الرئيسة \  مشاركات  \  مسيو "دي مستورا" عد أدراجك فشعب سورية يرفض وساطتك!

مسيو "دي مستورا" عد أدراجك فشعب سورية يرفض وساطتك!

30.12.2014
الطاهر إبراهيم




على أرض الواقع، يبدو أن نظام بشار أسد أكثر احتياجا لأية مبادرة تطرح لتسوية الأمور في سورية. ودون الدخول في التفاصيل فهو معني بذلك لأن نظامه مسئول أكثر من غيره في كل ما حصل ويحصل من قتل وتدمير في سورية. ما يعني أنه مسئول دوليا عن استقرار سورية التي يحكمها. فقد أضحت دمارا أنى ذهبت في المدن وحتى في القرى، تم ذلك ببراميل النظام ومدفعيته، ومئات آلاف القتلى قتلوا بأيدي شبيحته أو تحت ركام براميله التي قصفها.
لو تعمقنا أكثر في قضية التسوية التي انتدب لها "ستيفان دي مستورا"، فإن دول مجلس الأمن الخمسة الكبار، ليس لديها وهْم بأن هذا الوسيط الدولي يمكنه تقديم حل ولو جزئيا في سورية. وقد فشل قبله كوفي أنان والأخضر الإبراهيمي. غاية ما في الأمر أنه يملأ فراغا، ولا يهم عند هذه الدول كيف سيتم ملء الفراغ. ما يظهر إن دي مستورا يحاول أن يبيع الوهم للسوريين إذا وجد من يشتري منه.
بشار أسد يعيش في ورطة حقيقية. يريد أن يكسب مساحات على أرض المعركة، قبل أن تتفق  واشنطن وموسكو على فرض حل في سورية. لكن على ما يظهر فإنه لم يتقدم خطوة ملموسة تؤكد أنه كسب شيئا. لأن القرى التي استولي عليها بالأمس عادت اليوم إلى حيازة المعارضة المسلحة. بل إنه خسر في شهر كانون الأول من عام 2014 مساحات استراتيجية شاسعة في وادي الضيف والحامدية جنوب شرق معرة النعمان بمحافظة إدلب، مع خسارته دبابات سليمة ومدافع ميدان وآليات وذخيرة كسبتها جبهة النصرة وأحرار الشام، ليس في الأفق المنظور أنه يستطيع أن يعوض هذه الخسارة.
لايكتمل البحث حول وضع نظام بشار ما لم نحط بكافة الجوانب المؤثرة في علاقته مع حلفائه سواء أكانوا ميليشيات شيعية مقاتلة أو دولا تدعمه. ليس سرا أن بعض المليشيات التي تحارب مع بشار أسد بدأ يظهر منها مايقلق النظام. بدأ بعض شبيحته بفرض أتاوات على الأقلية العلوية في حمص. وكانوا من قبل أتوا ليشعروهم بالأمن من منطلق التضامن معهم. لكن الأمن لم يعد  بالمجان فكل علوي عليه دفع 300 دولار شهريا. يقول علويون في حمص أنهم مجبرون على الدفع للشبيحة بعد أن أصبحت خزانة الدولة شبه خاوية.
من جهة أخرى انسحبت الميليشيات الحوثية التي كانت تقاتل في سورية مع بشار أسد وعادت إلى اليمن لقتال أبناء بلدهم. أما جند حسن نصر الله، فقد بدأ أهلهم يشعرون أن سورية صارت مقبرة للبنانيين من حزب الله،مهما حاول نصر الله أن يضفي على القتلى من مجد وأكاليل غار. فهم يقاتلون السوريين داخل سورية لا داخل إسرائيل. استطرادا بدأنا نسمع خلافا بين وزراء من تيار المستقبل. فوزير الداخلية نهاد المشنوق يسمى قتلى حزب الله الذين يسقطون بنيران جبهة النصرة وداعش في القلمون بالشهداء. أما وزير العدل أشرف ريفي فلا يعتبر شهيدا إلا من قتل في الحرب مع إسرائيل.
ولعل الهم الأكبر الذي يشعر به بشار أسد أن المال الذي كانت تقدمه طهران لمجهوده الحربي بدأ يشعر أنه ينضب، خاصة بعد تدهور أسعار النفط التي وصلت إلى أقل من نصف قيمتها. وإذا علمنا أن طهران وضعت ميزانيتها الحالية على أساس 115 دولار للبرميل، فلا يبعد أن يشعر بشار أن عليه أن يقلع شوكه بيده، وأن عليه أن يتطلع أكثر إلى حل دولي يجنبه مصيرا تعمل الفصائل المقاتلة على جعله أسود.
هذه الفصائل أمضت ثلاث سنوات عجاف وقد خذلها فيها الأخ قبل الصديق. لذلك فمجيء دي مستورا للتوسط بين المتقاتلين في سورية لن يؤثر في مشروعها. لأن هذه الفصائل تشعر أنها في منتصف المعركة، وليس عليها إلا المضي فيها إلى الآخر. لأن نكوصهم والتسليم بأي حل آخرإلا إسقاط بشار ونظامه، فإنهم سيكونون عرضة إلى اعتقال قياداتهم وسوقهم ل غوانتنامو جديد، كما فعل بالأفغان العرب. عدا عن أن الحلول الوسط والأقل من الوسط ليست واردة في قاموس أي فصيل من الفصائل المقاتلة.
أما ما نرى من حماس لدى البعض من معارضة اسطنبول، فهو زبد لا يلبث أن يذهب جفاء، ولا يؤشر على أنه مقبول عند أي من الأطراف. أما نشاط الهادي البحرة اليوم فيدفعه إليه أن فترته في رئاسة الائتلاف أوشكت على النفاد وأنه يشعر أن عاصي الجربا يعد الساعات ليعود إلى كرسي الائتلاف، ولن يسلم له البحرة بذلك بعدما ذاق عسيلة الرئاسة. عدا عن أن الفصائل المقاتلة ليس في واردها أن تسلم للسيد دي ميستورا بما يسعى إليه. وليس أمامه إلى العودة إلى مستودعات الأمم المتحدة وانتظار أي مشكلة أخرى تطرأ في مكان آخر.