الرئيسة \  واحة اللقاء  \  مستقبل سورية من المنظور الأمريكي - الروسي..

مستقبل سورية من المنظور الأمريكي - الروسي..

16.05.2013
يوسف الكويليت

يوسف الكويليت
الرياض
الخميس 16 /5/2013
    هل سيعود اتفاق (سايكس - بيكو) بعد الحرب العالمية الأولى والذي أدى لتقسيم بلاد الهلال الخصيب بين بريطانيا وفرنسا، وهذه المرة بتوافق روسي - أمريكي لرسم خارطة سورية القادمة، أم أن اندفاع الروس تجاهها هو قوة الدفع لها في مستقبل المنطقة وغيرها بأن أصبحت محطة الجذب لمسؤولين أمريكان وبريطانيين وإسرائيليين من أجل وضعها في ميزان القوة العظمى، واللاعب في الساحة الدولية؟
كانت أمريكا تستطيع الضغط على روسيا، ما بعد الاتحاد السوفياتي، بتسليح بعض المناطق الساخنة دون أي مكاسب لروسيا، لكن سورية أصبحت المخزون الأكبر لسلاحها بما في ذلك صواريخ متقدمة جعلت نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي يذهب ليفاوض لإيقافها، وروسيا قد لا تذعن لهذا الطلب إلاّ بمكسب جديد، وقد تخاطبها كحليف مؤثر داخل أروقة البيت الأبيض، إلاّ أن إسرائيل لها معادلاتها ورؤيتها حول الأوضاع السورية باعتبار أنها تؤثر في حالتها الأمنية بوجود الأسد وعدمه..
أمريكا وإسرائيل لهما مصالح كبيرة مع روسيا، لكنهما لا تستطيعان وقف تزويد نظام دمشق بالأسلحة، والوقت لازال في صالحها، حيث هي من تذهب إليها الوفود، وتتحدث من موقع قوة، ولعل جرح النظرة الدونية، بعد انحسار دور السوفيات كقوة عظمى، فرض عليها أن تتجه إلى جعل نفوذها متصاعداً، ووجدت في سورية الموقع المميز لأنْ تقارع أمريكا وحلفاءها بذات النفَس السوفياتي القديم..
لكن هل كان ذهاب المندوبين الأمريكيين والبريطانيين هو اختبار نوايا؛ بحيث تظل روسيا في الموقع الذي يميزها، لكنها ليست بقوة وتأثير الدولتين على مسارات المنطقة، لكن في حال تمنعها عن الاتفاق مع الدولتين فإنها تفتح الخيارات الأخرى كتزويد المعارضة بأسلحة متقدمة، وعمل حظر جوي مع ضرب القواعد التي تنطلق منها قوة الأسد، كالمطارات والطائرات والوقود بحيث تجبر الحكومتين على الذهاب، إلزاماً، لطاولة المباحثات في جنيف وفرض حل توافقي باعتبارهما تشبهان موقف بريطانيا وفرنسا في اتفاقية سايكس - بيكو في الظرف السوري الراهن؟
سورية في حال حصار مع قوتيْ تركيا وإسرائيل، وهما جزء ممن يدور في الفلك الأمريكي، وقادرة على جعلهما وسيلة ضغط مباشر على النظام، وأدوات تحريك لأي عمل تريده، وهناك دول عربية لا تقل تأثيراً، هي الأقرب في هذه الظروف من السياسة الأمريكية، المعاكسة لروسيا..
هناك احتمالات أن قناعات ظهرت بعد هذه المباحثات بأن مستقبل سورية قد ينزلق نحو دولة يسيطر عليها متشددون إسلاميون، أو أن يتم تقسيمها على أساس طائفي وعرقي، وأن الأسد احترقت آخر أوراقه، وبالتالي جاءت القراءة الدقيقة أي الوصول إلى حل يبعد المتطرفين، والأسد معاً، ويعمل على حكومة انتقالية تحت إشراف دولي، تؤسس لانتخابات عامة تراعى فيها كل المعوقات، والحفاظ على وحدة بلد تلعب جغرافيته المؤثرة على كل بلدان الجوار العربية منها والإقليمية، على أن تأتي القرارات بدون تنازلات لطرف لصالح آخر، وتصبح الدولتان مركز الثقل في عمليات دولية أخرى قادمة كشريكين مميزين..
روسيا لا تملك غطاءً شعبياً في الداخل السوري، إلاّ اعتمادها على النظام وبقائه، لكنها تدرك أن زوال الأسد سيجعلها الخاسر الأكبر والشعور بالهزيمة، وعملية أن تتفق مع أمريكا يبعدها عن الملامة، ويحفظ لها دورها..