الرئيسة \  واحة اللقاء  \  مصر على طريق سورية؟

مصر على طريق سورية؟

09.07.2013
فهد الخيطان


الغد الاردنية
الثلاثاء 9/7/2013
لم تجدِ نفعا دعوات رجال الدين والسياسة لأطراف الصراع في مصر؛ سالت الدماء في الشوارع، وسقط الضحايا من كل الأطراف.
هل وصلنا إلى نقطة اللاعودة في مصر؟
مصيبة كبرى أن تسير مصر على طريق سورية. صحيح أن التركيبة الاجتماعية في مصر لا تنطوي على ذلك القدر من التعقيد القائم في سورية، لكن للحروب الأهلية وصفات كثيرة. في حالتي سورية ومصر ثمة قاسم مشترك؛ الجيش والإخوان. في سورية اتخذ الصراع شكلا طائفيا صارخا، وفي مصر سيذهب الاستقطاب الحاد بين المعسكرين إلى مواجهة مفتوحة حول الشرعية.
كان واضحا منذ اليوم الأول لعزل محمد مرسي أن "الإخوان" لن يسلموا بالنتيجة مهما كان الثمن. الروح السائدة في ميدان رابعة العدوية تشي برغبة في التصعيد والصدام مع الجيش وقوى المعارضة، وكل من يناصر ثورة "تمرد" أو "الانقلاب" بتعبير الإخوان. وأكثر من ذلك، هددت مجموعات متشددة بالعمليات "الجهادية" ضد الجيش وقيادات المعارضة "العلمانية". وقد شهدنا بواكيرها الأولى في سيناء والعريش، وراح ضحيتها جنود حرس الحدود، وطال الانتقام أيضا رجال دين أقباطا.
الملامح الأولى للمواجهة تحمل سمات التسعينيات، عندما شنت المجموعات الإسلامية حربا دموية على القوى الاجتماعية المناهضة لها، وراح ضحيتها المئات من السياح الأجانب، وأفراد الأمن والجيش، والمثقفين، والأبرياء؛ وخلفت خسائر اقتصادية كبيرة.
وإذا ما سارت مصر على هذه الطريق، فإننا بصدد "أنموذج" جديد للحروب الأهلية الدائرة في أكثر من بلد عربي. وعندها سيكتمل في ذهن الكثيرين التصور المسبق عن "الربيع العربي" بوصفه مؤامرة لتقسيم الأمة وتفكيكها -وكأنها كانت موحدة- لمصلحة إسرائيل وأعداء العرب والمسلمين، وهم في الغالب ما تبقى من دول العالم الغربي والشرقي!
بيد أن الحقيقة أبلغ من ذلك التصور الساذج، وتخصنا نحن ولا تخص أميركا وروسيا.
الدول التي تشهد حروبا أهلية، أو على وشك الدخول فيها، عانت من ويلات الصراع الداخلي من قبل؛ النظام السوري في مواجهته الدموية مع الإخوان المسلمين في ثمانينيات القرن الماضي، ولبنان بحربه الأهلية المديدة، والعراق بحروبه في الداخل ومع الجيران، والمواجهة مع المتشددين في مصر. وأمام شعوب وأنظمة تلك الدول تحضر تجربة الجزائر بويلاتها.
الراجح حتى الآن أن أحدا لم يتعلم من تجربته ولا من تجربة الآخرين. قالوا إن اللبنانيين لن يكرروا ما حصل، وثبت في الأشهر الأخيرة أنهم يهرولون للمواجهة الأهلية بعزيمة تفوق عزيمة المتصارعين في زمن الحرب الأهلية الأولى.
في العراق وفي سورية، الزمن يعيد نفسه على نحو أكثر مأسوية؛ في الثمانينيات دمر النظام السوري مدينة واحدة "حماة"، في القرن الواحد والعشرين لم يتردد في تدمير كل المدن السورية، ولم تعف القوى المتشددة هي الأخرى عن استخدام نفس وسائل الإرهاب والقتل على الهوية.
لماذا نريد من المصريين أن يتعلموا الدرس دون سواهم من شعوب وأنظمة عربية؛ في تاريخهم الطويل رصيد حضاري أكبر؟ هذا صحيح، لكننا جميعا أبناء الحاضر، ويا له من حاضر!