الرئيسة \  واحة اللقاء  \  مشكلة سوريا الأوسع... في وقت ضيق!

مشكلة سوريا الأوسع... في وقت ضيق!

17.09.2013
ترودي روبن



الاتحاد
الاثنين 16/9/2013
عندما يلقي شخص ما بطوق نجاة إلى شخص يغرق فلا يمكن التشكيك في نوايا المنقذ. فقد حرص أوباما على أن يمسك بحبل إنقاذ ألقاه الروس تمثل في مقترح بأن يتولى مراقبون دوليون أمر الترسانة الكيماوية السورية ويدمرونها. وقدم عرض موسكو مبرراً لإرجاء التصويت في الكونجرس الأميركي من أجل التفويض بضربة عسكرية ضد سوريا، وهي ضربة هدفها معاقبة الأسد لتجاوزه "الخط الأحمر" باستخدام الأسلحة الكيماوية ضد المدنيين. وأنقذ الكرملين أوباما من إهانة علنية إذ كان من شبه المؤكد خسارته التصويت.
ولا يخفي بوتين علاقته الباردة بأوباما، لكن موسكو قصدت بمبادرتها مساعدة حليفها الأسد في تفادي ضربة عسكرية أميركية يتوقع أن تستفيد منها المعارضة السورية.
لكن هذا المتنفس يقدم لأوباما فرصة أخرى لإعادة صياغة السياسة غير المتناسقة بشأن سوريا فيما يتعلق بأسلحة الأسد الكيماوية وفيما يتجاوز هذا.
وفيما يتعلق بالأسلحة الكيماوية يتعين على أوباما أن يقرر ما يريد الخروج به من هذه الفرصة الدبلوماسية الجديدة.
ويشكك معظم الخبراء في أن الأسد سوف يسلم معظم الأسلحة التي سيكون من الصعب العثور عليها لأنها موضوعة في أماكن متفرقة وسيكون تدميرها أكثر صعوبة، وقد يستغرق ذلك شهوراً أو سنين.
وقال رايان كروكر، السفير الأميركي السابق في سوريا، "سيتعين علينا فحسب أن نرى مدى جدية الروس بشأن كيفية مخاطبة السوريين". حتى مع الضغط، فجمع مخازن كبيرة من الغازات السامة السورية قد يكون مهمة مستحيلة.
ويضيف كروكر، وهو الآن عميد مدرسة بوش للحكومة في جامعة تكساس: "الأرجح أن بوتين والأسد يلعبان فحسب بالوقت، ويحسبان أنه كلما مر وقت أكبر كلما قل احتمال توجيه ضربة". ويعتقد بعض الخبراء في سوريا أن الأسد سوف يحاول دخول لعبة التفتيش حتى عام 2014 عندما تجري انتخابات رئاسية جديدة. وقال مرهف جويجاتي، وهو خبير في شؤون سوريا بجامعة الدفاع الوطني، "سوف يغش ويكذب ويفوز بالانتخابات ليفرض نفسه على العالم. وروسيا ستساعده". وبعبارة أخرى، قد يتضح أن الدبلوماسية الجديدة بشأن سوريا مجرد خدعة.
ولتفادي ذلك، يتعين على الإدارة الأميركية الإصرار على المواعيد النهائية لأي مشروع لجمع الأسلحة الكيماوية. وسيتعين على فريق أوباما استخدام دبلوماسية ماهرة في الدهاليز-وليس التهديد والإدانة العلنية- لحشد دعم أكبر من أجل قرار أشد صرامة في الأمم المتحدة يحمل الأسد مسؤولية الجرائم ضد شعبه. وهذه هي اللحظة التي يُعزل فيها الأسد، وعلى البيت الأبيض إظهار المقتطفات التي تثبت أن عناصره أمروا بتنفيذ هجوم كيماوي.
ومن المثير للسخرية أن إيران تستطيع لعب دور محوري في هذا الأمر. فالمسؤولون الإيرانيون لديهم كراهية شديدة لاستخدام الغازات السامة التي استخدمها صدّام لقتل عشرات الآلاف منهم أثناء حرب الثماني سنوات. وأنكرت تغريدات على تويتر ومقابلات لمسؤولين إيرانيين، استخدام الغازات في سوريا، دون أن تشير بأصابع الاتهام إلى مقاتلي المعارضة كما فعل بوتين. وحمّل بعض المسؤولين صراحة الأسد مسؤولية الهجمات بالغاز
وبينما تدعم إيران نظام الأسد فهي تريد أن تتجنب مذبحة أخرى بغاز السارين. والاتصالات في الدهاليز بين واشنطن وطهران، ولو كانت غير مباشرة، قد تمهد الطريق لمشروع مقبول بشأن الأسلحة الكيماوية، ما قد يقلص احتمالات سقوط هذه الأسلحة في أيدي الجهاديين، وهو أمر يهم موسكو أيضاً. وبدلا من المجازفة بإجراء إسرائيلي، فربما تريد إيران منع الأسد من نقلها إلى "حزب الله". وبعبارة أخرى، يتعين أن تتمخض الدبلوماسية بشأن أسلحة الأسد الكيماوية عن بعض النتائج المفيدة.
وإذا كان هناك شيء يمكن إثباته مع اقتراب الأزمة من ذروتها فيما يتعلق بالخط الأحمر، فإن البيت الأبيض يحتاج إلى استراتيجية بشأن سوريا تتجاوز الأزمة الحالية. ويحتاج أوباما أيضاً لإعادة النظر في احتمال استخدام القوة وموعد ذلك.
وما كان لروسيا أن تعرض فكرة التحكم في أسلحة الأسد لولا التهديد بضربة عسكرية أميركية محتملة، حتى وإن أكد كيري أنها ستكون "صغيرة بشكل لا يصدق".
وحتى إذا لم يرد أوباما استخدام ضربات عسكرية، فعليه إعادة النظر في قضية تسليح المعارضة المعتدلة. وإلا سوف تتجه سوريا إلى انقسام بين دولة الأسد وإمارات يديرها إسلاميون متشددون جيدو التسليح بعد أن تغلبوا على المعتدلين الأضعف عتاداً. وسوف يستمر تدفق اللاجئين إلى لبنان والأردن وتركيا والعراق.
فالتركيز الأميركي الضيق على الأسلحة الكيماوية يعطي الأسد الضوء الأخضر لذبح شعبه بكل الطرق الأخرى الممكنة. وهذا ما يفجّر سوريا بطريقة تهدد جيرانها.
لقد أعطى بوتين أوباما (وبغير قصد) فرصة لإعادة صياغة استراتيجية تتعامل مع مشكلة سوريا الأوسع، في وقت ضيق.