الرئيسة \  واحة اللقاء  \  مشاركة المعارضة الفعالة " في جنيف 2" ضرورة قومية ملحة

مشاركة المعارضة الفعالة " في جنيف 2" ضرورة قومية ملحة

22.01.2014
د. محمد صالح المسفر


الشرق القطرية
الثلاثاء 21/1/2014
غدا الثاني والعشرون من شهر يناير المقرر أن ينعقد فيه مؤتمر جنيف 2 بمنتجع مونتريو السويسري بشأن الحالة السورية ما لم تعتور طريقه أي مفاجآت غير متوقعة، وسوف يلتقي للمرة الأولى وجها لوجه كل من ممثلي "الائتلاف لقوى الثورة والمعارضة ونظام بشار الأسد"، يتجاذب هذا المؤتمر قوتان متضادتان الأولى روسيا والصين وإيران وحزب الله، ومشروعهم في المؤتمر آنف الذكر التحشيد الدولي لتبني بند واحد ولا غيره وهو الحرب على الإرهاب ودعوة المجتمع الدولي لمناصرة هذا المشروع. والقوة الثانية هي الولايات المتحدة الأمريكية ومجموعة الاتحاد الأوروبي والسعودية والائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة ومشروعهم تطبيق قرارات مؤتمر جنيف الأول الذي جاء فيه، إلى جانب أمور أخرى، "تكوين هيئة حكومة تنفيذية انتقالية كاملة الصلاحيات بما في ذلك الجيش والقوى الأمنية... إلخ".
(2)
من المؤسف أن الطرف الأول يحضر المؤتمر وهو متمتع بوحدة الصف والهدف ويتجلى ذلك في جر المؤتمر بعيدا عن مقررات مؤتمر "جنيف الأول" والتركيز على أن يكون الحوار حول محاربة الإرهاب والابتعاد عن جوهر المشكلة وهي تجريد نظام بشار الأسد من جميع سلطاته عن طريق تشكيل هيئة تنفيذية انتقالية كاملة الصلاحيات من المعارضة ومن ترتضيه من أعوان بشار الأسد برعاية دولية، بينما الفريق الآخر يحضر وهو مختلف فيما بين أطرافه أمريكا والمجموعة الأوروبية أعينهم على أمن إسرائيل، والخشية عندهم إذا تمكنت قوى الثورة والمعارضة والتيارات الإسلامية من إسقاط النظام الأسدي فماذا سيكون الحال مع إسرائيل؟ أمريكا والأوروبيون لن يمكنوا قوى الثورة السورية من أسلحة نوعية ترجح الكفة في الميدان لصالحهم أو في أحسن الحالات تحقق توازن القوى إلا إذا ضمنوا عدم وصول تلك الأسلحة النوعية إلى أيدي حركات إسلامية متطرفة، الائتلاف لقوى المعارضة والثورة يعاني من تفكك وارتباك. لقد شكل انسحاب 44 عضوا من الائتلاف ضربة موجعة لذلك التنظيم في هذه الظروف الصعبة، رغم أنهم يقولون إن انسحابهم لا يشكل قطيعة مع "الائتلاف"، الأمر الثاني أن هناك قوى تحمل السلاح ليست منظمة إلى الائتلاف وهي تعارض بشدة انعقاد مؤتمر "جنيف 2" بل تعتبر أن كل الحاضرين لذلك المؤتمر من السوريين أيا كانت صفتهم فهم في عداد الخونة وعملاء لأطراف دولية وإقليمية، ويزيد في إرباك المعارضة والثورة اشتراط الولايات المتحدة الأمريكية حضور ممثلين عن التنظيمات الإسلامية ضمن وفد الائتلاف. ولكي يستعيد "الائتلاف" مكانته فلابد أن يعمل جاهدا مع حلفائه في المؤتمر لاستخراج قرار من المؤتمر يجبر نظام بشار الأسد على إطلاق سراح المعتقلين من كل الأطياف والأعمار وأن يحظر استخدام الطيران العسكري بكل أنواعه في الأعمال العسكرية ضد المدن والقرى وكذلك تجريم استخدام البراميل المتفجرة ضد الشعب.
(3)
لقد أحسن الائتلاف صنعا عندما قرر المشاركة رغم الانقسامات في صفوفه. إن الائتلاف لقوى الثورة والمعارضة يذهب إلى "جنيف 2" وهو مسلح بمنظومة من قرارات الأمم المتحدة وهي القرارات (2042، 2043، 2118 وقرار الجمعية العامة رقم 67 / 262) وأهمية قرار الجمعية العامة في فقرته 26 تنص على "الترحيب بإنشاء الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة باعتباره يضم الممثلين اللازمين لعملية الانتقال السياسي".
الأخضر الإبراهيمي الوسيط الدولي يفسر الفقرة السابقة بقوله: "... إيجاد معارضة مقنعة" لكنه لم يبن مقنعة لمن؟ هل هي مقنعة للنظام الحاكم في دمشق، أم مقنعة لإيران، أم مقنعة لروسيا؟ أم أنه أراد من قوله ذلك" التحكم في مخرجات التفاوض الذي سيحدث في "جنيف 2". في قرار مجلس الأمن رقم 2118 ثلاث فقرات هامة حول ما يتعلق بالانتقال السياسي. الفقرة 15 تتحدث عن ضرورة محاسبة الأفراد المسؤولين عن استخدام الأسلحة الكيماوية وهذا جزء من عملية الانتقال السياسي بصلاحيات تنفيذية كاملة. الفقرة 16 تتحدث عن تبني كامل لاتفاق "جنيف 1" وبدء عملية سياسية تبدأ بإنشاء حكم انتقالي كامل الصلاحيات. الفقرة 21 تتحدث عن إجراءات جزائية في حال مخالفة القرار بكامل بنوده. تنص الفقرة آنفة الذكر "يتخذ مجلس الأمن كافة التدابير طبقا للفصل السابع من الميثاق... إلخ" جملة القول إن وفد الثورة والمعارضة سيذهب إلى جنيف وهو مسلح بقرارات مجلس الأمن والجمعية العامة وأصدقاء سوريا.
(3)
لست أدري لماذا يتخوف البعض من مؤتمر "جنيف 2" وبيدهم قرارات دولية وإلى جانب ذلك التأكيدات الأوروبية والأمريكية بأنه لا مستقبل لبشار الأسد في سوريا. إن المشاركة الفعالة في أعمال المؤتمر آنف الذكر ضرورة قومية لأن أهمية ذلك المؤتمر ليست تفاوضية طبقا لنصوص قرارات الأمم المتحدة. إنه حقا، مؤتمر إجرائي لنقل السلطة الكاملة إلى الهيئة التي حددتها قرارات الشرعية الدولية. إن الاختلافات والانقسامات في صفوف المعارضة والثورة هي العوامل التي تشجع النظام وأنصاره على الاستمرار في الرفض وإقناع دول أخرى بأن المعارضة ليست موحدة وأنها تشكل خطرا على الأمن وسلامة وحدة الأراضي السورية وأنها تشكل بؤرا للإرهاب.
إنه واجب قومي يحتم على معارضة الداخل "لجان التنسيق" ومعارضة الخارج أن يشكلوا فريق عمل موحدا للذهاب إلى جنيف والاشتراك بفعالية في ذلك المؤتمر لإثبات اتفاقهم جميعا على إسقاط النظام. إن معارضة البعض للمشاركة في المؤتمر تقوي الوفد المشارك في تحقيق الأهداف الوطنية وليس الانسحابات الفردية أو الجماعية ومن ثم الاقتتال. إن السوابق التاريخية لحركات التحرر الوطني تبين ضرورة إيجاد طرف معارض ليكون عامل قوة للمفاوض من أجل تحقيق الأهداف المطلوبة. إن جبهة التحرير الجزائرية في عصر مقاومتهم للاحتلال الفرنسي في خمسينيات القرن الماضي لم تُجمع قيادة الجبهة على حضور مؤتمر ايفيان الذي أدى إلى استقلال الجزائر وقد نجح ذلك التكتيك البعض يقاتل والبعض يفاوض، وهكذا فعلت الحركة الوطنية الفيتنامية مفاوضات مع الأمريكان في باريس وقتال يجري على الأرض ضد الوجود الأمريكي، وأخيرا انتصرت الثورة الفيتنامية.
آخر القول: فاوضوا واستعينوا بخبراء في القانون الدولي وعلم السياسة الدولية وفنون التفاوض والصياغات في كل ما يكتب، وقاتلوا صفا واحدا رغم خلافاتكم، هدفكم إسقاط النظام.