الضربة التي تم توجيهها لعشرين من قيادات داعش أثناء عقدهم اجتماعاً سرّياً في مدينة القائم الحدودية قرب الموصل، ثم القيام بالترويج أن أبا بكر البغدادي كان موجوداً وأنه يمكن الوصول إليه واستهدافه، في محاولة لإعطاء الانطباع أنّ التحالف يعمل، وأنه مؤثر في الاستراتيجية التي يتّبعها.
يقف المجتمع الدولي أيضاً متفرّجاً أمام المجازر الواحدة تلو الأخرى، بدون أدنى نيّة لتحييد الطيران السوري على أقل تقدير، ومن هذا المنطلق بالذات سيطر الجيش الحرّ على مدينة نوى على حساب قوات الأسد، ومن ضمنها كتيبة الربحة وكتيبة الدبابات وحقل الرمي وسرية الكونكورس وقيادة اللواء 122. وتلعب هذه الانتصارات بالترافق مع سياسة النأي بالنفس التي يتبعها باراك أوباما دوراً محورياً بالنسبة للوضع السوري، وذلك في تكوينها لعامل مضاف لابتعاد السوريين عن مقاومة تنظيم الدولة القويّ، بينما يرفع ذلك من وتيرة التململ لدى العشائر التي تلقت ضربات موجعة من داعش بسبب قيامها بمحاربتها، ومن ثم تم التخلي عنها تحت ضربات السكاكين.
لا يبدو نهائياً أنّ الرئيس باراك أوباما وإدارته، وهم في منتصف الولاية الثانية، قادرون على فهم تعقيدات الشرق الأوسط وتلازم الحلول فيه، وقد يكون تصريح رئيس أركان الجيش البريطاني، نيك هوتون، هو الأكثر منطقية، فالضربة الموجهة لتنظيم الدولة الإسلامية، حتى وإن حققت نصراً باغتيال البغدادي زعيم التنظيم، إلا أنه من المتوقع امتلاكه القدرة على إعادة لملمة صفوفه، وكل ما تقوم به قوات التحالف الدولي هو فقط من باب كسب الوقت للتوصل إلى حلٍّ سياسيّ، لكن أي حلّ سياسي في ظلّ الإستراتيجية الأميركية المخفقة المرّة تلو الأخرى في سورية، والتي تُسهم في إضعاف القوى المعتدلة السورية والعراقية على السواء، يبدو أنّ المنطقة تنتظر تدهوراً أكثر سوءاً في المشهد الأمني قد يصل إلى دول كان المعتقد أنها محميّة من كل تلك الأحداث، المفتاح كان ولا يزال هو التعامل مع التطورات  العراقية والسورية واللبنانية باعتبارها ملفاً واحداً، وليس تفكيكها والتعاطي مع أحدها بشكل سيء ومع الآخر بشكل أكثر سوءاً.