الرئيسة \  واحة اللقاء  \  مسار "جنيف" في خطر

مسار "جنيف" في خطر

19.12.2017
يونس السيد


الخليج
الاثنين 18/12/2017
ثماني جولات من مفاوضات "جنيف"، واكبتها سبع جولات من مفاوضات أستانة والثامنة على الأبواب، أخفقت حتى الآن في إيجاد حل سياسي للأزمة السورية، من دون إغفال بعض النجاحات التي حققتها "أستانة" على المستوى الميداني، لجهة إقامة مناطق "خفض التوتر"، لكن التطور الأبرز هو ظهور ضعف الأمم المتحدة في معالجة الأزمة مقابل تزايد قوة روسيا في الإمساك بدفة الأمور.
بات من المسلّم به أن التدخل العسكري الروسي في سوريا في سبتمبر/أيلول 2015، غيّر الكثير من المعطيات في الصراع السوري وقلب المعادلة الداخلية لمصلحة النظام، ووضع فعلياً مفاتيح الحل بيد موسكو، ومع أنها أعلنت مؤخراً عن سحب الجزء الأكبر من قواتها من سوريا، إلا أن ذلك لن يغير شيئاً على صعيد التوازنات الداخلية، فهي أبقت على قاعدتيها العسكريتين الجوية والبحرية في "حميميم" وطرطوس، كما أنها قادرة على التدخل بقاذفاتها الاستراتيجية وصواريخها الموجهة في أي وقت. الشيء الذي لم يتغير هو لغة المعارضة التي لا تزال تتحدث وكأن موازين القوى تميل لصالحها في المعادلة الداخلية، إذ إنها انطلقت أساساً لتغيير النظام، وإذا ما تخلت عن هذا المطلب فلن يكون هناك من مبرر لوجودها، وهنا تكمن المشكلة. فالنظام يشعر بأنه تجاوز مسألة المطالبة برحيل الأسد ولم يعد في عجلة من أمره للتفاوض على قضايا مثل الدستور والانتخابات بوجود هذا الشرط، وهو يدرك أن هناك منبراً آخر في سوتشي يعفيه من أي مطالبات أو اشتراطات.
هذا الكلام يظهر مضمونه، كما لم يقل بمثل هذه الصراحة من قبل، على لسان المندوب الروسي في الأمم المتحدة أليكسي بورودافكين، إن على وفد المعارضة أن يعلن جاهزيته لمحاربة تنظيمي "داعش" و"جبهة النصرة"، ودعم مناطق "خفض التوتر"، ويكف عن المطالبة برحيل الأسد مع بدء المرحلة الانتقالية، بل طالب المعارضة بالتوقف عن استخدام تعبير "وفد النظام" عند الإشارة إلى الوفد الحكومي.
ربما تكون هذه الأسباب مجتمعة، علاوة على تأخر وفد النظام مرتين عن الالتحاق بالمفاوضات، قد دفعت المبعوث الأممي دي ميستورا إلى تحميل النظام مسؤولية فشل جولة جنيف الثامنة، والتحذير من تقسيم سوريا في حال استبدال "جنيف" بـ"سوتشي"، كما دفعت المعارضة إلى إطلاق صرخة تحذيرية بأن مسار جنيف في خطر، وأن هناك من جاء لاغتيال عملية السلام. وهنا لا بد من الإشارة إلى أن روسيا، على ما يبدو، ليست معنية كثيراً بالضغط على النظام، طالما أن كل ما حدث يظهر عجز الأمم المتحدة ويصب في صالحها.