الرئيسة \  واحة اللقاء  \  مسيحُ دمشق المنتظر بعد الغزل الإيراني لأمريكا.!

مسيحُ دمشق المنتظر بعد الغزل الإيراني لأمريكا.!

26.09.2013
احمد ابراهيم


القدس العربي
الاربعاء 25-9-2013
مهما انقشعت الغمامةُ والسُحُب عن فضاءات القارات والأقاليم، يظلّ الغموضُ سيد الموقف، فقد عاد وانقشع الغموض كنجمة السماء في فضاءات دمشق وطهران. الإيرانيون جنبنا جغرافياً، لكنهم ظلّوا دائماً خارج المنال العربي، وأحسن قائل فيهم: (إنهم كالظلّ كلما جريت خلفه جرى عنك، وكلما جريت عنه جرى خلفك).. وقائل آخر أحسن القول ايضا (ان إيران بوسط العرب، لكنها قبلت الإسلام ولم تقبل العروبة).. بينما السوريون في الصميم قلباً، لكن البعث العربي الإشتراكي حزب نعرته هي الأخرى ظلّت غامضة وغريبة عن العرب والإسلام، رُفعت تارةً لمحاربة الإسلام باسم العروبة، ثم عادت تارةً تغزو العروبة باسم الإسلام، وتارةً تهجو العجم باسم العرب، وتارةً تلتحق بالعجم لقتل العرب، وتارة تتكاتف
ببعضها البعض لتقتل بعضها البعض ثم تدفن نفسها بنفسها.
الأرضُ هذا الكوكب الجميل الذي يسكنه الإنسان والحيوانُ معاً، يعطينا احصائية عن الإنسان لمحة بلمحة، عن الوفيات والمواليد، فنعرف ان عدد سكان العالم تجاوزوا 7.180 مليار إنسان، ولكن لا نعرف ذلك عن الحيوانات، فلا ندري كم عددها في هذه الدنيا بين صحاريها وغاباتها وبراريها وبحارها؟ وكم مات وكم ولد؟.. الا أننا نعرف ان الكلب لا يأكل الكلب ولا القطة تأكل القطة، ولا حتى الأسد يأكل الأسد أو الذئب يأكل الذئب، بينما الأنسان أدركناه يأكل لحم أخيه ولحم ابن عمه الأنسان، كما يأكل لحم الحيوان.
لم نقرأ يوما، ولم نكن نسمع قبل اليوم عن غاز الخردل، والسارين .. وكانت كلمة (دمشق) لصيقة بذاكرة الإنسان العربي الذي يقرأ ويكتب، بانها عاصمة العلم والنور والثقافة تعلمنا القراءة، صحيح نحن أمةُ إقرأ لكننا أمةٌ لا تقرأ.. مع هذا فان القارئ العربي في قراءاته مدين لعواصم أربع، ما من كتاب في المكتبات العربية ترفعه وتقلب الغلاف الا وتجد مكتوبا عليه (طُبع في بيروت، طبع في القاهرة، طبع في دمشق وطبع في بغداد).. إذن إفهموا يا قرّاء العرب، هناك من يسعى لإحراق تلك العواصم بغازات سحرية، قد تبقى غير مرئية لكنها قد تفوق الخردل والسارين وغيرهما، إذ المتتبع بعين البصيرة يدرك ان تلك العواصم كلها مضبّبة بغازات من كل الانواع.
ترى لماذا قدمت دمشق قائمتها الكيماوية في لاهاي بعد ان دخلت عنق الزجاجة، ولم تقدمها قبل ذلك برحابة صدر إلى العواصم العربية من بيروت الى القاهرة، ولماذا هذا الإصرار السوري على قتل السوريين، ألا تتوقعون ان التنازلات العربية اسهل بكثير من اللاعربية، تجربتنا عبر التاريخ انه إذا جلس عربي بجوار ابن عمه العربي، وحاوره وعانقه وسامحه واستسمحه، لحصلت هناك تنازلات كثيرة وتوافقات اكثر، وهذا ما لم ترده دمشق منذ سنتين ونصف السنة، صدقوني كان الأمر أسهل على سورية مواجهة وتخلصا، مما قد تواجهه الأسبوع القادم مع المجلس التنفيذي لمنظمة الأسلحة الكيماوية الذي يضم 41 عضواً لمراجعة المخزون السوري منها، والتاريخ يعيد نفسه بسهولة، لو أن صدام حسين سحب جيوشه من الكويت لحصل غير ما حصل ولازال يحصل لبغداد، وان حسني مبارك لو مشى على رجليه الى ميدان التحرير وصافح أبناءه الشباب لحصل غير ما حصل ولازال يحصل للقاهرة، بل ولعلّ أبناءه الشباب مشوا خلفه يهتفون بحياته باسم مصر، لأننا نعرف طيبة المصريين.. وهذا ما لم يرده بشار الأسد لنفسه، مقتنعا ان الحياة تأتيه من وراء الحدود من موسكو وطهران. وما يقوله خبراء أمنيون إن سورية تمتلك نحو 1000 طن من غازات الخردل وفي. إكس في اشارة واضحة لتكرار تلك الأسطوانة التي غُرّدت فوق بغداد بحجّة أسلحة الدمار الشامل، وان دمشق كلما تقاعست عن الإفصاح، أعطت ذريعة أقوى للقوى العالمية للتحرك من خلال مجلس الأمن، وان الاعتماد الكلي على موسكو وطهران، عُلبة فاسدة كادت تنتهي صلاحيتها إن لم تنته فعلا. إذ طهران (الروحاني) في غزل دبلوماسي مع البيت الأبيض، وموسكو ليست لدمشق من أجل دمشق، قدر ما هي للإيحاء العالمي بأن هناك واشنطن فهناك موسكو، وقد لا تطول هذه الترنيمة الروسية السورية لبشار وحده، إذا ضمنت موسكو مصالحها من دون بشار، بل ومن دون دمشق. لا أفهم هذا الإصرار على الرئاسة في عاصمة سوف تكون فيها وحدك، وان اعددت نفسك للرئاسة بسباق الانتخابات من جديد، فإنك كالحصان الذي يجري في حلبة السباق لوحده، فيطلع الأول، لأنه لم يكن هناك ثان وثالث ورابع .. ما رأيك بدل ان تجر الحصان ذاته بإرسال الدبابات ذاتها والصواريخ ذاتها، تهبط الأرض السورية، وتمشي عليها بكعب نعليك تجاه كل الشعب السوري بباقة ورد وقصيدة اعتذار وطاحونة إعادة البناء، وأحبولة التصالح، وحزام التآزر، وآيات (أمرهم شورى).. ألا تعتقد انك بذلك ستبقى مواطنا سوريا كريما محببا للشعب السوري تزرع معه وتحصد معه بدل ان تحرق الحرث والنسل بنفسك لنفسك.